جددت الصين دعمها لحليفتها روسيا، التي ترزخ تحت عقوبات كبيرة بسبب غزوها لجارتها أوكرانيا، في حين شددت فرنسا على ضرورة إجراء «محادثات جديدة» مع أوكرانيا.

في هذا الصدد، أكد الرئيس الصيني شي جينبينغ لنظيره الروسي فلاديمير بوتين، خلال اتصال هاتفي، أمس، «دعم بكين سيادة وأمن روسيا»، مؤكداً أن «الصين راغبة في مواصلة دعم روسيا في قضايا تمثل مصالح أساسية، وتثير مخاوف رئيسية مثل السيادة والأمن».

Ad

وأضاف: «منذ بداية هذا العام، ورغم التغيرات العالمية وعدم الاستقرار في العالم، تحافظ العلاقات بين بلدينا على ديناميكيات جيدة للتنمية على الصعد كافة، ونحن مستعدون للتعاون مع موسكو لضمان تنمية مستقرة وطويلة الأجل للتعاون التجاري والاقتصادي الثنائي».

وأفاد الكرملين في بيان، بأنه «تم الاتفاق على توسيع التعاون في مجالات الطاقة والمال والصناعة والنقل وغيرها، مع الأخذ في الاعتبار الوضع الاقتصادي العالمي الذي تعقّد بسبب العقوبات غير الشرعية الغربية»، مضيفاً أن الرئيسين تطرقا أيضاً إلى «تطوير العلاقات العسكرية». وتعود آخر مكالمة أعلن عنها بين شي وبوتين إلى أواخر فبراير، غداة الغزو الروسي لأوكرانيا. وترفض الصين منذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا في 24 فبراير استخدام عبارة «غزو» لوصفه، وتوجه أصابع الاتهام في النزاع إلى الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو).

ماكرون يتشدد

وفي محاولة لتهدئة المخاوف لدى أوكرانيا وبعض الحلفاء الأوروبيين، بشأن موقفه السابق تجاه موسكو، اتخذ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون موقفا أشد صرامة إزاء روسيا، بعد زيارة للقوات الفرنسية والقوات الحليفة في قاعدة لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في رومانيا، إلا أنه رأى في المقابل أن من الضروري إجراء «محادثات جديدة» مع أوكرانيا، دون أن يؤكد ما إذا كان سيتوجه اليوم الى كييف في زيارة من المقرر أن يشترك معه فيها المستشار الألماني أولاف شولتس، ورئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي، حسبما أفادت وسائل الإعلام سابقا.

وفي تصريح إلى جانب الرئيس الروماني كلوس يوهانس، قال ماكرون: «هناك وضع جيوسياسي غير مسبوق على أبواب اتحادنا الأوروبي، إذاً نعم، لكل هذه الأسباب وللسياق السياسي والقرارات التي يجب أن يتخذها الاتحاد الأوروبي وعدد من الدول، يجب إجراء المزيد من النقاشات المعمقة والمزيد من التقدم».

وتابع: «سنبذل قصارى جهدنا لوقف القوات الروسية ومساعدة الأوكرانيين وجيشهم ومواصلة المفاوضات، لكننا في المستقبل المنظور سنحتاج إلى الحماية والردع»، مبينا أنه سيتعين على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والمسؤولين الأوكرانيين التفاوض مع روسيا في مرحلة ما من أجل محاولة إنهاء الحرب، «لسنا في حالة حرب مع روسيا، والمخرج الوحيد هو إما انتصار أوكرانيا أو اتفاق تفاوضي بين كييف وموسكو».

ووصل ماكرون إلى رومانيا مساء أمس الأول، حيث تناول العشاء مع الجنود الفرنسيين الموجودين في القاعدة الواقعة قرب البحر الأسود، قبل أن يقرر النوم في خيمة هناك وليس في الفندق.

وتقود فرنسا مجموعة قتالية تابعة للناتو في رومانيا قوامها نحو 800 جندي، بينهم 500 فرنسي، إلى جانب آخرين من هولندا وبلجيكا. وصباح أمس، تناول ماكرون الفطور مع الجنود، والتقى مرة ثانية الرئيس يوهانس، الذي تحدث معه لأكثر من ساعة، ليتوجه بعد ذلك برفقه وزيرة الخارجية الجديدة كاثرين كولونا إلى مولدافيا القريبة، لدعم دولة يخشى كثيرون من أن تنجر إلى الصراع في أوكرانيا المجاورة والتي تربطها بها حدود مشتركة.

وتتطلع الأنظار إلى كييف اليوم، حيث ذكر مصدران دبلوماسيان أن الزعماء الأوروبيين الثلاثة قد يتوجهون إلى العاصمة الأوكرانية. وفي حين رفضت الرئاسة الفرنسية تأكيد الزيارة، صرح نائب رئيس مجلس الاتحاد الروسي كونستانتين كوساتشيف بأن «الزيارة الثلاثية الأوروبية، إذا ما تمت، لن تؤدي سوى إلى كارثة وطنية نهائية، ولن تساعد أوكرانيا على أن تصبح دولة أوروبية حقيقية».

في المقابل، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أمس، إن أي قرارات بشأن التنازل عن أجزاء من الأرض، هو «أمر متروك لأوكرانيا»، مضيفا أن واشنطن وحلفاءها يعملون للتأكد من أن كييف تحصل على المساعدة التي تحتاجها لتكون لها يد قوية في ساحة المعركة.

وكان السفير الروسي لدى الولايات المتحدة أناتولي أنتونوف أعرب عن قلقه حيال إمكان تسليم المزيد من الأسلحة البعيدة المدى إلى نظام الحكم في كييف، مشيرا إلى أن «هذا يؤكد أن الأميركيين لا يسعون إلى تسوية الصراع الأوكراني وإنما يريدون تصعيده».

في السياق، شكك نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديمتري ميدفيديف من استمرار «وجود» أوكرانيا، متسائلا: «من قال إن أوكرانيا ستبقى موجودة على خريطة العالم، بعد عامين؟». جاء ذلك ردا على أن أوكرانيا بحاجة إلى الغاز، وإلا فإنها ستتجمد ببساطة في الشتاء المقبل.

بدوره، ذكر عضو مجلس النواب الروسي (الدوما) يفغيني فيودوروف أن روسيا تبحث حاليا إلغاء الاعتراف باستقلال ليتوانيا، ويمكن أن تلغي اعترافها باستقلال لاتفيا وإستونيا وأوكرانيا أيضا في المستقبل، مبينا أن قرار الاعتراف باستقلال ليتوانيا غير مشروع لأنه صدر عن هيئة غير دستورية انتهكت حينما اتخذته عدة أحكام لدستور الاتحاد السوفياتي، الذي كانت ليتوانيا حتى 1990 جزءا منه، وبعد ليتوانيا يمكن أن يُطرح الطلب نفسه بشأن إستونيا ولاتفيا وأوكرانيا.

«الناتو»

وبعد تعزيز وجوده العسكري على طول جناحه الشرقي، قال الأمين العام لـ«الناتو» ينس ستولتنبرغ إن تمركز الأسلحة في دول شرق أوروبا والدوريات التي تقوم بها القوات الإضافية يهدف إلى دعم الوجود القوي بالفعل للحلف في المنطقة.

وأضاف ستولتنبرغ، في مؤتمر صحافي ببروكسل، انه سيتم تقرير التفاصيل النهائية لرد فعل التحالف العسكري على المدى الأطول للتهديدات الأمنية التي تفرضها روسيا خلال قمة قادة «الناتو» في مدريد نهاية الشهر الجاري، مشيرا إلى أنه تم توجيه دعوة للرئيس الأوكراني للمشاركة في القمة.

ولفت إلى أن «قادة الحلف سيواصلون تزويد أوكرانيا بالأسلحة الثقيلة والأنظمة بعيدة المدى»، متوقعا الموافقة على حزمة جديدة من المساعدات لكييف خلال قمة الحلف. كلام ستولتنبرغ تزامن مع مناقشة العشرات من وزراء الدفاع من دول «الناتو» وأجزاء أخرى من العالم، أمس، إمدادات الأسلحة لأوكرانيا.

وقاد اجتماع لجنة الاتصال الخاصة بأوكرانيا في «الناتو» وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، وهي المرة الثالثة التي تجتمع فيها المجموعة التي تضم نحو 50 دولة لمناقشة وتنسيق المساعدات لأوكرانيا. وكان الاجتماع المباشر السابق في قاعدة رامشتاين الجوية بألمانيا في أبريل، ويتوقع مسؤولون أميركيون الإعلان عن أسلحة إضافية للقوات الأوكرانية في الأيام المقبلة.

ودعا أوستن الدول الغربية إلى «تكثيف عمليات تسليم الأسلحة لأوكرانيا كي تتمكن أوكرانيا من الدفاع عن نفسها، وعلينا أن نبذل قصارى جهودنا لضمان أن تتمكن أوكرانيا من الدفاع عن نفسها، عن مواطنيها وأراضيها».