غداة كشف مسؤولين في المخابرات الأميركية والإسرائيلية أن إيران تحفر شبكة أنفاق واسعة جنوب منشأة «نطنز» النووية، فيما يعتقدون أنه أكبر جهد تبذله طهران حتى الآن لبناء منشآت ذرية جديدة في أعماق الجبال تستطيع الصمود أمام الهجوم بالقنابل والهجمات الإلكترونية في ظل تعثر جهود إحياء الاتفاق النووي، تساءل خبراء عن احتمال طلب دول مجلس التعاون من الولايات المتحدة ضمها لمظلتها النووية، قبيل الزيارة المرتقبة للرئيس الأميركي جو بايدن للمنطقة والتي تتضمن حضور قمة خليجة بمشاركة زعماء عرب.ونشر موقع «ارم نيوز» تقريراً نقل فيه عن خبراء ومحللين سياسيين تحذيرهم من أن تطوير إيران أسلحة نووية، سيدخل المنطقة في سباق تسلح نووي معتبرين أن «تباطؤ دول الخليج في بناء قدراتها النووية لمجابهة الخطر الإيراني، يعني الخضوع لتهديد طهران بجميع تداعياته».
ونقل التقرير عن رئيس مركز الخليج للأبحاث عبدالعزيز بن صقر، أن «هناك تهديداً لدول الخليج» إذا طورت إيران سلاحاً نووياً، مضيفاً إن «مواجهته تتم إما ببناء قدراتك الخاصة، أو الاستخدام المشترك، أو أن تطلب المظلة النووية، أو أن تقبل التهديد وعليك أن تتحمل جميع تداعياته».ولفت إلى أن من خيارات مواجهة ذلك، «إيجاد مظلة نووية متكاملة مثل المظلة التي وفرتها أميركا لألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية»، أو من خلال الاستخدام المشترك بمعنى «الذهاب لدولة لديها رؤوس نووية ليكون بيننا استخدام مشترك للسلاح النووي لا يتم إلا بإذن الدولة الأخرى».وتوقع أن تشمل زيارة الرئيس الأميركي، المرتقبة للمنطقة «مناقشة ملفين اثنين أساسيين، وهما الملف الأمني بجميع تشعباته، بمعنى التهديد الإيراني والدعم الإيراني للميليشيات في المنطقة، وتهديداتها الصاروخية والطائرات المسيرة، أما الملف الثاني فسيكون ملف الطاقة»، لكنه استبعد طلب الخليج الانضمام إلى الغطاء النووي الأميركي.بدوره، قال أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود والمحلل السياسي، علي دبكل العنزي، إن «حصول الجمهورية الإسلامية على السلاح النووي سينتج عنه سباق تسلح ليس على مستوى الخليج فحسب، بل على مستوى المنطقة لردع الأطماع الإيرانية».من جانبه، أكد الأكاديمي والباحث السياسي الكويتي عايد المناع، أن وجود الخطر يستوجب إيجاد رادع، «هذه معادلة بسيطة وليست غريبة»، مضيفاً: «الآن لم يعد هناك صعوبات في بناء قدرات نووية مثل الصعوبات التي كانت في السابق… العلماء متوافرون ولم يعد استقطابهم يشكل عائقاً، وذلك حتى تجهز لبناء علماء محليين». واستبعد أن «تهتم الإدارة الأميركية المنشغلة بالصراع في أوكرانيا بمطالب ضم دول الخليج للمظلة النووية».
تحضيرات إقليمية
ويأتي ذلك في وقت يستعد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للانطلاق بجولة إقليمية يستهلها من مصر وتشمل الأردن وتركيا.ويتوقع أن يقوم بن سلمان بتنسيق المواقف بشأن القضايا الثنائية والدولية المشتركة مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني قبل مشاركتهما في القمة المرتقبة مع الرئيس الأميركي المقررة في جدة منتصف يوليو المقبل.ويحل بن سلمان ضيفاً على الرئيس المصري، غداً الاثنين، في أول زيارة رسمية للقاهرة منذ نوفمبر 2018، ويتوجه بعدها إلى عمان، ثم أنقرة والتي سيزورها الأربعاء المقبل.وقالت مصادر رفيعة المستوى لـ «الجريدة» إن القمة المصرية - السعودية ستشمل استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين، والأوضاع الإقليمية وملفاتها المشتعلة، فضلاً عن مناقشة الملف النووي الإيراني، كما تركز القمة على الملف الاقتصادي وبحث تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية، إذ يتوقع أن يتم توقيع عدة اتفاقيات في هذا الإطار، وسط دعم سعودي معلن لمصر بمواجهة الأزمة الاقتصادية.بدوره، حلل مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق للشؤون العربية، السفير حسين هريدي، أبعاد زيارة ولي العهد السعودي قائلا لـ «الجريدة»: «الزيارة لها ثلاثة محاور، الأول محور العلاقات المصرية - السعودية، فتأتي الزيارة لتفتح صفحة جديدة في هذه العلاقات، أما المحور الثاني فهو محور الملفات الإقليمية المشتعلة، بما في ذلك الأوضاع في لبنان وليبيا واليمن، ومناقشة طبيعة الدور الإيراني في المنطقة».وأشار هريدي إلى أن لقاء القاهرة سيناقش الإعداد لموقف مصري - خليجي مشترك يطرح خلال القمة الأميركية مع دول مجلس التعاون ومصر والأردن والعراق الشهر المقبل، سواء فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وما يتردد عن رغبة أميركية في إدماج إسرائيل في المنطقة، فما هو المقابل بخصوص القضية الفلسطينية؟». في غضون ذلك، استقبل الرئيس المصري بمدينة شرم الشيخ، ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة الذي وصل إلى مصر في زيارة مفاجئة، اليوم ، يعتقد أنها تأتي ضمن التحضيرات الإقليمية لقمة جدة.تبرير إيراني
إلى ذلك، رد المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي على التقرير بشأن بناء بلاده لأنفاق حصينة تحت الجبال في منطقة نطنز ووصفها بـ»الدعاية الإسرائيلية». وقال إنّ طهران أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بانتقال منشأة «تساي» الخاصة بأجهزة الطرد المركزي الواقعة في مدينة كرج غرب العاصمة إلى منشأة نطنز وسط إيران. وأوضح كمالوندي، أمس، أنّ نقل الأنشطة من «كرج»، التي سبق أن تعرضت لاعتداء تخريبي يعتقد أن إسرائيل دبرته العام الماضي، إلى نطنز هدفه «الحفاظ على المنشآت النووية السلمية»، مضيفاً: «أبلغنا الوكالة الدولية بالتفاصيل، رغم عدم وجود ما يلزمنا بذلك في اتفاق الضمانات». وتابع: «إجراءاتنا النووية شفافة، والدعاية الإعلامية الإسرائيلية لن تحقق أهدافها».