بالعربي المشرمح: «لا طبنا ولا غدا الشر!»
من يعتقد أن بإمكانه تحقيق ما يريد دون الدستور فهو مخطئ، فلا النائب يمكنه أن يصبح نائباً، ولا الوزير وزيراً، ولا التاجر يمكنه ممارسة تجارته بحرية، ولا المواطن يمكنه أن يعيش حياة كريمة بلا دستور (62) ومن يظن غير ذلك فعليه أن يعود بذاكرته للتاريخ ويتمعنه.دستورنا كان وما زال صمام الأمان ليس للمحكومين فقط بل حتى للحكام والدولة الحديثة، وميزنا عن الكثير من دول الجوار بل الدول العربية حتى أصبحنا مضرب مثال للحريات والتطور المدني، وهو ما جعلنا متفوقين في معظم المجالات والأنشطة.ولأن الدستور كذلك فهو العائق الرئيس لمنظومة الفساد التي دأبت على التخلص منه والقضاء عليه منذ تأسيسه، إلا أنها فشلت دوما وأبداً، ولن تستطيع ذلك رغم بلوغها ذروة النفوذ والقوة خلال الأعوام الماضية، لوعي الشعب الكويتي وإدراكه قيمة دستوره.
والمؤلم أن منظومة الفساد، وفي خضم تطور المجتمعات وفي ظل الدستور الذي ميزنا عن غيرنا من الشعوب، نجحت في الالتفاف حول مواده وتعطيل بنوده والعبث فيه، حتى أصبحنا في تخلف وتدهور وانتشر الفساد ليصبح قاعدة ووسيلة للثراء والنفوذ، وتم إظهار ذلك على أنه بسبب الدستور والحريات، بل حتى أنهم نجحوا بألا يلتفت لهذا الدستور أي من أبناء الوطن الذي بات جزءا منهم يراه سبباً في هذا التدهور والفساد، ويتمنى زواله، وهكذا أرادت منظومة الفساد، ونجحت حتى يومنا هذا بسبب نفوذها وأعلامها ومرتزقتها. يعني بالعربي المشرمح:دستورنا هو سورنا الذي حمى البلاد والعباد بعد الله طوال تلك السنين، وميزنا عن بقية الشعوب، وجعل من بلدنا منارة تنير معاني وقيم الحرية والتطور، ومن دونه لا يمكن أن نستمر ونتطور، ولا يمكن لمن يريد زواله أو تعطيله أن يصل لما وصل إليه، فتخيلوا حياتنا بدون دستور (62) وما منحه للحاكم والمحكوم من نظام آمن ومستقر، الأمر الذي يجعلنا نقول للجميع، وخصوصاً أطراف الصراع الهمجي والعبثي: إن استمر هذا الوضع، فـ«لا طبنا ولا غدا الشر»، ولن تحصدوا شيئاً سوى الخراب والدمار للجميع، فحافظوا على الدستور الذي نظم حياتكم وميزكم عن بقية الدول التي لا دستور لها ولا حرية قبل فوات الأوان، فالكويت أمانة في أعناقكم!