زيارة بايدن المرتقبة للسعودية
أعلن الرئيس الأميركي بايدن أنه سيزور السعودية، وذلك بعد تشاور طويل جرى بين الدولتين لإصلاح العلاقات التي تدهورت بينهما، نتيجة للموقف السيئ الذي أبداه الرئيس الأميركي تجاه السعودية، فيقال إنه قد صرح بتصرح سيئ عنها مفاده، أنه قال بما معناه، إنها دولة كريهة ولا تستحق أن ينظر إليها! هل يقال مثل هذا الكلام للسعودية، بلد الحرمين ومالكة أكبر مخزون نفطي وموقع استراتيجي في المنطقة؟ لذا وقفت المملكة ومعظم دول الخليج موقف الحياد في الحرب الأوكرانية. ولما اتصل الرئيس الأميركي بالملك سلمان طالباً منه رفع الإنتاج النفطي ليساعد في خفض أسعاره التي ارتفعت بصورة غير طبيعية نتيجة للحرب، وقد يؤثر ذلك الارتفاع سلبا على الاقتصاد العالمي، أجابه جلالة الملك أن موضوع النفط من اختصاص ولي العهد، ويقال إن ولي العهد حاول أن يتجاهل الرد على مكالماته، لكنه أخبره أنه لا يريد إدخال النفط في الصراع الدائر بين الدول.
أدرك الرئيس الأميركي ومستشاروه، وخصوصا البنتاغون، أن العلاقات الأميركية التاريخية المميزة مع السعودية ودول الخليج بدأت بالتدهور، وذلك لأن هذه الدول ترفض السياسات الأميركية التي تريد أن تنظر إليها على أساس أنها دول تابعة لها وخاضعة لنفوذها، بل هي دول صديقة والصداقة غير التبعية، دول لها كرامتها ومصالحها فيجب مراعاة ذلك، عندئذ بدأت بإصلاح تلك العلاقات، بعد أن تأكد لها أن من الخطأ ترك منطقة الشرق الأوسط بثرواتها وأسواقها وموقعها الاستراتيجي، والتركيز على منطقة الشرق الأقصى، فلا ينبغي لدولة عظمى إذا أرادت الحفاظ على قوتها وهيبتها القيام بذلك. فقد يملأ هذا الفراغ الصين أو الاتحاد الروسي، وسيساعد حتما في تقدم تلك الدول وازدهارها اقتصاديا، وهو ما تخشاه الولايات المتحدة، لذا بدأ الاهتمام بإصلاح تلك العلاقات، وقد يكون موقف الوفد الإيراني الذي يتفاوض في فيينا، ومحاولاته فرض شروط جديدة على الاتفاقية، مثل رفع الحرس الثوري من قائمة الإرهاب، وتقديم ضمانات دائمة تؤكد أن أي اتفاق مرتقب يجب ألا يكون عرضة للانهيار، كما حدث في اتفاق لوزان عندما انسحبت أميركا منه عام 2018 وهي شروط ترفضها مجموعة كبيرة من أعضاء الكونغرس من الحزبين الجمهوري والديموقراطي، قد يكون ذلك الموقف أحد العوامل المهمة التي ساهمت في إصلاح العلاقات بين أميركا ودول الخليج، من المؤكد أن العلاقات بين أميركا ودول الخليج علاقات تاريخية ومميزة، ولا يتمنى لها أحد أن تتدهور وتسوء، غير أن الموقف الذي وقفته السعودية ومعظم دول الخليج موقف مشرف ووطني ومن الواجب اتخاذه.