انشغل العراقيون بهجوم إعلامي شنته صحف إيرانية على الزعيم الشيعي العراقي متقدى الصدر، واتهمته بأنه «ضد الوحدة الإسلامية» بعد استقالة نوابه من البرلمان، في حين جمع الصدر نوابه أمس في النجف لبحث الخطوات المقبلة وسط معلومات عن تحرك مرتقب. ونشرت «صباح نو» صورة كبيرة من لافتة للصدر يضع كمامة طبية من دون تغطية أنفه وفمه، مختارة عنوان «ضد الوحدة»، ووصفت الوضع بعد استقالة نوابه وإغلاق مؤسساته بـ «الغريب».
واستندت الصحيفة في تقريرها، الذي خصصت له الصفحة الاولى، الى حوار مع ماجد غماس، ممثل المجلس الاسلامي الاعلى العراقي، في طهران. ووصفت التيار الصدري بأنه «مصاب بعقدة التعالي»، ويتصرف كجهة أعلى حتى من الحكومة، وشككت في نوايا الصدر متسائلة: «إلى أي مدى يمكن تصديق الاستقالة الكاملة التنفيذية والتشريعية؟» واعتبرتها «لعبة سياسية جديدة لإزاحة الإطار التنسيقي من الساحة السياسية».وقالت إن «قصة الاستقالات والعودة عنها للصدر باتت لعبة محروقة لجميع التيارات والمراقبين»، مشيرة إلى أن الصدر تحول إلى «رجل لا يمكن التكهن بسلوكه»، كما ألمحت الى وجود «بصمات بريطانية استعمارية»، في تحركات التيار الصدري الاخيرة.من جهتها، كتبت صحيفة «اعتماد» الإصلاحية أن الصدر يمارس «لعبة جديدة» لإيصال العراق إلى «مأزق سياسي» بإصراره على تشكيل حكومة الأغلبية الوطنية من دون مشاركة الفصائل الموالية لإيران.وقالت صحيفة «إيران» الرسمية إنه «رغم أن التيار الصدري اعتبره تضحية لأجل الوطن، لكن يرى مراقبون أنه يمكن أن يضع بغداد أمام تحديات كبيرة وسيناريوهات مبهمة».في الأثناء، أشارت وسائل إعلام ووكالات أنباء إيرانية محافظة إلى أن استقالة الصدريين من شأنها أن تفتح الطريق أمام «الإطار» لتشكيل الحكومة. على الجانب العراقي، تداول الصدريون على نطاق واسع حزمة أسئلة ووجها الناشط أحمد الموسوي بينها «لماذا لم يكن السيد الخميني (المرشد الإيراني الراحل) مع الوحدة الإسلامية؟ ولماذا اختلف أغلب مراجع الدين في قمّ والنجف؟»، مضيفاً: «لماذا عارض حكومة الشاه الشيعية وأحدث انقلاباً وقاتل أبناء الشعب الإيراني الواحد وأبناء المذهب الشيعي الواحد؟ هل كانت السلطة تستحق كل تلك الدماء التي سالت؟ مع العلم أن السيد مقتدى الصدر لم يحدث انقلاباً ويأخذ الحكومة وهو قادر عليها».
حكومة خدمية
في المقابل، برز في الأيام الماضية استخدام قادة «الإطار التنسيقي» في بياناتهم المتلاحقة منذ انسحاب الصدر مصطلح «حكومة خدمية»، وذلك في محاولة لعدم استفزاز الصدر بتشكيل حكومة سياسية تعزل تياره الفائز الاكبر في «انتخابات تشرين».وأشارت البيانات التي صدرت عن «الإطار» بعد خطوة الصدر، الى «استكمال الاستحقاقات الدستورية وتشكيل حكومة خدمية وطنية».وتحدثت النائبة مديحة الموسوي أمس عن الحاجة لحكومة «تلبي حاجيات المواطن»، وقبلها أشار النائب عارف الحمامي أيضاً إلى أن «الإطار وحلفاءه يسعون إلى حكومة خدمية، قادرة على إنهاء معاناة الشعب من نقص الخدمات وغيرها من متطلبات الحياة الأساسية»، موضحاً أن «العراق يحتاج إلى حكومة مهامها الرئيسية تكون توفير الخدمات والكهرباء والماء والإعمار وغيرها من ملفات لم تستطع الحالية تطويرها رغم وجود كل التسهيلات لها».وبينما جدد زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم موقفه بعدم المشاركة في الحكومة الجديدة والاستمرار بتقريب وجهات النظر بين الفرقاء، بحث رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان أمس، مع رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل جلال الطالباني، دور القضاء في معالجة الأزمة السياسية وفق السياقات الدستورية والقانونية، وضرورة احترام جميع القوى السياسية ما يصدر عن القضاء وتعزيز ثقة المواطنين بحيادية واستقلالية القضاء.وأثنى زيدان «على جهود رئيس الاتحاد الوطني الإيجابية في توحيد القوى والأطراف السياسية وعدم خلق التوتر والفرقة».من جانبه، دعا الطالباني زيدان إلى «لعب دوره التاريخي لحامية حقوق جميع العراقيين بقومياتهم وأطيافهم وأن يكون مساعداً وداعما للدفاع عن حقوق إقليم كردستان القانونية والدستورية». وتعرض زيدان لانتقادات لاذعة من سياسيين وإعلاميين عراقيين اتهموه بتسييس القضاء واتخاذ قرارات تساير ايران.نفط كردستان
وفي تطور مواز، حددت المحكمة التجارية باستئناف الكرخ الاثنين المقبل جلسة للنظر في شكاوى وزارة النفط الاتحادية ضد سبع شركات أجنبية تعمل في قطاع النفط والغاز في إقليم كردستان خارج محددات الدستور.وفي حين تعتزم «النفط» مقاضاة جميع الشركات الأجنبية العاملة في الإقليم بقطاع النفط والغاز والعمليات اللوجستية والفنية الملحقة بهذين القطاعين وفق قرار من المحكمة الاتحادية العليا في فبراير الماضي، أعلنت وزارة الثروات الطبيعية في كردستان أن قرار المحكمة التجارية «إجراء غير قانوني والشركات الأجنبية تنفذ أعمالها وفقا لقانون النفط والغاز لسنة 2007 الذي أقره برلمان إقليم كردستان بما يتوافق مع الدستور العراقي».وأظهرت بيانات شركة تسويق النفط (سومو)، أن كردستان أنتج 460 ألف برميل يومياً من النفط الخام في مايو، أي ما يزيد قليلاً على 10 في المئة من إجمالي الإنتاج العراقي، البالغ 4.47 ملايين برميل يوميا الشهر الماضي، بزيادة 40 ألفاً عن الشهر السابق.