ألقى تقرير نشره موقع «إنسايدر» الضوء على قدرة موسكو على الصمود اقتصادياً بعد ثلاثة أشهر ونصف الشهر من الحرب في أوكرانيا، على الرغم من توقع الخبراء انهياراً للنظام الاقتصادي للرئيس فلاديمير بوتين منذ أن ضرب الغرب روسيا بعقوبات شاملة، في حين حذر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ اليوم ، من أن الحرب قد تستمر سنوات.

وحث ستولتنبرغ في تصريحات نقلتها صحيفة «بيلد» الألمانية على «الاستعداد لحقيقة أن الحرب قد تستمر سنوات»، مطالباً «بعدم تخفيف الدعم لأوكرانيا حتى لو كانت الأكلاف مرتفعة، ليس فقط على صعيد الدعم العسكري، بل أيضاً بسبب ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية».

Ad

بدوره، تحدث رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الذي زار كييف الجمعة، في مقال رأي في صحيفة «صنداي تايمز» في لندن عن الحاجة للاستعداد لحرب طويلة، مضيفاً أن «كل شيء سيعتمد على ما إذا كان بإمكان أوكرانيا تعزيز قدرتها على الدفاع عن أراضيها بشكل أسرع من قدرة روسيا على تجديد قدرتها على الهجوم».

وقال موقع «إنسايدر»، إن ما ساعد روسيا على الصمود، هي الطاقة التي لا تزال تحقق عائدات مبيعات وفيرة بفضل ارتفاع أسعار النفط، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن بوتين الذي يواجه عقوبات منذ ضم شبه جزيرة القرم في 2014 استعد جيداً للعقوبات الغربية، وقام بتشكيل الاقتصاد ليصبح حصناً لمواجهة الصدمات الخارجية.

ووفق التقرير، عملت موسكو على حشد الاحتياطيات وإخفاء الذهب. فمنذ 2014، تضاعفت حصة روسيا من الذهب ثلاث مرات وتم تخزينها داخل البلاد.

وتواصل روسيا أيضاً حشد بعض الاحتياطيات في شكل صناديق طوارئ، بفضل مكاسب غير متوقعة من مبيعاتها من النفط والغاز، ففي أبريل ويونيو الماضيين، أضافت 12.7 مليار دولار إلى احتياطياتها الطارئة لاستخدامها لضمان التنمية الاقتصادية المستقرة وسط العقوبات.

وبعيداً عن الادخار، كانت روسيا تبتعد عن رأس المال الأجنبي من خلال سداد الديون بقوة على مدى السنوات الثماني الماضية.

وديون روسيا الخارجية منخفضة جداً إذ تدين الحكومة بنحو 39 مليار دولار من السندات بالعملات الأجنبية حتى نهاية عام 2021.

أما بالنسبة للدين الوطني الإجمالي لروسيا، فهو لا يتجاوز 17 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي وهو أقل بكثير من الأرقام الثلاثية في العديد من البلدان المتقدمة.

لكن مع ذلك، بحسب التقرير، أكبر مشكلة تواجهها روسيا الآن هي سداد ديونها الخارجية بسبب القيود الناجمة عن العقوبات.

ويقول التقرير، إنه حتى لو صمد الاقتصاد كما يبدو، فإن روسيا قد تتضرر في نهاية المطاف عندما تتوقف السلع الأساسية عن العمل، لكن في الوقت الحالي، تظهر البلاد مرونة غير متوقعة عبر مجموعة من التدابير، مثل زيادة احتياطياتها وتوقف رأس المال الأجنبي.

ويخلص التقرير إلى أن روسيا تتحول إلى الداخل لأنها أصبحت منبوذة دولياً، لكن كمنتج ضخم للسلع الأساسية، فإن اقتصادها لن ينهار تماماً، على الرغم من أن النمو سيكون بطيئاً ومنخفضاً.

خاركيف مجدداً

ميدانياً، تصاعدت الهجمات الروسية في ساحات القتال في أوكرانيا. وقال الجيش الأوكراني، إن مدينة سيفيرودونيتسك الصناعية، التي كانت هدفاً رئيسياً في هجوم موسكو للسيطرة بشكل كامل على لوغانسك، وهي واحدة من مقاطعتين تشكلان منطقة دونباس، تعرضت لنيران مدفعية ثقيلة وصواريخ مرة أخرى.

وكتب محللون في مركز أبحاث مقره واشنطن، «القوات الروسية ستسيطر على الأرجح على سيفيرودونيتسك في الأسابيع القادمة، لكن ذلك سيأتي على حساب تركيز معظم القوات المتاحة في هذه المنطقة الصغيرة».

واعترف الجيش الأوكراني بأن «العدو حقق نجاحاً جزئياً في قرية ميتولكين» جنوب شرقي سيفيرودونيتسك. وذكرت السلطات الأوكرانية أن صواريخ روسية أصابت محطة غاز في منطقة إيزيوم إلى الشمال الغربي، كما أصابت الصواريخ الروسية مبنى البلدية في إحدى ضواحي خاركيف، ثاني أكبر مدن أوكرانيا.

وقالت موسكو، إنها قصفت ورشة لإصلاح الدبابات في خاركيف الا أن مسؤولاً في وزارة الداخلية الأوكرانية حذر اليوم ، من أن الوضع شمالي المدينة، التي تعد ثاني أكبر مدن أوكرانيا، صعب جداً إذ تحاول القوات الروسية الاقتراب من أجل قصف المدينة مرة أخرى. وأبلغ فاديم دنيسينكو مستشار وزير الداخلية التلفزيون الأوكراني «تحاول روسيا جعل خاركيف مدينة على خط المواجهة».

زيلينسكي والجنوب

وبعد زيارته الجبهة الجنوبية، أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اليوم ، أن معنويات قواته عالية وهي على ثقة في أنها ستنتصر على الروس. وفي زيارة نادرة خارج كييف حيث يتحصن منذ بداية الصراع، ذهب زيلينسكي إلى مدينة ميكولايف المطلة على البحر الأسود حيث تفقد القوات المتمركزة في مكان قريب وفي منطقة أوديسا المجاورة.

وقال في مقطع فيديو عبر تلغرام لدى عودته إلى كييف، «لن نمنح الجنوب لأحد وسنستعيد كل شيء وسيكون البحر أوكرانيّا».

وما زالت هذه المدينة الساحلية والصناعية التي كان يبلغ عدد سكانها نحو نصف مليون نسمة قبل الحرب، تحت السيطرة الأوكرانية لكنها قريبة من منطقة خيرسون التي يحتلها الروس بشكل شبه كامل.وتبقى المدينة أيضاً هدفاً لموسكو لأنها تقع على الطريق المؤدي إلى أوديسا أكبر ميناء في أوكرانيا والواقع على مسافة 130 كيلومتراً إلى الجنوب الغربي قرب مولدافيا والذي ما زال أيضاً تحت السيطرة الأوكرانية وفي قلب المناقشات حول رفع حظر تصدير ملايين الأطنان من الحبوب الأوكرانية.