السلطتان بعينين عادلتين والقضية الكبيرة المنسية
● لا شك أن البلاد تعيش أزمة كبيرة أدت إلى شلل في عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية، ولا يجوز للمنصف أن ينظر إلى هذه الأزمة بعين واحدة، ويلقي اللوم على طرف واحد دون الأخذ بعين الاعتبار إلى تصرفات الطرف الآخر.الحكومة كانت ضعيفة وغير مقنعة ولم تحمل أي مبادرة عملية، ووافقت على اقتراحات بقوانين مضرة اقتصادياً لمجرد تحقيق أغلبية ونصاب لحضورها، ولم تستفد من الوزراء الذين عينتهم من المجلس، ووافقت على استجوابات مخالفة للدستور، ولم يكن لعملها أثر ملموس أو مقنع في مكافحة الفساد، كما لم تتقدم بالقوانين المعروفة التي تعينها على ذلك، وأكبر إخفاق لها هو تركها وسائل الاتصال، خصوصاً الوهمية وغير المتخصصة تعبث في البلاد، وتحرض وتوجه الرأي العام دون أن يكون لأي جهة حكومية تأثير إيجابي في الدفاع أو التوجيه رغم العدد الهائل من موظفي الدولة والذين لا تنقصهم الكفاءة.وفي الوقت نفسه لم يكن أعضاء المجلس أفضل حالاً، فقد جعلوا موضوع رئاسة المجلس الموضوع الأساسي، وقدموا من أجله عدة استجوابات غير دستورية، وحاولوا تعطيل الجلسات بشتى الوسائل، وخالفوا قانون اللائحة، وجلسوا في مقاعد الوزراء، وأحدثوا الفوضى في الجلسات بشكل غير مسبوق، ولم يقدموا القوانين المهمة للبلاد والمتعلقة بمكافحة الفساد والتي تم تسليمها لجميع الأعضاء من القوى السياسية، وكذلك لم يعطوا الأولوية للقانون المعروض بشأن تحقيق العدالة بين المواطنين في الرواتب المعروف بالبديل الاستراتيجي، ومعظم القوانين التي قدموها كانت بعيدة عن المصلحة المالية والإصلاح الاقتصادي للبلاد والأجيال القادمة.
لذلك وصلت الأمور بين الحكومة والمجلس إلى طريق مسدود، خصوصاً بعد تقديم الاستجواب الأخير وإعلان 26 نائباً تأييد إعلان عدم التعاون، وفي هذه الحالة يجب رفع الأمر إلى سمو أمير البلاد. ولما كان الأمر الآن بيد صاحب السمو الأمير حسب الدستور فإن الأصح والأسلم حسب الدستور ليس الاعتصام، إنما هو بالذهاب إلى صاحب السمو أو سمو ولي العهد والحوار معه حول الأوضاع العامة، وكيفية الإصلاح من خلال الدستور، وكيفية تحقيق توافق معقول بين السلطتين اللتين يجب على كل منهما الاستماع إلى النقد والتوجيه والعمل على تحقيق المصلحة العليا للبلاد، وضرورة إبقاء الصراعات والمنافسة في حجمها المعقول مهما كان مصدرها أو المتنفذون من ورائها بحيث لا تؤثر على المصلحة العليا للبلاد، والعمل وفق الطريق الأسلم لتطبيق المواد الدستورية، خصوصا المواد 56 و102 و103 الخاصة بسمو الأمير والمتعلقة بالأوضاع الحالية... والله الموفق. ● كتبت «الجريدة» الأحد قبل الماضي إن 49 ألف طالب يدشنون اختبارات الثانوية العامة صباح اليوم، وكتبت «القبس» إن عددهم هو 66549، ويبدو أن الخلاف في العدد هو شمول الأعداد للدارسين في المعهد الديني والمنازل والمعاهد الخاصة، ولكن أياً كان العدد فهو كبير جداً ولم يتم الاستعداد لاستقباله في المستقبل القريب جداً، لأن هذه الأعداد ستتخرج من التعليم التطبيقي أو الجامعي في غضون الأربع أو الخمس سنوات القادمة، وسيكون أول مطلب لها هو الوظيفة، ثم الزواج فالسكن، فهل استعدت البلاد لتوظيف 50 ألف كويتي سنوياً؟ وأين؟كان من الواجب أن تكون هذه القضية، لأهميتها الكبيرة والخطيرة، الشغل الشاغل الأول للحكومة والمجلس، ولا يجوز تجاهلها، وهي جزء أساسي من الإصلاح الاقتصادي، وهي العامل الأول لنجاح الرؤساء والحكومات في الدول المتقدمة، ومن المؤسف أن تتناساها السلطتان ولا تأخذ حقها من التخطيط والتشريع العاجل في المجلس مما قد ينذر بمشكلات كبيرة قادمة، لا سمح الله.