أحمد قرني: المجتمع أصبح أكثر وعياً بقيمة أدب الطفل

نشر في 16-06-2022
آخر تحديث 16-06-2022 | 00:06
تحمل دفاتر إبداع الأديب المصري أحمد قرني محمد شحاتة أجناساً أدبية عدة، قصة ورواية وشعراً، جلها موجه للأطفال واليافعة، ويجول في بستان الأدب قاطفاً زهوره، التي تعدت الـ 20 زهرة «كتاباً»، ليقدمها لمن يتنسم طيب الإبداع.

حصل قرني على العديد من الجوائز، مثل جائزة «كتارا» للرواية العربية في دورتها الثالثة عن كتابه «جبل الخرافات» فئة روايات الفتيان غير المنشورة، وجائزة خليفة التربوية في دورتها الـ 13 عن التأليف الإبداعي بروايته «رسائل جدي»، وجائزة الشارقة عن مسرحيته «سلسبيل»، وجوائز محلية عدة.

وفي حواره مع «الجريدة»، يؤكد قرني ضرورة اهتمام المؤسسات الثقافية العربية الكبرى بالكتابة للأطفال خصوصاً من ذوي الاحتياجات الخاصة، وأن تنتبه المجتمعات لتلك الفئة، ويطالب بتفعيل مبادرة عربية لتنمية الكتابة المتخصصة المتوجه لهؤلاء. وإلى نص الحوار:

● مارؤيتك لمجال الكتابة للأطفال راهناً؟

- يجب الاعتراف أولاً أن طفل اليوم يختلف عن طفل الأمس، الطفل الآن متمرد لا حدود لتطلعاته، وأحلامه مرتبطة بالتكنولوجيا، وهي طبيعة زمنه، ويستطيع أن ينافس الكبير في قدرته على التعامل مع التقنيات الرقمية الحديثة، ويتعلمها، ويستوعبها أكثر من الكبار، لكن هناك تهميشاً لكتاب الأطفال وتهميشاً أكثر من الكتاب لمعالجة قضايا الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، وهذا ما يؤسفني ولمعالجة هذا التقصير يجب على الحكومات والمؤسسات الثقافية الكبرى أن تهتم بذوي الاحتياجات الخاصة، وأن ينتبه المجتمع لضرورة ذلك، ونحتاج إلى مبادرة عربية لتنمية الكتابة المتخصصة للتوجه لهؤلاء.

ثقافة الطفل

● وكيف يمكن النهوض بثقافة الطفل العربي؟

- يجب التعامل مع الطفل بأدوات هذا العصر، واستخدامها للوصول إلى الأطفال، ويجب ألا نعلن رفضنا المطلق للألعاب الإلكترونية مثلاً، لأن هذا الرفض سيؤول في النهاية إلى لا شيء… الألعاب الالكترونية لها مثالب كثيرة نعلمها جميعاً، ولها تأثيراتها النافعة، إذ تنمي القدرات التكنولوجيا عند الأطفال، وتحفزهم على الابتكار، وهناك أنواع من الألعاب تجعلك تتصرف كأنك في مأزق، وتبحث عن حلول، وكلها حيل مفيدة للأطفال، وهناك ألعاب تحرض على العنف، والقسوة نحتاج إلى تنبيه أطفالنا لخطورتها، وأنا كتبت عن فكرة استخدام اللعبة الإلكترونية في قدرة الطفل على خلق شخصيته، وتحقيق أحلامه حينما ظهر التلفزيون في ستينيات القرن الماضي انزعج الناس، وخافوا من تأثيره السلبي، والآن أصبحت شاشات التلفزيون في كل منزل.

قبول الآخر

● صدرت لك حديثاً قصة بعنوان: «لون واحد لا يصنع البهجة»هل تطلعنا على أهم ماتحمله من رسائل؟

- قصة «لون واحد لا يصنع البهجة»، موجهة لأطفال ما قبل المدرسة، وهذه المرحلة من أصعب المراحل العمرية في الكتابة للأطفال، وحاولت فيها أن أنمي في الطفل فكرة قبول الآخر المختلف عنه سواء في الشكل أو اللون، فهذه الطفلة التي تذهب في أول يوم لها إلى الحضانة سعيدة تنتظر رفيقتها التي ستجلس معها في المقعد وحين تقبل وتجدها فتاة مختلفة عنها في اللون تغضب، وترفض الحديث معها لكن حين تعود حزينة إلى البيت، وتعرف أمها سبب حزنها تحاول بحيلة بسيطة، وهي كراسة الرسم أن تعلم ابنتها أن لوناً واحداً لا يصنع البهجة… ومن المهم تدريب وتعليم أطفالنا تلك القيم حتى لا يكبروا وهم يرفضون كل مختلف عنهم سواء في الشكل أو في المضمون.

عسكرة عبرية

● لك دراسة نقدية عن صورة العربي في الأدب العبري، وكيف يقدمونه لأطفال الإحتلال، ما النتائج التي توصلت إليها؟

- كنت دائماً أقف أمام مشهد العنف والقتل الذي نراه على الشاشات من جنود الاحتلال الإسرائيلي تجاه الأطفال، والنساء، والعجائز الفلسطينيين، وأسأل نفسي كيف يرتكب هؤلاء الجنود تلك الجرائم البشعة بهذه القسوة المفرطة ولا يتألمون؟ وفي دراستي لأدب الأطفال العبري وجدت الإجابة: كيف يصور الكاتب العبري صورة العربي؟وكيف قدمه للأطفال لكي ينشأوا على تلك القسوة؟ وجدت أنهم يصورون للأطفال صورة العربي على أنه لص مخادع دائماً، وهو ينتهز الفرصة للقتل، وأنه إنسان دموي، وفي بعض قصص الأطفال، وجدت المبالغة في تشويه صورة العربي لدرجة أنهم يصورونه على أنه كائن له ذيل، وملامحه مخيفة كقاتل، هذه الكتابة زرعت في أطفالهم كراهية العربي منذ الصغر، وهذا ما يؤكد خطورة الكتابة للأطفال كيف نزرع القيم البغيضة عند هؤلاء؟ كيف يسوقون القتل ويبررونه لصغارهم؟ إنهم يرتكبون جريمة كبرى في حق أطفالهم… عندما يختلقون الكذب ويشوهون الآخر ويدفعون أطفالهم للعنف غير المبرر كما نراه على الشاشات، وحين يصبحون جنوداً يقتلون بدم بارد وهم يبتسمون.

رسالة تربوية

● الكتابة للطفل لها موانع وشروط، ماذا عن هذه الموانع، وماشروطها؟

- الكتابة للطفل من أصعب الكتابات الأدبية، لأنك دائماً تراهن على توصيل رسالتك له، إذا كان الكاتب حريصاً على إيصال الرسالة للمرسل إليه وهو الطفل فيجب أن يكون فحوى الرسالة تربوياً، وأخلاقياً، ويكون شكلها أنيقاً، ومغرياً للطفل وأسلوبها سلس بسيط… من هنا تأتي الأهمية لدور النشر التي تتلقى الرسالة، ويجب أن تعتني بها، وتقدمها للطفل في شكل عصري متطور يليق بطفل هذا القرن من حيث الرسومات، والغلاف، وبنط الخط كل هذا يعطي قيمة لكتاب الأطفال.

جبل الخرافات

● حصدتم العديد من الجوائز، مالذي أضافته لكم؟

الجائزة أو التكريم هو ذلك المحفز الذي يدفعك إلى مواصلة الرحلة الشاقة في عالم الكتابة، فعندما تأتيك جائزة كأنها تربت على كتفك بحنان، وتقول لك واصل أنت فعلت شيئاً يستحق التكريم، ويستحق الإشادة… رواية «جبل الخرافات» عندما فازت بجائزة كتارا للرواية العربية وحصلت على إشادة من النقاد إلى حد أن أحد النقاد كتب أنه يجب أن نضعها ضمن أفضل مئة رواية عربية… كانت هذه الكلمات تشجيعاً لي لمواصلة الكتابة في مجال رواية اليافعين.

مستقبل

● وهل لاتزال الكتابة للطفل لا تحقق الشهرة المرجوة التي تحققها الكتابة للكبار؟

- على العكس، أرى أن هناك وعياً بقيمة أدب الطفل، وقيمة كاتب الأطفال فقد سافرت إلى عدة عواصم عربية، وتمت استضافتي للحديث عن أدب الأطفال في كثير من المدن، والإعلام صار يقدر كاتب الأطفال، المجتمع الآن أكثر وعياً بقيمة أدب الطفل لأنك حين تتحدث عن مستقبل أي أمة فأنت تتحدث عن أطفالها الآن كيف هم، وكيف يعيشون، وماذا يقرأون ؟ الأطفال هم المستقبل إذا أردنا أن نبني مستقبلاً لأي أمة فاعتني بالطفل، واحرص على تعليمه، وتثقيفه تضمن مستقبلاً أفضل.

أفكار اليافعين

● ما مشروعكم الشاغل الآن؟

- توجد حالياً روايتي «ساسندرا» لليافعين التي ستصدر عن الهيئة العامة للكتاب قريباً وطرحت فيها قضايا الطفل اللاجئ والطفل الذي عانى التهجير القسري والطفل المحاصر… وأردت أن تكون رواية «ساسندرا» صرخة في وجه المجتمعات الغربية لتحمل مسؤولية ما ارتكبوه في حق عالمنا وفي حق أطفالنا، كما أعكف على كتابة رواية تناقش أفكار اليافعين دون إدانتهم، أو تقييمهم، سأطرح فيها معظم الأفكار التي تدور في عقولهم بشجاعة، وسأناقشها طبعاً من خلال سرد درامي ممتع، وخيال خصب أتمنى أن أنتهي منها قريباً.

محمد الصادق

روايتي «ساسندرا» صرخة في وجه المجتمعات الغربية

طفل اليوم متمرد وأحلامه مرتبطة بالتقنيات الرقمية
back to top