كثرت المحرمات حتى تعبنا
![خولة مطر](https://www.aljarida.com/uploads/authors/982_1671286347.jpg)
وأما الشباب فأصابهم أيضاً ما أصاب منظمات المجتمع المدني من عطب وتقوم الدنيا ولا تقعد لو قلت عن أحدهم إنه لا يملك المعرفة أو الخبرة أو كيف تم اختياره؟ كما كانت حال المرأة في دولنا «العتيدة» عندما كثر انتقاد الدول «الكبرى» والمانحة والمنظمات الدولية بأن النساء لا تشارك في صناعة القرار، فما كان من حكوماتنا إلا أن أكثرت من الوجوه النسائية حتى بهتت الصور، فتحولت إلى ما يشبه الكريما على وجه الكعكة!!! بمعنى مزينات ومطيبات للوجبة الحكومية، وانتقل الاتجاه نفسه إلى الشباب حتى يفرح بعضهم ويطبل ويكاد يرقص «العرضة» لكثرة الوجوه النسائية والشبابية في حكومات تبدو جديدة وهي كالزيت القديم في أوانٍ وقوارير جديدة!!! ألا يبدو مثل تمجيد كهذا لكل امرأة مسؤولة أو كل شاب فقط نسبة لجنسها أو عدد سنين عمره أو عمرها؟ كلما جاءت حكومة جديدة طبل المطبلون وحملة الأختام الإعلامية لها، وهم يرددون بفرح سمج «انظروا عدد النساء» أو «حكومة جديدة شابة»، فيكفي أن تكون امرأة أو شابا أو شابة لتصبح قادراً على صنع المعجزات في نظر «بعضهم» أو ربما هكذا يرش الرماد في العيون الغارقة في البحث عن حل ليس «بندوليا» مسكنا فقط، بعيداً عن الحلول الجذرية الحقيقية لمشاكل تراكمت على مر العصور من حكومات جامدة لم يكن عيبها الوحيد أنها ليست شابة بل كونها بعيدة عن معايير الكفاءة وباقية على معيار الولاء لا غير، أو ربما فقط الخنوع وقلة الحيلة!!أصبح أي شاب قادم بشهادة جامعية عليا- يجب أن تكون أوروبية أو أميركية طبعا- هوالشاب «السوبرمان» القادر على فعل أي شيء وكل شيء، فلا يضر أن يجلس وزيرا للبيئة وهو متخصص في هندسة البترول أو وزيرا للتجارة وهو صاحب مؤسسات وشركات كبرى، أو... أو... فلا سؤال عن الكفاءة ولا حتى عن تضارب المصالح!! أحيانا نتمنى أن يخفف الشباب من غرورهم حتى يصبح المتنبي أو أينشتاين مجرد لاعبين صغار بالنسبة لهم وأن تتوقف منظمات المجتمع المدني عن التصور أنها معصومة من أمراض الأنظمة أو الحكومات أو الشركات الخاصة الكبرى. المجتمعات المريضة لا تخلق بشراً أصحاء، وكذلك المنظمات، فبعضٌ من التواضع وكثير من المحاسبة والرقابة وتقبل النقد والرحمة للبشر الذين أتقنوا الصمت أو ربما تصوروا أن حديثهم على السوشال ميديا هو صرخة مدوية!* ينشر بالتزامن مع «الشروق» المصرية