«زلزال الصدر» قد يعيد العراق إلى حقبة المالكي
البارزاني أكبر المتضررين... والصدريون يتجهون لضبط اللعبة من الشارع
وضعت استقالة 76 نائباً عراقياً يمثلون الكتلة الصدرية، البرلمان العراقي أمام مفترق طرق، وتركت حلفاء مقتدى الصدر في حيرة داخل أزمة غير مسبوقة لتشكيل حكومة جديدة. ولا يمر أسبوع إلا وينشغل العراقيون بإحدى مناورات زعيم التيار الصدري، الذي يخوض مواجهة مفتوحة مع الفصائل المقربة من طهران، تصاعدت وتيرتها منذ اقتراع أكتوبر الماضي، الذي حقق فيه مقتدى المرتبة الأولى.لكن الصدر عجز طوال ثمانية أشهر عن تأمين نصاب الثلثين، في جلسة انتخاب الرئيس طبقاً لتأويل دستوري مثير للجدل انحازت إليه المحكمة العليا مفضِّلة عدم خوض مواجهة مع حلفاء طهران، الذين كانوا أكبر الخاسرين في الانتخابات، لكنهم امتلكوا الثلث المعطل.
ويقول الصدريون إن استقالة الكتلة، جاءت احتجاجاً على معاقبة إيران له؛ لأنه حاول الخروج من عباءة الطائفة وشكّل كتلة نيابية عابرة للطوائف من 180 نائباً، واشترط نزع سلاح الفصائل الموالية لطهران، بهدف تحجيم نفوذها في الحياة السياسية.ويفترض بالبرلمان ملء 76 مقعداً شاغراً منها نحو 30 ستذهب إلى «الإطار التنسيقي»، بينما تفرق البقية بين مستقلين وأحزاب ناشئة، لكن الأوساط السياسية ترى أن ذلك لن يكون سهلاً، خصوصاً أن البرلمان في عطلة تشريعية تستمر شهراً.وسيعقد حزب مسعود البارزاني والقوى السنية المتحالفة مع الصدر، اجتماعاً طارئاً لوضع خطة بديلة بعد اختلال الأوزان النيابية، وسيكون من الصعب عليهم خوض حوارات مع حلفاء طهران لتشكيل الحكومة، لأن «الإطار» يريد فرض قواعد جديدة، خصوصاً لمعاقبة البارزاني، الذي يدير منطقة أربيل الموصوفة بأنها آخر مكان في العراق بقي عصياً على نفوذ طهران. وتحركت المحكمة الاتحادية لتقييد استثمارات الأكراد في النفط والغاز، في خطوة تهدد الكيان الفدرالي للإقليم، ولا يبدو أن «الإطار» سيبدو مرناً مع القوى السنية التي تشكو من هيمنة فصائل «الحشد الشعبي» في مناطق نينوى والأنبار.وتناقش الصالونات السياسية في بغداد الشكل المتخيل لحكومة يشكلها «الإطار»، بغياب التوازن الصدري، ويرجح كثيرون أنها ستعني عودة إلى حقبة نوري المالكي، الذي وضع سياسة العراق بالكامل في فلك إيران.وسيؤدي ذلك، إن حصل، إلى عودة البرود والجمود في العلاقات العراقية - العربية، كما سيعرض شراكات العراق الدولية لأزمات بلا نهاية، حسب وصف المراقبين، مما يخرب منجزات دبلوماسية كثيرة تحققت خلال حكومة مصطفى الكاظمي، حليف الصدر البارز، والمعروف بسياسات الانفتاح والمرونة.وتبقى الأوساط السياسية مشغولة بخيارات الصدريين رغم استقالتهم من البرلمان، ويرجح كثيرون أن الصدر صاحب أكبر تيار بقواعد شعبية ثابتة، سيلجأ إلى الشارع لإعادة ضبط السياسة العراقية من خارج البرلمان، الذي جرى تعطيله.وسيعني لجوء الصدر إلى الاحتجاجات، التي جربها عام 2016 حين اقتحم أنصاره البرلمان للضغط من أجل الإصلاحات، مزيداً من التسخين، وسط تحذيرات من عواقب أي صدامات داخل المناطق الشيعية المدججة بالسلاح.