بعد غياب استمر سنوات عن المنبر السياسي يعود النائب الأسبق وليد الجري إلى الساحة السياسية من بوابة اعتصامات الدواوين التي تستمر في مختلف محافظات البلاد عبر دواوين النواب المعتصمين في مجلس الأمة، بتأكيده تضامنه معهم، ومُطلقا رسالة اعتبرها مدوية ضد من سماهم الفاسدين وتجار السياسة وشراء الولاءات النيابية الذين يريدون النيل من الدستور، لكن ذلك لن يتحقق، على حد قوله، في ظل وجود الشعب الكويتي الذي يمثله النواب الشرفاء المعتصمون.

وأكد الجري، في كلمته خلال الاعتصام الثالث بديوانية النائب مهلهل المضف، والذي شهد حضورا كبيرا من مختلف أطياف الشعب تقدمه نواب سابقون أبرزهم مسلم البراك وأحمد الشريعان وفيصل المسلم ومحمد الخليفة وجمع غفير من الناشطين السياسيين، وجود محاولات لضرب «اسفين» بين اسرة ونظام الحكم والشعب، لكن هذا لن يكون؛ لأن العلاقة التاريخية بين الاسرة والشعب لا تقبل القسمة أساسا وراسخة ومتجذرة، مشددا على ضرورة أن يكون الشعب واسرة الحكم صفا واحدا لا صفين ورقما واحدا لا يقبل القسمة.

Ad

وتابع أن «تمسكنا بالشرعية الدستورية امر لا مجال للجدل فيه، وامر مفروغ منه، وراسخ في النفوس قبل النصوص»، مضيفا «تعالوا الى كلمة سواء تعيد إلى الدستور اعتباره، ولقاعة عبدالله السالم دورها».

وشدد على ان قاعة مجلس الأمة لن تستقبل بعد اليوم رئيس الوزراء الذي اعلن عدم التعاون معه 26 نائبا، مشيرا إلى أن الصوت الواحد سيذهب الى غير رجعة وسقط سقوطا مدويا.

وخاطب النواب المعتصمين قائلا: «رسالتي اليكم، أنتم تنوبون عن الشعب الكويتي لإرسال رسالة للعالم أجمع، وأنتم سطرتم الرسالة، وهنيئا لكم هذا الشرف وأنتم ترسمون صورة مشرفة لا يمكن لأي امة في العالم إلا أن تقف وقفة إجلال وتقدير لهذه الوقفة الشامخة في سلوك مدني متحضر شامخ يدور في فلك الدستور دفاعا عنه وفي اطار أروقته».

وأضاف «أنتم المسيرة وصدى لرجال وضعوا الدستور، والصوت العطر لكل من قدم تضحيات تلو التضحيات حتى توجت بدستور 62»، مشددا على أن «الدستور يعاني حالة من التربص المستمر، وإرادة الشعب عصية لا تلين».

وقال: «أتيت لتشخيص الواقع الذي نعيشه اليوم، وأتجه مباشرة وباختصار واختزال الى الهدف مباشرة فنحن لا نعاني من نصوص دستورية، وان كانت الحد الادنى، لكن يبقى مطلب أدنى كي يمنح الفرصة الكافية من التطبيق، لكن ما يعانيه الدستور حالة من التربص المستمر قبل واثناء صدوره وبعده وبصور شتى من خلال انقلاب 76 و86، والتزوير، وهذه كانت طرق مباشرة، والآن غير مباشرة بهدف الاستحواذ على الدستور».

منعطفات

وقال: «لا تنازعونا في الدستور فلن نقبل ان تتدخلوا في اعمالنا، وإرادة الامة التي عجز المحتل العراقي عن الهيمنة عليها فلا تعتقدوا أن الشعب الكويتي يقبل بذلك»، لافتا الى ان «الصراع يدور حول ارادة الامة وعليها تدور كل المنعطفات، لذلك هذا الصراع يقود البلاد الى منعطفات خطيرة».

وأشار إلى أن «الشعب الكويتي جاء في الخامس من ديسمبر برسالة مدوية تحمل مشاعر الغضب حول ما حدث سابقا ابتداء من الصوت الواحد، وما تلاه من احداث في المجلس المبطل و2013 ثم 2016، كما أتت الرسالة في الانتخابات الماضية مدوية، وهذا الامر الذي لم يقرأه رئيس الوزراء، والدستور يقول من يكلف برئاسة الوزراء عليه أن ينظر إلى رسالة الشعب».

النخاسة السياسية

وأكد أن «الشعب لا يناكف، واعتقَدوا على غير الحقيقة أنهم استحوذوا على الارادة الشعبية لكنها عصية عليهم، واعتقدوا ان الممارسات غير المباشرة من خلال المعاملات ستضرب الدستور في علاقة انتهازية مرفوضة لإيصال أناس يمثلون على الامة لا يمثلونها ويريدون محو إرادة الامة في صورة تجسد سوق النخاسة السياسية والشعب الكويتي يئن».

وكشف الجري عما اعتبرهم بعض التجار الفاسدين، «لكن هناك التجار الشرفاء نحترمهم، وطبيعي ان يكون تاجر عنده معاملات وتجارة، لكن ان يملك نوابا فهذا غير معقول».

وكشف أن «مجلس الامة أصبح بورصة لشراء النواب، وخير دليل على ذلك ما قالته وزيرة الاشغال السابقة جنان بوشهري في قاعة عبدالله السالم، فهل تصدقون أن تجارا يشترون نوابا؟ وهل تصدقون أن ايرانيا يشتري قضاة ؟... لا يمكن ان يصدق».

واًوضح «أصبحنا نخشى على السلم والامن الاجتماعي من الفساد؛ لان الفساد وصل إلى الامن والقضاء، وللاسف يتشدقون بمحاسبة المفسدين، لكن أعطوني قضية فساد واحدة وصلت إلى القضاء، باستثناء القضية التي كشف عن سرقات التأمينات الاجتماعية»، مؤكدا أن «الفساد الذي ضرب اطنابه في الكويت لابد أن نتنادى جميعا ضده لوقف حالة التربص، والدستور وُجِد ليطبق كما جاء لا كما تقرأونه كما قال العم حمود الزيد أحد واضعيه».

سقوط الصوت الواحد

وذكر أن «ما حصل في الانتخابات الماضية رسالة لسقوط الصوت الواحد، ولا صوت واحدا بعد اليوم، وهم يهرولون لتعديل الدوائر الانتخابية، واليوم بعد أن حضرت الارادة الشعبية يبحثون عن ملاعب اخرى لهم يلعبون بها، ونتذكر الدور الذي قاموه به في الدوائر الخمس».

ولفت إلى أن «26 صوتا اعلنوا عدم التعاون مع رئيس الوزراء، واليوم الحكومة تستقيل، ونقول ان مجلس الامة ليس دكانا يغلقونه متى أرادوا، وعلى صباح الخالد وحكومته عدم نسيان انهم اعضاء في المجلس، وعليهم الحضور»، مضيفا «كم شعرت بالاسف عند اعلان مجلس الوزراء انه اجتمع ووافق على حضور الجلسة الخاصة كأنها منّة... هل تستحق الكويت كل هذا؟».

وبيّن «وضعنا في الكويت اليوم لا يضاهيه إلا وضع لبنان والعراق، ونقول لكم تعالوا الى كلمة سواء، ونحن مصرون على تطبيق الدستور والشرعية الدستورية، والمطلوب اعادة بناء الثقة، وأثني على كلمة مهلهل المصف، وأؤكد ان الشعب الكويتي درع للوطن وسور للنظام، ونحن كشعب كويتي لا نحتاج أن نخضع للاختبار ونقدم براهين على محبتنا، وهذا امر انتهينا منه، وأذهلنا العالم بتلاحمنا مع شرعيتنا، ونحن تحت أسنة الغزاة، ورحمة الله على شهدائنا وأسرانا».

ولفت إلى أن «القول إننا نناقش الميزانية في جلسة خاصة، وتنادى النواب هذا غير مقبول، فالميزانية ليست من العاجل من الامور، والحكومة ليس لها حق الدخول في قاعة عبدالله السالم الآن، واقول لهم في المستقبل تحضرون القاعة في مقاعد الضيوف بعدما وصل النصاب في عدم التعاون إلى 26 نائبا، وهذا يشير الى رئيس الوزراء ليس له موقع في قاعة عبدالله السالم».

معتصمون بظلال الدستور

اعتبر الجري النواب المعتصمين في المجلس يتظللون بظلال الدستور، ويمثلون الكويت وأهلها، ووقفوا اليوم من اجلهم، ولمستقبل الابناء.

وأكد «وعلينا ترسيخ تقاليد برلمانية تقبل بالرأي الآخر بعد 61 سنة على الدستور، وعلينا تقبل حكم الاغلبية وقرارها، ولا يمكن لي ذراع الأمة والهيمنة على إرادتها».

رسالة إلى أسرة الحكم

قال الجري: «رسالتي الى من يعنيه الامر، نحن وإياكم أسرة الخير والحكم والاسرة الحاكمة، وعلينا أن نكون صفا واحدا لا صفين، وأن نكون رقما واحدا لا يقبل القسمة»، مضيفاً أن «تمسكنا بالشرعية الدستورية أمر لا مجال للجدل فيه، وأمر مفروغ منه وراسخ في النفوس قبل النصوص».

تعالوا إلى كلمة سواء

نادى الجري بأعلى صوته قائلا: «تعالوا الى كلمة سواء تعيد الى الدستور اعتباره، وإلى قاعة عبدالله السالم دورها، في ظل الامواج التي تتلاطم، والاخطار التي تحيط بنا، وعلينا عدم التوقف عند مغرض أو صاحب مصلحة، وقلوبنا قبل ايدينا ممدودة... فهل من مبادر؟».

فهد التركي *