هل تتكرر ديوانيات الاثنين؟
ستبقى الكويت بلداً للأزمات، حيث وصفتها بـ «سياسة الأزمة»، في دراسة سابقة لي. فالأزمات مغروسة في طبيعة النظام السياسي، عبر التاريخ. وهي أزمة موجودة داخل الأسرة الحاكمة من جانب، كما أنها موجودة في العلاقة بين السلطة والفعاليات السياسية.ويعود مسلسل تكرار الأزمات إلى الاختلال الفادح في ميزان القوى، بالذات بعد 1952، والذي تملك السلطة ما يزيد على 90٪ منه، أما الباقي فيتوزع بين كتل سياسية واجتماعية واقتصادية وبعض الأفراد، وقد زاد الثقل النوعي للأفراد مع أدوات التواصل الاجتماعي، إلا أنها تبقى محفزة فقط. أما النقطة الفارقة فهي أن القوى الإصلاحية تزداد قوتها النوعية وتأثيرها كلما زاد دعمها الشعبي.نحن هذه الأيام على موعد مع حراك احتجاجي جديد، كانت آخر تجلياته اعتصام النواب بمجلس الأمة، وهو حراك سلمي مستحق ومشروع، حيث لم تعد هناك الكثير من الأدوات المؤثرة المتاحة للاستخدام. وانطلقت بالتبعية، وتأسياً بدواوين الاثنين، كما يبدو، الدعوة إلى الاعتصام بديوانيات بعض النواب، ومن المتوقع أن تشهد هذه التجمعات زخماً، فحالة الإحباط بين الناس كبيرة. ولا أعرف إن كانت ستسهم في الخروج من حالة الانسداد السياسي الذي تعيشه البلاد منذ فترة.
الأزمات السياسية منذ صدور الدستور، تقدر بالعشرات، وهي تختلف في أحجامها وتأثيرها، وبعضها يأتي كنتيجة لاحتجاج سياسي أو العكس، بعضها ذو بعد استراتيجي، كبير عددياً، وبعضها محدود. بعضها كان له تأثير مباشر في تحريك مياه راكدة، والبعض طواه الزمن دون تأثير. كانت دواوين الاثنين، واسمها الرسمي «الحركة الدستورية»، التي ظهرت أواخر 1989 وحتى منتصف 1990 أحد نماذج الاحتجاج الاستراتيجية، حتى أن البعض استدعاها كمشروعية للحراك الحالي. إلا أنني أتصور، وبحكم علاقتي المباشرة بذلك الحراك، أن الشبه قد يكون بالأداة فقط. بل إنه من المفترض أن يكون الحراك الحالي، أكثر قدرة وتأثيراً، من الحالة الصعبة التي كانت فيها «الحركة الدستورية».مضى على دواوين الاثنين قرابة 33عاماً، وبالتالي فإن أغلبية الشعب الكويتي لا يذكر منها إلا الاسم، وقد اتضح ذلك من طريقة تداولها مؤخراً، ما يقتضي تناولها بشيء من التفصيل، ولذلك فللحديث بقية.