يظل الـ 19 من يونيو عام 1961 يوماً خالداً في تاريخ الكويت، وهو الذي أعلنت فيه البلاد رسمياً استقلالها التام واستكمال سيادتها الكاملة وباتت دولة عربية مستقلة لتبدأ مرحلة جديدة من عمر الدولة.

وتمثل هذه المناسبة التي تحل ذكراها الـ 61 غداً انطلاقة الدولة بمفهومها العصري عندما تم فيه توقيع وثيقة الاستقلال وإلغاء معاهدة الحماية مع الحكومة البريطانية، مما شكل انطلاقة للبلاد نحو الازدهار والنماء والتقدم لتتحول إلى «درة الخليج» بفضل جهود حكامها وتلاحم شعبها حول قيادتهم.

Ad

إلغاء المعاهدة

وانطلقت المساعي نحو الاستقلال بعدما أيقن أمير الكويت الراحل الشيخ عبدالله السالم أن معاهدة الحماية التي وقعها الشيخ مبارك الصباح الحاكم السابع للكويت مع بريطانيا عام 1899 لم تعد صالحة بعد أن تغيرت الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد.

وارتأى السالم ضرورة إلغاء تلك المعاهدة باعتبارها تتعارض مع سيادة الكويت واستقلالها ومصالحها وضرورة الاستعاضة عنها باتفاقية صداقة جديدة تواكب التطورات العالمية.

وأعلن في ذلك اليوم الشيخ عبدالله السالم إنهاء معاهدة الحماية البريطانية بتوقيع وثيقة استقلال البلاد مع المندوب السامي البريطاني في الخليج العربي السير جورج ميدلتن نيابة عن الحكومة البريطانية.

وبعد توقيع الوثيقة وجه السالم كلمة خالدة إلى الشعب الكويتي قال فيها «شعبي العزيز... إخواني وأولادي... في هذا اليوم الأغرّ من أيام وطننا المحبوب... في هذا اليوم الذي ننتقل فيه من مرحلة إلى مرحلة أخرى من مراحل التاريخ ونطوي مع انبلاج صبحه صفحة من الماضي بكل ما تحمله وما انطوت عليه لنفتح صفحة جديدة تتمثل في هذه الاتفاقية التي نالت بموجبها الكويت استقلالها التام وسيادتها الكاملة».

وشهد عام 1962 اول احتفال بعيد الاستقلال إلى أن صدر في 18 مايو عام 1964 مرسوم بدمج العيد الوطني بعيد الجلوس وهو ذكرى تسلم الشيخ عبدالله السالم مقاليد الحكم في البلاد الذي يصادف 25 فبراير من كل عام وذلك بداية من عام 1965.

وسبق التوقيع على وثيقة الاستقلال خطوات مدروسة من الشيخ عبدالله السالم منذ توليه مقاليد الحكم عام 1950 إذ عمل على تحقيق الاستقلال وإعلان الدستور، خصوصاً أن البلاد كانت في تلك الفترة مهيأة للتطور في مختلف المجالات.

عام الاستقلال

وشهد عام الاستقلال وتحديداً في السابع من سبتمبر 1961 صدور قانون مرسوم أميري بشأن العلم الكويتي (الحالي) وهو أول علم يرفع بعد الاستقلال وتم تحديد شكله وألوانه في حين جاءت الخطوة التالية عقب الاستقلال بتقديم الكويت طلباً لجامعة الدول العربية فتم قبول عضويتهاً رسمياً في 20 يوليو 1961.

وفي 26 أغسطس 1961 صدر مرسوم أميري في شأن إجراء انتخابات للمجلس التأسيسي تحقيقاً لرغبة الشيخ عبدالله السالم بإقامة نظام حكم قائم على أسس واضحة ومتينة وإصدار دستور يستند إلى المبادئ الديموقراطية حيث أنجز المجلس المنتخب مشروع الدستور الذي تضمن 183 مادة خلال تسعة أشهر.

واتسم دستور الكويت بروح التطور التي تقدم للشعب الكويتي الحلول الديموقراطية للانطلاق في درب النهضة والتقدم والازدهار، ما مكن البلاد من انتهاج حياة ديموقراطية مستمدة من ذلك الدستور المتكامل الذي أقره مجلس تأسيسي منتخب من أبناء الكويت.

وكان عهد الشيخ عبدالله السالم الذي امتد 15 عاماً من السنوات البارزة في تاريخ الكويت وأطلق عليه لقب (أبو الاستقلال) و(أبو الدستور) نظراً إلى جهوده المضنية وإنجازاته الكبيرة وحكمته السديدة لنيل الاستقلال.

وبدأت الكويت في تلك الحقبة بوضع القوانين والأنظمة التي خطت بها نحو الاستقلال الكامل فأنجزت 43 قانوناً وتشريعاً مدنياً وجنائياً منها قانون الجنسية وقانون النقد الكويتي وقانون الجوازات وتنظيم الدوائر الحكومية.

كما صدر مرسوم أميري بتنظيم القضاء وجعله شاملاً لجميع الاختصاصات القضائية في النزاعات التي تقع في البلاد بعد أن كانت بعض القضايا تنظر أمام هيئات غير كويتية.

وكانت البلاد زاخرة بالعديد من الإدارات المنظمة جيداً والمهيأة على مستوى البنية الهيكلية لمزيد من التوسع والتطوير كإدارات الأشغال العامة والصحة العامة والمطبوعات والنشر وأملاك الدولة المالية إضافة إلى المعارف والبلدية والبريد والهاتف والكهرباء والماء والشؤون الاجتماعية والأوقاف والإذاعة والتلفزيون.

فعلى مدار 61 عاماً أنجزت الكويت الكثير على طريق النهضة الشاملة بتعاون أبنائها خلف قيادتهم الحكيمة وسارت بخطى ثابتة تجاه النظام العالمي الجديد والشرعية الدولية برفض العدوان وحماية حقوق الإنسان والمحافظة على خصوصية الدول وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى كما آمنت بدور الأمم المتحدة في الحفاظ على الأمن والسلام الدوليين.

وحققت البلاد إنجازات متميزة على جميع الصعد وفق خطط استشرافية أدركت متطلبات البلاد وأبنائها من التنمية والتطوير والازدهار وأسهمت في أداء دور محوري في الملفات الإقليمية والدولية التي اضطلعت بها كما أصبحت محط أنظار العالم في المساعدات الإنسانية.

وتواصل الكويت في ظل القيادة الحكيمة لسمو امير البلاد الشيخ نواف الأحمد وسمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد مسيرة التنمية والاعمار على الصعيد الداخلي ومسيرة الدبلوماسية الوقائية ونزع فتيل الأزمات وحل القضايا العالقة إقليمياً ودولياً.

وتأتي هذه المسيرة إكمالاً للنهج الذي اختطه الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد ومن قبله بقية حكام الكويت من آل الصباح الذين التف الشعب حولهم ليقودوا البلاد إلى بر الأمن والأمان رغم الأزمات الكثيرة التي شهدتها المنطقة.