بعد أسبوع من التصريحات عالية اللهجة حول تايوان، قالت فيها الصين، إنها مستعدة لـ «القتال للنهاية» لمنع استقلال تايوان، وإنها مستعدة لدفع أي ثمن مقابل ذلك، وقّع الرئيس الصيني شي جينبينغ، رئيس اللجنة العسكرية المركزية الصينية، أمراً بإصدار مجموعة من الخطوط العامة التجريبية بشأن قيام «جيش التحرير الشعبي» الصيني بعمليات عسكرية بخلاف عندما تدخل البلاد في حالة حرب.ويهدف القرار بحسب ما أُعلن لـ «حماية أرواح الشعب وممتلكاته وحماية السيادة الوطنية والأمن ومصالح التنمية وحماية السلام العالمي والاستقرار الإقليمي».
وتشكل هذه الخطوط العامة، التي تضم 59 مادة في 6 فصول، قاعدة قانونية للعمليات العسكرية بخلاف إعلان الحرب وستدخل، حيز التنفيذ في 15 يونيو 2022.ومن الجدير ذكره أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يعلن الحرب حتى الآن على أوكرانيا، بل اعلن عن عمليات عسكرية خاصة، وتسمح خطوة شي جينبينغ للقيام بمثل تلك العمليات في إطار قانوني.
محادثات «صريحة»
ورغم اللقاء بين وزيري دفاع البلدين على هامش منتدى «حوار شانغريلا» في سنغافورة الأسبوع المنصرم، الذي فشل في تحقيق أي تهدئة بل على العكس أوصل الخطاب العدائي بين البلدين إلى مستوى غير مسبوق، أعلنت بكين وواشنطن أن محادثات «صريحة» جرت، أمس ، بين مستشار الأمن القومي الأميركي جيك ساليفان ومدير مكتب لجنة الشؤون الخارجية الصيني يانغ جيشي في لوكسمبورغ.وعلى العكس من سنغافورة، انخفضت حدّة اللهجة فجأة أثناء الاجتماع في لوكسمبورغ، إلا أن المسؤولين لم يعلنا أي إجراءات عملية أو تسوية بشأن نقاط الخلاف الرئيسية لاسيما حول تايوان.ووصفت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) اللقاء بأنه كان «صريحاً، وعميقاً وبناءً». وأوضحت أن يانغ جيشي وافق على المحافظة على الحوار، لكنّه أشار بوضوح إلى أن بكين لن تعدّل خطوطها الحمر.وقال يانغ: «منذ مدة يصرّ الطرف الأميركي على احتواء وصدّ الصين أكثر بشكل شامل، لكنّ الصين ترفض تحديد العلاقات الثنائية بالمنافسة».وأوضح إن «مسألة تايوان تؤثر على الركيزة السياسية للعلاقات الصينية - الأميركية، وإذا لم تتمّ معالجتها بشكل صحيح، فسيكون لديها تأثير ضارّ». ودعا الولايات المتحدة إلى تجنّب «الأحكام السيئة والأوهام» في هذا الموضوع.وعرض يانغ أيضاً الموقف الرسمي لبلاده بشأن مسائل متعلقة بشينجيانغ وهونغ كونغ والتيبت وبحر الصين الجنوبي وكذلك حقوق الإنسان والديانة.خطوط الاتصال
في المقابل، أعلن البيت الأبيض في بيان، إن ساليفان «أكّد مجدّداً موقفنا منذ وقت طويل بشأن صين موحّدة وكذلك مواقفنا ومخاوفنا بشأن تصرفات بكين العدوانية والقسرية عبر مضيق تايوان».وجدّد ساليفان التأكيد على سياسة «الغموض الاستراتيجي» التي تنتهجها الولايات المتحدة منذ عقود وتقرّ بموجبها دبلوماسياً بالصين الشيوعية لكن في الوقت نفسه تدعم تايوان عسكرياً.وقالت مسؤولة رفيعة في البيت الأبيض للصحافيين، إنّ لقاء ساليفان مع يانغ في لوكسمبورغ استمر نحو 4 ساعات ونصف الساعة وجاء متابعة لمكالمة هاتفية بينهما في 18 مايو.وذكر البيت الأبيض أنّ المحادثات «تضمّنت مناقشة صريحة وموضوعية ومثمرة لعدد من القضايا الأمنية الإقليمية والعالمية، فضلاً عن القضايا الرئيسية في العلاقات الأميركية الصينية، مع تأكيد ساليفان على أهمية المحافظة على خطوط اتصال مفتوحة لإدارة التنافس بين بلدينا».ودخلت العلاقات الصينية الأميركية منعطفاً خطراً في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب الذي أشعل فتيل حرب تجارية ردًّا على ما وصفه بالممارسات الصينية التجارية التعسّفية.ويقول بايدن إنّه يدرس رفع بعض الرسوم الجمركية في محاولة لكبح التضخم الهائل في الداخل.الضغط على كوريا
من ناحية أخرى، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن واشنطن ستواصل الضغط على كوريا الشمالية إلى أن تغير مسارها، بينما حضّ نظيره الكوري الجنوبي الصين على إقناع كوريا الشمالية بعدم استئناف التجارب النووية.وأضاف بلينكن للصحافيين عقب اجتماع مع وزير خارجية كوريا الجنوبية بارك جين أمس ، إن الولايات المتحدة لا تزال منفتحة على الحوار مع كوريا الشمالية لكن الأخيرة تجاهلت دعوات التفاوض واختبرت بدلا من ذلك صواريخ وأجرت استعدادات لاستئناف التجارب النووية لأول مرة منذ 2017.وفي إشارة إلى العقوبات الدولية التي تقودها الولايات المتحدة على كوريا الشمالية، قال بلينكن: «سنواصل الضغط إلى أن يغير النظام في بيونجيانج مساره».من ناحيته، أعلن بارك إن أي استفزازات قد تقدم عليها كوريا الشمالية، ومنها تجربة نووية، ستقابل برد موحد وحازم، وحضّ الصين على استخدام نفوذها. وقال: «أعتقد أيضا أن الصين يجب أن تلعب دورا إيجابيا للغاية لإقناع كوريا الشمالية بأن الحفاظ على السلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية يتطلب طريقة تفكير جديدة».وأضاف أن كوريا الشمالية تقف عند مفترق طرق، إذ يمكنها المضي قدما في تجربة نووية وعزل نفسها أو العودة إلى الدبلوماسية والحوار.رفع العقوبات
في غضون ذلك، طالب رئيس الوزراء الأسترالي الجديد أنتوني ألبانيز، اليوم ، الصين برفع العقوبات المفروضة على بلاده لتحسين العلاقات، مرحبا بالمحادثات الأولى بين وزيري دفاع البلدين بعد انقطاع دام 3 سنوات.وأوضح ألبانيز في مؤتمر صحافي، أن «الصين هي التي فرضت عقوبات على أستراليا، وعليهم رفع تلك العقوبات» رافضاً التعليق على تصريح سابق لمتحدث باسم الخارجية الصينية قال فيه «لتحسين العلاقات بين الصين وأستراليا لا يوجد وضع طيار آلي وتتطلب إعادة الضبط إجراءات ملموسة».وقال ألبانيز إنه «أمر جيد» أن يجري وزير الدفاع الأسترالي ريتشارد مارليس محادثات مع نظيره الصيني وي فنغي على هامش أعمال قمة حوار شانغريلا الأمنية التي عقدت في سنغافورة نهاية الأسبوع الماضي حيث وصفت المحادثات التي استمرت ساعة بـ «الخطوة الأولى والمهمة».يذكر أن العلاقات بين الصين واستراليا توترت بعد أن دعت كانبيرا إلى تحقيق مستقل في أصل جائحة فيروس «كورونا» وحظرت شبكات الجيل الخامس لشركة الاتصالات الصينية (هواوي) فيما فرضت بكين سلسلة من العقوبات التجارية على سلع الزارعة والطاقة الاسترالية.