في كل ليلة، تخشى فيدا مهرانيا أن تأوي إلى الفراش خوفاً من أن تستيقظ على خبر إعدام زوجها أحمد رضا جلالي، طبيب إيراني سويدي متخصص بطب الكوارث، ففي أبريل 2016، غادر جلالي منزله في السويد للمشاركة في ورشة عمل تمتد على أسبوعين في إيران بعد تلقيه دعوة من جامعة طهران، وبعد أيام قليلة على وصوله، اعتُقِل بتهمة التجسس لصالح إسرائيل والمشاركة في اغتيال عالمَين نوويَين إيرانيَين، وخلال السنة اللاحقة حكمت المحكمة الإيرانية الثورية على جلالي بالإعدام بعد محاكمة انتقدتها منظمات حقوق الإنسان.عاشت عائلته ست سنوات شاقة منذ صدور ذلك الحُكم وكانت تأمل أن تعيد الحكومة السويدية أو الاتحاد الأوروبي جلالي بطريقة ما، لكن سرعان ما تجددت مخاوف العائلة الشهر الماضي، حين أعلن مسؤولون إيرانيون أنهم بصدد تنفيذ حُكم الإعدام.
كان توقيت هذا الموقف لافتاً، فهو يتزامن مع انتهاء محاكمة المسؤول السابق في أحد السجون الإيرانية، حميد نوري، في السويد بتهمة ارتكاب جرائم حرب، حيث اعتُقِل نوري في مطار سويدي عام 2019 بسبب دوره المزعوم في ارتكاب مذبحة في السجن عام 1988، حين قتلت طهران آلاف المعارضين.يبدو أن مصير الرجلَين بات متداخلاً الآن، ويظن الناشطون والخبراء أن طهران تُهدد بإعدام جلالي لابتزاز استوكهولم ودفعها إلى إطلاق سراح نوري، ففي هذا السياق، تقول ديانا الطحاوي، نائبة مدير المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: «السلطات الإيرانية تستعمل جلالي كرهينة في لعبة سياسية وحشية، ويُصعّد الإيرانيون تهديداتهم بإعدامه رداً على محاكمة نوري ويحاولون عرقلة سير العدالة».يواجه الغربيون تهديدات مماثلة إذا سافروا إلى إيران، بغض النظر عن جنسيتهم، ومع ذلك لا تبدو ردود الحكومات الأوروبية والأميركية على اعتقال مواطنيها موحّدة، ويقول علي فايز، مدير المشروع الإيراني في «مجموعة الأزمات الدولية»: «ثمة حاجة إلى اتخاذ خطوات جماعية، فلطالما يطبّق كل بلد مقاربة دبلوماسية فردية للتعامل مع الرهائن في إيران، لا يمكن أن تتوقف هذه الممارسات المشينة».عملياً، لا تريد الدول الغربية أن تجازف بعلاقاتها الدبلوماسية وصفقاتها التجارية المستقبلية مع إيران بسبب هذه المسألة، لا سيما في ظل تجدّد الآمال بإعادة إحياء الاتفاق النووي، وإذا تجدّد هذا الاتفاق فعلاً ورفعت الولايات المتحدة عقوباتها عن طهران، تنوي الشركات الأوروبية تجديد عملياتها التجارية مع إيران أيضاً.لكن حتى لو تجدّد ذلك الاتفاق، سيجد الغربيون صعوبة في السفر إلى إيران أو الاستثمار فيها طالما تبقى سلامتهم الشخصية مُهددة، يقول فايز: «في عام 2015، أدى اعتقال رجل الأعمال الإيراني الأميركي، سياماك نمازي، في إيران إلى خسارة مليارات الدولارات من رساميل الشتات الإيراني، إذ لا تدرك القيادة الإيرانية على ما يبدو أن الرساميل تهرب لأبسط الأسباب».لكن في حين تتابع إيران اعتقال الأجانب، يبدو أنها تحاول في الوقت نفسه فتح أبوابها أمام السياح وتطوير قطاع السياحة ككل، حتى أنها ناقشت احتمال منح التأشيرات عند الوصول لمحبي كرة القدم القادمين إلى قطر المجاورة لحضور مباريات كأس العالم في وقتٍ لاحق من هذه السنة، بما في ذلك أشخاص من بريطانيا وكندا والولايات المتحدة، وفق مصادر الصحافة الإيرانية.لكن ما لم تضع طهران حداً للسياسة التي بدأت منذ أزمة رهائن إيران قبل 43 سنة، حين احتجز البلد 52 أميركياً كرهائن لديه في بداية الثورة الإيرانية عام 1979، فلا مفر من أن يتردد الغربيون في السفر إلى هناك.حتى الآن، لا يزال مصير المواطنين الأجانب القابعين في السجون الإيرانية على المحك، فقد قال المبعوث الأميركي الخاص إلى إيران، روبرت مالي، في يناير إن الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة وإيران لن يتجدد على الأرجح من دون إطلاق سراح الأميركيين الأربعة المحتجزين في إيران، وفي غضون ذلك، أعلنت وزيرة الخارجية السويدية، آن ليند، أن استوكهولم والاتحاد الأوروبي ناقشا قضية جلالي مع السلطات الإيرانية في مناسبات متكررة للمطالبة بإطلاق سراحه، لكن زوجة جلالي، مهرانيا، تظن أن الاتحاد يجب أن يبذل جهوداً مضاعفة لإنقاذ حياة زوجها.في النهاية، تقول مهرانيا: «يسألني ابني كل يوم، حين أوصله إلى المدرسة، متى سيعود والده، أنا لا أكف عن النظر إلى محطة الحافلات وأحلم بأنه سينزل من الحافلة يوماً ونتمكن أخيراً من متابعة حياتنا».*أنشال فوهرا
مقالات
رهائن في لعبة سياسية وحشية
14-06-2022