كوارث زواج الأقارب
![د.نجم عبدالكريم](https://www.aljarida.com/uploads/authors/23_1682354851.jpg)
***وقد تزوج الإمبراطور النمساوي المُعمر فرانسوا جوزيف «الهابسبورجي» من الأميرة إليزابيث ابنة الأمير ليوبولد «اليتلباخي» فأنجبا عدداً مروعاً من الأبناء العاهات، وعلى سبيل المثال، الولد البكر رودولف قتل عشيقته ماريا فتسيرا ثم انتحر بعدها، بعد أن عبث بجسدها وهي ميتة... وشقيقه الثاني فرانسوا سيلفادور أدمن الأفيون، ثم اعترته نوبة جنون فأغرق نفسه في سفينته مع عشيقته جيزيل.***وقائمة الآثار الكارثية التي تنتج عن تزاوج الأقارب، ودوَّنها لنا التاريخ لغرابتها تقتضي منا مجلدات، ولكنني سأقف في النهاية على رجلين تناقضت حولهما الأخبار، بل حتى الوثائق الرسمية؛ لويس الثاني ملك بفاريا، وشقيقه اتون ولي عهده، لأنهما من أبرز نماذج جنون أسرتي الهابسبورج وليتلباخ.. فهما متشابهان في كل شيء، في حدة الطباع والعصبية، في الانطواء المفاجئ، في الخوف إلى درجة الرعب من المرأة، ولم يكن كل منها يفكر في الزواج، وكانت العلاقة بين الشقيقين تشير إلى النهاية الحتمية... فقد عُثر على دفتر مذكرات لويس الذي جاء فيه: «رغم حبي الشديد لشقيقي اتون، فقد كنت دائماً أتمنى أن أخنقه ثم أعيدهُ للحياة»، وفي عهدهما انتهت الحياة في بافاريا إلى مأسٍ لا يتسع المجال للإتيان إلى ذكرها بسبب الصراع على التاج البافاري.***والعجيب أن العرب القدامى كانوا يدركون خطورة الزواج من الأقارب، فنجدهمُ يعبرون عن ذلك في شعرهم: تجاوزت بنت العم وهي حبيبة مخافة أن يضوي عليَّ سليلها وشاعر آخر يقول:فتى لم تلدهُ بنتُ عمٍّ قريبةٌ فيضوى وقد يضوى سليلُ الأقاربِ ***مضى وقتٌ طويل لم أكتب في قضايا أراها - فيض خاطر - ولعل في مقال اليوم ما يحفزني على الأكثار منها!