قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، إن قيمة المبيعات العقارية محلياً ارتفعت إلى 891 مليون دينار في الربع الأول من عام 2022، بنمو بلغت نسبته 9.2% على أساس ربع سنوي وبنسبة 6.1% على أساس سنوي، على خلفية تحسن نشاط القطاعين الاستثماري والتجاري بصفة رئيسية، إذ استمر القطاعان في إظهار مؤشرات على التعافي بعد فترة طويلة من الأداء المتواضع.

وحسب التقرير، امتد هذا الاتجاه حتى أبريل، إذ وصلت قيمة المبيعات إلى أعلى مستوياتها المسجلة في ثمانية أشهر لتبلغ 391 مليون دينار (10% على أساس شهري، 57% على أساس سنوي)، مع استمرار القطاعين التجاري والاستثماري في القيام بدور المحرك الرئيسي للسوق.

Ad

في التفاصيل، وبالإضافة إلى تزايد أحجام المبيعات غير السكنية بشكل ملحوظ، كانت دلالات ارتفاع أسعار القطاع الاستثماري من أبرز العوامل الرئيسية، التي ساهمت في زيادة المبيعات الإجمالية، وقد يكون هذا الأداء مدعوماً بتحسن الآفاق الاقتصادية إضافة إلى انخفاض تقييمات القطاع السكني.

وبالنسبة للتوجهات المستقبلية، فمن المقرر أن تساهم التوقعات الاقتصادية الإيجابية وتحسن وتيرة النشاط التجاري في تمهيد الطريق لتحقيق انتعاش مستدام في القطاعين التجاري والاستثماري، الذي نتوقع أن يكونا المحرك الرئيسي لقطاع العقار في عام 2022.

في المقابل، فان القطاع السكني، وبعد المكاسب التي حققها في عام 2021، قد تتراجع وتيرة نموه هذا العام بناءً على ما رصدناه في الآونة الأخيرة. لكن من غير المرجح أن يكون هناك انخفاض ملموس في أسعار العقارات السكنية، وسط غياب الإصلاحات الحيوية وظهور إمدادات جديدة بأحجام هائلة من المنازل أو الأراضي لمعالجة النقص المستمر الذي يتعرض له المواطنون في السوق السكني.

استمرار تراجع مبيعات القطاع السكني بالربع الأول

تراجعت مبيعات القطاع السكني بنسبة 7% على أساس ربع سنوي وبنسبة 20% على أساس سنوي لتبلغ 517 مليون دينار في الربع الأول من عام 2022، لتسجل بذلك أدنى معدل نمو على أساس ربع سنوي منذ الربع الثالث من عام 2020.

واستمر هذا الاتجاه خلال شهر أبريل، إذ سجلت المبيعات تراجعاً نسبياً بقيمة 147 مليون دينار.

ويعزى انخفاض المبيعات إلى تراجع عدد الصفقات، وقد يكون ذلك انعكاساً للارتفاع الملحوظ الذي شهدته أسعار المنازل والأراضي السكنية والتي وصلت إلى مستويات قياسية.

واستمر كل من مؤشري أسعار المنازل والأراضي في تسجيل مكاسب سنوية قوية في مارس (7% على أساس سنوي و 22% على أساس سنوي، على التوالي)، على الرغم من أن ضغوط الأسعار على أساس شهري وربع سنوي كانت أكثر تبايناً - مع انخفاض أسعار المنازل بنسبة 4.7% على أساس ربع سنوي وارتفاع أسعار الأراضي بنسبة 3.9% على أساس ربع سنوي.

ومع استمرار تعافي الاقتصاد وتلاشي المخاطر المرتبطة بجائحة كوفيد 19، يبدو أن الطلب على القطاع السكني، الذي يحظى عادةً بالأفضلية لمرونته في الأوقات العصيبة، وبفضل قوة الأسس الاقتصادية التي يستند إليها، قد تراجع لصالح القطاعات الأخرى، التي تتميز بتقييمات أكثر جاذبية مع إمكانية ارتفاعها على خلفية الانتعاش الاقتصادي.

كما قد يتأثر القطاع السكني بارتفاع تكاليف التشييد والعمالة، مع تضاعف بعض المعدلات تقريباً منذ بداية العام. إضافة لذلك، قد تتراجع عمليات المضاربة نتيجة لزيادة رسوم الوكالات العقارية التي كانت محددة في السابق بمبلغ 500 دينار (أو 250 ديناراً للعقارات التي تقل أسعارها عن 100 ألف دينار)، بمعدل 0.5% من قيمة الصفقة.

لكن على الرغم من ذلك، من المقرر أن تظل أسعار العقارات السكنية مرتفعة وسط غياب الإصلاحات وزيادة المعروض من الوحدات، لكنها قد تشهد وتيرة ارتفاع أقل هذا العام نظراً للنمو الاستثنائي الذي شهدته عام 2021 وارتفاع أسعار الفائدة، التي يتوقع ارتفاعها بشكل ملحوظ في عام 2022 تماشياً مع تشديد مجلس الاحتياطي الفدرالي لسياساته النقدية، مما قد يحد من الطلب على الائتمان والعقارات.

من جهة أخرى، فإن استقالة مجلس الوزراء في أبريل الماضي، وحالة عدم اليقين قد يؤخر إقرار إصلاحات جوهرية بما في ذلك قانون الرهن العقاري المرتقب، إذ إن إقرار مشروع هذا القانون، إلى جانب زيادة رأسمال بنك الائتمان الكويتي بقيمة 300 مليون دينار في يناير (طلب مجلس الأمة بمبلغ 700 مليون دينار للحد من قيود السيولة) – وهو الجهة الحكومية المسؤولة عن صرف القروض السكنية – قد يساهم في تحسين الوصول إلى التمويل وتوزيعه، مقابل زيادة الطلب. لكن بدون زيادة المعروض من المساكن، قد تؤدي تلك الإجراءات إلى زيادة معدل تضخم أسعار العقارات السكنية.

وتبقى القدرة على الشراء من أبرز المشاكل، إذ لا يتناسب ارتفاع أسعار العقارات السكنية مع دخل المواطن العادي. وعلى الرغم من توسع المشاريع الإسكانية سواء المخطط لها أو قيد التنفيذ (حوالي 10 مشاريع) من قبل الهيئة العامة للرعاية السكنية، إلا أن هناك عدداً كبيراً من الطلبات المتراكمة للحصول على إسكان حكومي يقدر بنحو 94 ألف طلب كما في عام 2021، ومع استمرار الطلب الجديد على المساكن في تجاوز المعروض، تتزايد الضغوط كل عام.

لذلك، من المرجح استمرار تحدي نقص العقار السكني الأمر الذي يتطلب المزيد من المبادرات من أجل التوصل إلى حل جذري.

انتعاش الصفقات يعزز مبيعات «الاستثماري» لمستويات ما قبل الجائحة

بلغ إجمالي مبيعات قطاع الاستثمار 272 مليون دينار في الربع الأول من عام 2022 (31% على أساس ربع سنوي، 79% على أساس سنوي). وتعادل تلك القيمة المتوسط ربع السنوي في فترة ما قبل الجائحة الذي بلغ حينئذ 279 مليون دينار (في عام 2019) – مما يعكس تعافياً شبه كامل.

ودعم نمو المبيعات في الربع الأول تزايد أحجام الصفقات (6% على أساس ربع سنوي، 16% على أساس سنوي)، ما قد يكون مدفوعاً بتزايد فجوة التقييم مع القطاع السكني، وتحسن الآفاق الاقتصادية.

وفي واقع الأمر، تشير الدلائل المستمدة من عنصر الإيجارات ضمن مؤشر أسعار المستهلكين، والتي اتجهت نحو الارتفاع في النصف الثاني من عام 2021، لثبات الإيجارات.

وامتداداً للمكاسب التي شهدها القطاع الاستثماري في الربع السابق، ارتفعت أسعار القطاع في المتوسط بنسبة 3% على أساس ربع سنوي و2.2% على أساس سنوي في مارس على خلفية تزايد الطلب. ما يمثل تحولاً مهماً جداً نظراً لظهوره بعد فترة طويلة من ضعف الأداء منذ عام 2015، التي اتسمت بفائض المعروض وانخفاض الأسعار. وفي أبريل، تراجعت المبيعات.

والصفقات بنسبة 28% على أساس شهري و16% على أساس شهري على التوالي، فيما يعد أدنى المستويات المسجلة منذ يناير، إلا انها ظلت قوية مقارنة بالمستويات الشهرية لعام 2021.

لكن على الرغم من ذلك، قد تساهم بعض العوامل المعاكسة في عرقلة الانتعاش المستدام لهذا القطاع، بما في ذلك زيادة العرض بصفة مستمرة، والاعتماد على طلب الوافدين غير المستقر نسبياً، والتفاوت الكبير في الرسوم مقارنة بالقطاع السكني، وارتفاع أسعار الفائدة.

ومن شأن الإصلاحات الهادفة إلى تعزيز الطلب على الشقق أن توفر بعض الدعم للقطاع الاستثماري، بما في ذلك على سبيل المثال معالجة التباين في رسوم المرافق بين القطاعات، أو تثبيط الإيجار في المناطق السكنية، أو رفع تكلفة تعدد ملكية المنازل أو الأراضي من خلال الضرائب والرسوم مما قد يحفز ملكية الشقق مقارنة بالمساكن.

ارتفاع مبيعات القطاع التجاري بالربع الأول بفضل الصفقات الكبرى واصلت مبيعات القطاع التجاري نموها في الربع الأول من عام 2022، إذ قفزت بنسبة 95% على أساس ربع سنوي و128% على أساس سنوي لتصل إلى 102 مليون دينار، لتسجل أعلى وتيرة نمو منذ الربع الرابع من عام 2020 ويعكس تعافي الأداء إلى حد ما بدء العودة إلى مستويات ما قبل الجائحة.

وجاء ارتفاع المبيعات على الرغم من انخفاض حجم الصفقات، إذ يعكس ارتفاع متوسط حجم الصفقات مدى كبر حجمها.

ويشمل ذلك عقاراً بمساحة 945 متراً مربعاً في القبلة تم بيعه بمبلغ 10 ملايين دينار، وآخر بمساحة 4300 متر مربع في حولي بيع مقابل 10 ملايين دينار وآخر بمساحة 1260 متراً مربعاً في المرقاب مقابل 30 مليون دينار.

كما قفزت المبيعات الشهرية في أبريل إلى مستوى قياسي بلغت قيمته 161 مليون دينار، وقد يكون هذا حدثاً استثنائياً لن يتكرر على خلفية تزايد عروض الأراضي التجارية الكبيرة في منطقة صباح الأحمد الساحلية، مما أدى إلى رفع عدد الصفقات بمعدل سبعة أضعاف (على أساس سنوي) إلى 49 صفقة، وهو الأعلى منذ يوليو 2019.

وعلى الرغم من أنه من المتوقع ان يتراجع النشاط عن هذا المستوى الاستثنائي، إلا ان القطاع قد يواصل تعافيه تدريجياً بالاتساق مع تحسن أنشطة الأعمال.