وسط حراك عربي متلاحق يسبق زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى المنطقة، يعقد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، مباحثات مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بمنتجع شرم الشيخ اليوم، غداة قمة ضمت الرئيس المصري والعاهلين البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة، والأردني الملك عبدالله الثاني بن الحسين.وقالت مصادر مصرية مطلعة لـ «الجريدة»، إن اللقاء المصري - السعودي يأتي في إطار حراك إقليمي مكثف تشهده المنطقة لتنسيق المواقف وصولاً إلى وضع يحفظ أمن دول منطقة الشرق الأوسط، وإن المباحثات ستتناول ثلاثة ملفات بشكل رئيسي، أولها مستقبل العلاقات المصرية - السعودية وتعزيز التعاون بين البلدين، وبحث إمكانية زيادة الاستثمارات السعودية في الاقتصاد المصري خلال الفترة المقبلة.
وأشارت المصادر إلى أن الملف الثاني الذي يحظى باهتمام الزعيمين هو بحث تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية على دول المنطقة، خصوصاً الدول التي تعتمد على استيراد القمح من الدولتين المتحاربتين، في مقدمتها مصر التي تعتبر أكبر دولة مستوردة للقمح في العالم، إذ سبق أن أعلنت السعودية إيداع 5 مليارات دولار في البنك المركزي المصري مارس الماضي.كما تشهد القمة بحث الملف الثالث الخاص بتنسيق المواقف وتوحيد الرؤى على الصعيد الإقليمي، قبل القمة الأميركية - العربية المرتقبة في جدة منتصف يوليو المقبل، التي تجمع الرئيس الأميركي مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي الست، وقادة مصر والأردن والعراق، ومناقشة الموقف من القضية الفلسطينية، والملف النووي الإيراني، والتدخلات الإقليمية في شؤون الدول العربية.
ترحيب ثلاثي
القمة المصرية - السعودية، تأتي غداة عقد الرئيس السيسي مباحثات قمة مع العاهلين البحريني والأردني في شرم الشيخ، أمس، إذ اتفق الزعماء الثلاثة على الترحيب بالقمة المرتقبة في المملكة العربية السعودية الشقيقة بين قادة دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن والعراق والولايات المتحدة الأميركية، وتستضيفها مدينة جدة 16 يوليو المقبل.المتحدث باسم الرئاسة المصرية صرح بأن الرئيس السيسي رحب بشقيقيه البحريني والأردني؛ ضيفين عزيزين على مصر، وأعرب عن التقدير للعلاقات الوثيقة والتاريخية التي تجمع البلدان الثلاثة على المستويين الرسمي والشعبي، وأكد تطلع القاهرة إلى تعزيز التعاون البناء بين الدول الثلاث، بما يحقق المصالح المشتركة، ويعزز من جهود العمل العربي المشترك، خصوصاً وسط التحديات الكبيرة الناتجة عن التطورات الإقليمية والدولية المتعددة.من جانبهما، أشاد ضيفا مصر بالروابط الوثيقة التي تجمع بين البلدان الثلاثة، مؤكدين الحرص على الارتقاء بالتعاون مع مصر إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، بما يعظم استفادة الدول الثلاث من الفرص والإمكانات الكامنة في علاقات التعاون بينها، فضلاً عن أن هذه العلاقات تمثل حجر أساس للحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي وإعادة التوازن للمنطقة، في ضوء الأهمية المحورية لمصر والبحرين والأردن إقليمياً ودولياً.حراك مطلوب
من جهته، حلل وزير الخارجية المصري الأسبق محمد العرابي، لـ «الجريدة» الحراك المكثف الذي تشهده المنطقة حالياً، قائلاً: «العالم يشهد لحظة فارقة، إذ يعاد ترتيبه من جديد وسط الأزمة الأوكرانية، بالتالي أعتقد أن الدول العربية تدرك هذا، لذا تتحرك وتحاول إعادة صياغة العمل العربي المشترك، وبناء أمن قومي عربي وسط معطيات جديدة تسود العالم وتحديد شكل جديد للعلاقات العربية».وتابع العرابي: «لذا تعيد الدول العربية صياغة تحركاتها المشتركة لتأمين احتياجات شعوبها من الطاقة والغذاء، وكل أساليب الحياة، في مواجهة مرحلة غير مسبوقة يدخلها العالم ولم يشهدها من قبل من ناحية المصاعب الاقتصادية، بالتالي تُفهم التحركات العربية لخلق موقف موحد لمواجهة هذه الأزمات بعمل عربي مشترك، إذ لن يترك لكل دولة مواجهة هذه المصاعب بشكل منفرد».وأيّد العرابي التحركات العربية الحالية، واعتبرها «مطلوبة ومهمة جداً في توقيت مهم، وتنصب في سياق سياسة عربية رصينة تعي تماماً حجم التحديات وكيفية مواجهتها بعمل عربي مشترك»، واستبعد أن تشهد قمة جدة الأميركية - العربية حديثاً عن دمج إسرائيل في المنطقة، وأن الشاغل الرئيسي لهذه القمة سيكون بحث تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على دول المنطقة سواء في ملف النفط أو القمح.