ترتيبات بين الصدر والبارزاني تتضمن زيارة الرياض
الجريدة. تطلع على تفاصيل مكالمة مطولة بينهما سبقت «استقالة الأكثرية»
بينما قال الزعيم الكردي مسعود البارزاني، إن صلاحيات «أربيل» الفدرالية بُنيت بالدم، وستُحمى بالدم، حصلت «الجريدة» على جانب من تفاصيل المكالمة الأخيرة التي جرت بينه وبين زعيم التيار الصدري، واستمرت تسعين دقيقة، قبل أن يقدم نواب الكتلة الأكبر التابعة لمقتدى الصدر استقالاتهم من البرلمان العراقي.وكشف مصدر سياسي رفيع لـ «الجريدة»، أن الصدر، شرح للبارزاني تفاصيل موسعة حول خطته للتعامل مع التدخل الإيراني والفصائل المسلحة، في ملف تشكيل الحكومة، قبل أن يقدم 75 نائباً يمثلون الكتلة الصدرية، استقالاتهم من مجلس النواب الأحد الماضي، ما مثّل زلزالاً غير مسبوق من شأنه إحداث تغيير عميق في قواعد السياسة العراقية.وأكد المصدر أن البارزاني أبدى تفهماً لخطط الصدر، التي تهدف إلى معالجة تعطيل البرلمان من خارجه، كما وافق البارزاني على بقاء الاتفاقات بينهما لإصلاح قواعد الحكم والإدارة، حسب تعبير المصدر.
لكن البارزاني طلب من الصدر شرح سيناريوهات التعامل مع النتائج والتداعيات الجسيمة التي ستتركها استقالة نواب الكتلة الفائزة، باعتبارها أزمة غير مسبوقة قانونياً وسياسياً، ستسمح بصعود 75 نائباً جديداً بدل الصدريين، معظمهم من خصوم تحالف الأغلبية، المقربين من طهران.وأشار المصدر إلى أن زعيم التيار، تشاور مع البارزاني حول استغلال العطلة التشريعية للبرلمان، والتي تمتد شهراً وتنتهي في العاشر من يوليو المقبل، وستسبقها مشاركة الصدر في مراسم الحج، واحتمال أن يعقد مشاورات مع القيادات السعودية بالرياض، لتدارس التعاون العراقي- العربي في كبح جماح التحديات الأمنية التي تجتاح المنطقة.ويرجح مراقبون أن يلجأ الصدر إلى الشارع؛ اعتراضاً على وجود فصائل مسلحة تخرق السيادة العراقية، وتتلاعب بالاقتصاد والأمن. وينشط عدد من قادة الشيعة مثل عمار الحكيم وهادي العامري، وهما من الأطراف الأكثر اعتدالاً في جنوب العراق، لتهدئة احتمالات التصادم بين الصدر والفصائل، كما يحاولان تشجيع مرجعية النجف على التدخل لمنع أي احتراب شيعي محتمل. وأطلق أنصار الحكيم والعامري تصريحات تدعو الفصائل إلى عدم التسرع في تقديم نواب بدلاء لشغل مقاعد الصدر الـ 75، في البرلمان، واصفين ذلك بأنه سيعني إثارة غضب غير مأمون العواقب، لدى أوسع تيار شعبي في العراق.وحضر البارزاني أمس، فعالية في جامعة صلاح الدين بأربيل، عرضت سلسلة من الكتب الوثائقية حول «ثورات البارزانيين» خلال القرنين الأخيرين، ضد العثمانيين ثم الحكومات المتعاقبة في العراق. وقال إن دستور العراق لعام 2005 جاء لينهي النزاعات الطويلة بمنح كردستان الصلاحيات داخل نظام فدرالي، لكن الأمور لا تسير بشكل صحيح. وكان البارزاني يعلق على قرارات المحكمة العليا العراقية التي صدرت أخيراً، ومنعت كردستان من إنتاج النفط والغاز، وحذّرت بمعاقبة الشركات الأجنبية التي تستثمر هناك. ويقول الأكراد، إنهم يتعرضون لعقوبة من الفصائل العراقية الموالية لإيران، نتيجة تحالف حزب البارزاني مع مقتدى الصدر، الفائز الأول في انتخابات أكتوبر الماضي، الذي حاول تشكيل حكومة أغلبية خارج قيود الطائفة، لكبح جماح الفصائل المسلحة التي خسرت الانتخابات. لكن الصدر تعثّر بسبب قرارات المحكمة العليا التي اتُّهِمت بانحيازها لتأويلات دستورية تصب في مصلحة حلفاء طهران، قيّدت انتخاب رئيس الجمهورية بثلث معطل، على غرار المعادلة اللبنانية.وأكد البارزاني أن مكتسبات إقليم كردستان جاءت بدماء الشهداء، وسيحميها الدم، إذا حاول الآخرون استخدام القوة لسلب الصلاحيات الفدرالية التي أقرها الدستور.ويرى البارزاني أن الدستور وثيقة جيدة رغم عيوبها، ويمكن استكمال الحوار السياسي مع بغداد على هذا الأساس، لكن فرض الأمور بالقوة لن ينجح.وذكر أنه دخل في تحالف الأغلبية النيابية، بعد نتائج واعدة في الانتخابات، مضيفاً: «وتعلمون ما حصل بعد ذلك» في إشارة إلى تعطيل البرلمان، ومنع الأغلبية من تشكيل الحكومة.