ماذا تملك غير صرير الجنادب؟
عشقت الربة أورورا الأمير الطروادي تيثنوس، وسألتْ كبير الآلهة زيوس أن يبقيه لها خالداً، فأجاب طلبها، لكن هذه العاشقة نسيت أن تطلب من زيوس أن يبقي حبيبها في شباب دائم، فعاش تيثنوس عمراً طويلاً وأصبح كهلاً لا يقوى على شيء لكنه لا يموت، والموت هنا رحمة له، عندها توسلت أورورا إلى زيوس أن يقلب تيثنوس جندباً، فأجاب طلبها، ولم يعد تيثنوس يفعل شيئاً غير إطلاق صوت الصرير دون توقف.كانت تلك أسطورة يونانية قديمة، عساها ألا تضحى حقيقة لواقع الكويت، التي شاخت وذبلت بإدارتها السياسة المتيبسة، فلم نعد نسمع من جديد لقلب واقعها غير «صرير» ساستها، والأمور أضحت ثابتة متحجرة، ولا أحد من أهل السلطة يكترث لما يدور في الداخل أو بالعالم أو يقرأ المستقبل بعين واعية. افتحوا أي صحيفة أجنبية كبيرة ولن تجدوا في مانشيتاتها غير أخبار سوداوية عن التضخم الذي يجتاح العالم دون استثناء أي دولة بسبب جائحة كورونا ثم حرب أوكرانيا.
افتتاحية «فايننشال تايمز»، على سبيل المثال، جاء فيها أمس: «... اقتصاد العالم يواجه ضغطاً شديداً في الإمدادات (العرض) والبنوك المركزية مقيدة في حركتها لتحريك الطلب العالمي. أكثر من ذلك، هواجس عدم اليقين وقلة أدوات الدراية تهمين على هذه البنوك، ولا أحد يمكنه أن يمسك بتلابيب ضغوط التضخم هذه ولا آثاره على النمو والتجارة وفرص العمل.. بعد هذا التضخم الذي ينمو يوماً بعد يوم سيأتي الركود التضخمي، وقد تكون كارثة اقتصادية لم يمر بها العالم منذ انهيار سوق المال في أميركا والعالم عام 1929 وحدوث الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي، ثم الحرب العالمية الثانية».ماذا تحوطت السلطة هنا لاحتمالات الغد، غير الوقوف كمتفرج لما يدور في العالم، بينما هي اليوم منتشية بارتفاع سعر برميل النفط، وكل همها تسكين سرطان الشيخوخة السياسية والاقتصادية بإبر التخدير، مثلما قال محمد البغلي، عبر سياسة «أعطه صرة من بيت المال»... ماذا نملك اليوم غير صرير جنادب السياسة الكويتية؟