ينهمك علي بتقطيع ذبيحة الغنم التي تسلّمها للتوّ في ملحمته بجنوب طهران، تمهيداً لبيعها إلى زبائن يشكون مثله تراجع قدرتهم الشرائية مع ارتفاع كبير في نسبة التضخم تشهده إيران ويعدّه خبراء الأكثر حدة منذ عقود.

ويقول علي (50 عاماً) لوكالة فرانس برس إن مبيعاته «تراجعت بشكل كبير، إلى النصف تقريباً... قدرة الناس الشرائية تراجعت بشكل هائل».

Ad

وتُعاني إيران من أزمة اقتصادية ومعيشية حادة تعود بشكل أساسي إلى العقوبات التي أعادت واشنطن فرضها على طهران منذ قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب سحب بلاده أُحادياً من الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني عام 2018.

وانعكست الأزمة على مختلف جوانب الحياة، مثل تراجع العملة المحلية وتجاوز نسبة التضخم عتبة الـ40 بالمئة سنوياً منذ 2018، وفق خبراء.

ويؤكد المحلل الاقتصادي سعيد ليلاز أن استمرار هذه النسبة «لأربعة أعوام متتالية غير مسبوق والأشدّ منذ سنوات الحرب العالمية الثانية».

ومنذ أسابيع، يسجّل التضخم تسارعاً إضافياً بعد إعلان حكومة الرئيس إبراهيم رئيسي في النصف الثاني من مايو، تعديلات على نظام الدعم ورفع أسعار مواد أساسية مثل الطحين واللحوم والبيض وزيت الطهو.

وتظهر أرقام وسائل إعلام محلية اختلافاً جذرياً في الأسعار بين المرحلتين، إذ ارتفعت أسعار اللحم الأحمر بنحو 50 في المئة، وتضاعفت أسعار الدجاج والحليب، وبات زيت الطهو أربعة أضعاف ما كان عليه.

ونزل المئات الى الشوارع في الأسابيع الماضية في مدن عدة رفضاً لارتفاع الأسعار، وأتت هذه التحركات الاحتجاجية لتُضاف إلى أخرى تنفذها منذ أشهر قطاعات مهنية مختلفة، للمطالبة بتحسين الأجور ورواتب التقاعد لتأخذ التضخم في الاعتبار.

والثلاثاء، قدّم وزير العمل حجت الله عبد المالكي استقالته على أمل «تعزيز التنسيق ضمن الحكومة وتحسين توفير الخدمات للشعب»، وفق المتحدث باسم الحكومة علي بهادري جهرمي.

وأفادت صحيفة «اعتماد» الإصلاحية أن الاستقالة أتت بعد تعرض عبد المالكي «لانتقادات لاذعة من المتقاعدين خلال احتجاجاتهم على خلفية دفاعه عن قرار حكومي بزيادة رواتب شرائح منهم بنسبة 10 بالمئة فقط»، وهو ما اعتُبِرَ غير كافٍ مقارنة بالتضخم.

ويعزو ليلاز ارتفاع الأسعار راهناً إلى سببين هما «الزيادة الحادة في التضخم عالمياً» بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، و«بدء إيران إصلاحات اقتصادية ضخمة» توقعت الحكومة أن تؤدي «إلى تضخم إضافي».

ويوضح الخبير الذي عمل كمستشار اقتصادي لعدد من الرؤساء الإيرانيين، أن الاجراء الحكومي الأساسي كان التخلي عن سعر الصرف المدعوم الذي كان مخصصاً لشراء مواد أساسية مثل القمح وزيت الطهو ومواد طبية.

وبدأ اعتماد سعر الصرف «التفضيلي» منتصف 2018 تزامناً مع الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي.

وثبّت السعر عند 42 ألف ريال للدولار، في حين أن سعر الصرف حالياً في السوق السوداء يتجاوز 300 ألف ريال للدولار.