في الصميم: الكويت بين الأمس واليوم
![طلال عبد الكريم العرب](https://www.aljarida.com/uploads/authors/1002_1667931751.jpg)
نحن في الكويت الذين عشنا وسعدنا وتمتعنا بسنوات الحريات الشخصية والثقافية والفنية، في الخمسينيات وحتى منتصف السبعينيات، نعيش الآن زمناً مغايراً كئيباً متزمتاً، أكثر تزمتا وتضييقا من أي بلد عربي، حتى أصبحت الكويت قندهار العرب بلا مبالغة ولا تهويل. نحن الذين عشنا زمن الحريات نقارن بحسرة بين كويت اليوم وكويت الأمس، وبين الكويت ودول الخليج الآن، الكويتي يتحسر على وضعه الحالي، ويستغرب من صيحات واعتراضات نوائب يمسكون بتلابيب الكويتيين يتصايحون كلما سمعوا عن حفلة أو احتفالية بحجة الأعراف والتقاليد، فيتسابقون ويتدافعون وكأن هناك من يريد أن ينتهك حرماتهم، والمؤسف المثير للحنق أن حكوماتنا الرشيدة المتعاقبة ترتعد فرائصها عند كل صيحة، ولا تستمع لغيرها من احتجاجات وتذمر وتململ.لم يكن في كويت الأمس صوت لهذه المجاميع، لأنها لم تكن أصلا موجودة، فليس منهم من وُلد في العهد المستنير للكويت، هذه المجاميع القليلة لم تضّيق على سكان الكويت اجتماعيا فقط، بل أثّرت في كل المناحي الفنية والثقافية، وحتى التنموية والتعليمية، فكل شيء في انحدار.وحتى لا يشط البعض في خياله بعيداً عما نقصده، فالمقارنة بين الأمس واليوم ليست في الشوارع والمباني والمنشآت، لكنها مقارنة بين التوجه الحكومي والنيابي المستنير المنصب على التنمية، والعلم والتعليم، والفن والثقافة وحرية البشر الذين يعيشون على هذه الأرض الطيبة.الأعراف والتقاليد شماعة انتخابية، فلا تضيّعوا وقت البلد على أمور ليست من شأنكم، عليكم بمحاربة الفساد، ومعاقبة سرّاق المال العام والمرتشين، واسترجاع ما نهبوه، عليكم بالتشريعات التنموية، واتركوا ما لله لله، وما لقيصر لقيصر.