وسط تحركات محمومة لبلورة استراتيجية تمكنها من احتواء تمدد نفوذ إيران واحتمال بلوغها «عتبة الدولة النووية» في ظل تعثر المسار الدبلوماسي الدولي الرامي لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015، دعا وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، أمس، إلى تشكيل قوة إقليمية بقيادة الولايات المتحدة، ضد طهران، تشمل الدول العربية المتحالفة مع واشنطن. ونقل مكتب غانتس عنه قوله، إن مثل هذا التعاون «من شأنه أن يعزز قوة جميع الأطراف المعنية»، مشيراً إلى دول الخليج العربية التي اقتربت أكثر من الدولة العبرية في إطار حملة دبلوماسية برعاية واشنطن عام 2020، وكذلك مصر والأردن.
وجاءت دعوة غانتس الرسمية بالتزامن مع تكثيف إسرائيل لضربات غير معلنة ضد إيران والفصائل المتحالفة معها، ضمن ما يطلق عليه «الحرب الخفية» بين الطرفين، منذ 3 أسابيع.ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، أمس، عن مصادر مطلعة، أن المسؤولين الإيرانيين يرجحون قيام إسرائيل باغتيال الخبيرين الإيرانيين، أيوب انتظاري وكمران أغامولاي، اللذين يعتقد أنهما كانا يعملان على نقل التكنلوجيا المتطورة إلى «حزب الله» اللبناني، عن طريق تسميمهما من قبل عملاء لـ«الموساد» أخيراً.
انفجار وحذر
وفي حادث جديد غامض، وقع انفجار في مصنع حديث للكيماويات دخل الخدمة قبل سنتين، بجنوب طهران، ما أدى إلى إصابة 133 نقلوا إلى المستشفيات.وذكرت السلطات، أمس، أن جروح معظم المصابين، طفيفة، مشيرة إلى أن تسريباً من صهريج لنقل الأمونيوم تسبب في انفجار بمدينة فيروز آباد في محافظة فارس. ونفى عضو في لجنة الأمن القومي بالبرلمان أن يكون الحادث «أمنياً».وفي مؤشر على توخي الحذر وعدم الرغبة في الانزلاق إلى مواجهة واسعة في ظل الاضطرابات الاجتماعية الناتجة عن تردي الأوضاع المعيشية، شدد نائب قائد «الحرس الثوري» علي فدوي، على أنّ «الظروف الحالية ليست ظروف اندلاع حرب، والأعداء لا يستطيعون التطاول على إيران»، موضحاً أنّ «الحرس يشارك اليوم في حروب أخرى ومنها الحروب الاقتصادية».في غضون ذلك، نفى المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي بهادري جهرمي أنباء عن إرسال الرئيس الأميركي جو بايدن رسالة إلى نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي. وقال المتحدث إن «هناك رسائل من أميركا ومسؤوليها، ورئيس الجمهورية يؤكد دوماً أن ما يهمنا ليس إرسال الرسائل، بل الخطوات العملية للعودة إلى التعهدات ورفع العقوبات غير القانونية».وأوضح أن الحكومة الإيرانية الجديدة منذ البداية تعمل على «إفشال العقوبات الأميركية»، وفي الوقت نفسه لم تترك طاولة التفاوض بفيينا، المتوقفة منذ مارس الماضي. وكرر اتهام بلاده للوكالة الدولية للطاقة بالخضوع لإسرائيل.وأكد جهرمي أن «إيران لديها مواقف محقة يجب أن تُسمع، ولن يكون لسياسة الضغوط القصوى أي تأثير على المفاوضات» النووية في فيينا. في موازاة ذلك، ألمحت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، في بيان، إلى احتمال «تلويث متعمّد بواسطة عناصر أجنبية تخريبية» للمواقع المختلف عليها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي سبق أن أعلنت أنها عثرت على جزئيات اليورانيوم في هذه المواقع التي لم تعلنها طهران مسبقاً.من جانب آخر، ذكرت شركة «تشك بوينت» الإلكترونية، أن وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني تعرضت لمحاولة تصيد احتيالي من مجموعة «هاكرز» إيرانية استهدفت اختراق حسابات بريدية إلكترونية لأهداف رفيعة، من بينهم السفير الأميركي السابق في إسرائيل. من جهة أخرى، عقد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان مباحثات مع نظيره لباكستاني الجديد بيلاوال بوتو زرداري في طهران أمس.نأي تركي
في غضون ذلك، سعت السلطات التركية إلى النأي بنفسها عن المواجهة المحتدمة بين إيران وإسرائيل التي دخلت في سباق مع الزمن من أجل إجلاء رعايها من تركيا في ظل ما وصفته بـ «تهديد جدي وفوري» لاحتمال استهداف طهران لهم بعمليات انتقامية. وأصدر المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية طانجو بيلغيتش، بيانا تعليقاً على نشر بعض الدول تحذيرات سفر لمواطنيها الموجودين في تركيا، أكد فيه أن «السلطات المختصة في البلاد تتخذ كل الإجراءات الأمنية اللازمة في إطار آليات التعاون المتعلقة بمكافحة الإرهاب». ورأى أن التحذير الإسرائيلي «مرتبط بتطورات ودوافع دولية مختلفة».وتواصلت في أنقرة ردود الفعل التي لم تخف انزعاجها من التحذير الذي أصدرته الحكومة الإسرائيلية لمواطنيها بعدم السفر إلى تركيا، والعودة فوراً حال كانوا هناك، فقد ينسحب الأمر على سائحين آخرين من جنسيات مختلفة وربما ألغى البعض حجوزاتهم.وأفادت مصادر بأن «زوجين إسرائيليين كانا في إجازة بمدينة إسطنبول، جرى ترحيلهما الأسبوع الماضي بمعرفة الاستخبارات الإسرائيلية على وجه السرعة حتى أنهما لم يتمكنا من أخذ متعلقاتهما الشخصية من الفندق، حيث كان يقضيان عطلتيهما بعد اتصال من مسؤول إسرائيلي كبير حذرهم من فرق اغتيال إيرانية».اليونان والأرجنتين
إلى ذلك، أعلنت هيئة الموانئ والملاحة البحرية الإيرانية، أن الحكومة اليونانية أصدرت قراراً بالإفراج عن السفينة الإيرانية المحتجزة منذ أبريل الماضي، بطلب من واشنطن، وعودة شحنة النفط لمالكها. ورأت الهيئة أن خطوة أثينا تمت بعد «الإجراءات السريعة التي اتخذتها إيران» في إشارة إلى استيلاء «الحرس الثوري» على ناقلتين يونانيتين في مياه الخليج.في سياق قريب، كشف وزير الأمن الأرجنتيني، أنيبال فرنانديز، أن أحد أفراد طاقم الطائرة الإيرانيين الخمسة المحتجز لدى بلاده، هو غلام رضا قاسمي، من أقارب وزير الداخلية الإيراني الحالي أحمد وحيدي، والمتهم بالمشاركة في تفجير جمعية «آميا» اليهودية الأرجنتينية عام 1994 كقائد لـ «فيلق القدس» آنذاك.ويأتي ذلك غداة تمديد سلطات الأرجنتين مصادرة جوازات سفر الإيرانيين الخمسة، واحتجاز الطائرة التابعة لشركة «ماهان» المرتبطة بـ «الحرس الثوري».