لا تزال التعدّيات الصارخة على حُرمة أموال المساهمين، التي تقدّر بمئات آلاف الدنانير، إضافة إلى جُملة المخالفات الإدارية والتلاعبات من بعض أعضاء مجالس الإدارة، تتكشف داخل الجمعيات التعاونية، والتي بلغت حداً خطيراً يستلزم تدخّلاً سريعاً وعاجلاً من الجهات الحكومية المعنية ونواب مجلس الأمة، ليتسنى تغليظ العقوبات القانونية على مَن يثبت تورّطهم في هذه التجاوزات، فضلا عن إعادة صياغة ضوابط واشتراطات الترشّح لعضوية تلك المجالس، لضمان وصول أعضاء يحافظون على المراكز المالية للتعاونيات، ويضعون أموال المساهمين نصب أعينهم.

ويعدّ أحدث هذه التعديات ما ذكره التقرير النهائي للّجنة المشكّلة من وزارة الشؤون الاجتماعية لمراجعة أعمال وحسابات إحدى الجمعيات التعاونية في محافظة الجهراء، والتي قامت بفحص القيود والسجلات المحاسبية وأساليب المراجعة الأخرى، إضافة إلى متابعة السياسة الشرائية ومعدل دوران المخزون وآلية طرح الفروع المستثمرة بالجمعية، من ثم أوصت بعزل أعضاء في مجلس إدارة الجمعية وإحالتهم إلى النيابة العامة، فضلاً عن إحالة 13 مسؤولاً من أصحاب عُهد بعض الأسواق الكبرى إلى النيابة.

Ad

العجز 343 ألفاً

ووفقاً للتقرير، الذي حصلت «الجريدة» على نسخة منه، فإن عمليات الجرد السنوي لأسواق الجمعية المركزية للسنة المالية المنتهية في 31 ديسمبر 2021، أظهرت وجود عجز مالي ضخم في العُهد يقدر بنحو 343 ألف دينار، في حين بلغ إجمالي مبالغ البضائع الراكدة 33773 دينارا، لعدم اتّباع سياسات شرائية سليمة في مخالفة لنص المادة 77، من القرار الوزاري 46/ 2021 بشأن لائحة تنظيم العمل التعاوني، مما ترتب على ذلك رغم إبلاغ مجلس الإدارة بهذا العجز بواقع 5 تقارير رسمية صادرة عن رئيس قسم المحاسبة، غير أنه صادق عليها بحضور جميع أعضائه وبواقع محضر رسمي.

وأشار التقرير إلى أن وقائع الاطلاع على البيانات المالية والإدارية للجمعية المتداولة في تقارير رئيس قسم المحاسبة، أثبتت سوء الإدارة الذي ترتب عليه زيادة في المصروفات والمشتريات مقابل نقص حاد في المبيعات والإيرادات انعكس وبالاً على حجم السيولة المالية، وأضعف مركز الجمعية المالي، وتسبب في عجز سيولة بنسبة 33 بالمئة خلال عامي 2020 و2021، الذي قدّر بنحو 2.250 مليون دينار، إضافة إلى عدم وجود ودائع للجمعية لدى البنوك، حيث تم إبلاغ مجلس الإدارة بالتقارير من قبل رئيس قسم المحاسبة، والتي تؤكد وجود خلل وتضخّم في عُهد الأسواق، وطالب بعمل جرد احترازي، غير أن المجلس لم يأخذ بما جاء في تقريره، مما أدى إلى العجز، في مخالفة صارخة للمواد 64 و72 و13 من القرار الوزاري 46/ 2021، فضلاً عن مخالفة المادة 35 مكررا من القانون 118/ 2013 بشأن الجمعيات التعاونية.

احتكار... وفروق أسعار

وكشف التقرير أن عمليات المراجعة لشركات توريد الخضار أظهرت وجود احتكار في توريده، كما أن الجمعية قامت عام 2021 بعمل تخفيض أسعار على بعض السلع بالأسواق المركزية عبر شركات، بقيمة بلغت 233825 دينارا لدعم السوق المركزي عن طريق فروق الأسعار، حيث قامت لجنة المراجعة بمخاطبة الجمعية لتزويدها بالأصناف المشمولة بالتخفيضات، غير أنها لم تردّ، ولم يثبت ما إذا كانت فروق الأسعار عبارة عن مهرجانات أو فروق أسعار، حيث تبيّن توجيه الجمعية إيراداتها كإشعارات إلى الأسواق المركزية، في مخالفة صريحة للفقرة السابعة من المادة 82 بالقرار الوزاري 46/ 2021.

وبيّن أن الجمعية قامت بعمل سلسلة مهرجانات في 2021، دون وجود ترخيص مسبق من وزارة التجارة في مخالفة لنص المادة 77 من القرار السالف ذكره، فضلا عن قيام رئيس مجلس الإدارة في مارس 2020، بصرف 9900 دينار نظير توزيع كمامات ومعقّمات وقفازات طبية بقرار فردي، ولم يتم سداد المبلغ حتى تاريخه، والمادة 29 من القرار الوزاري 166/ 2013 بشأن النموذج الأساسي للجمعيات.

مكافآت غير مستحقة

ولفت التقرير إلى قيام الجمعية بتحويل 2.825 مليون دون عرضها على المراقب المالي، جاءت موزعة بين عامَي 2020 في أشهر مايو ويوليو وسبتمبر، و2021 في يناير، إضافة إلى صرف شيكات بغرض الصيانة، من دون عرضها أيضاً على المراقب المالي، وصرف مكافآت مالية ضخمة نظير نهاية خدمة بعض الموظفين غير المستحقين لها، بالمخالفة لقانون العمل بالقطاع الأهلي، فضلاً عن صرف مكافآت تقدّر بنحو 20 ألف دينار في أبريل 2021، دون عرض الأمر على مجلس الإدارة، مضيفا أن «الجمعية غير ملتزمة بالكادر الوظيفي حسب تعليمات الوزارة، بالمخالفة للبند 11 من اللائحة التنفيذية الصادرة بهذا الشأن».

جورج عاطف