ما هي «ديوانيات الاثنين»؟
«ديوانيات الاثنين»، هي فكرة، أكثر من كونها مكاناً، أو حدثاً، وهي سلوك احتجاجي سلمي مبتكر، قام به نواب مجلس 1985 ومناصروهم.ففي 3 يوليو 1986، علقت السلطة الدستور، وحلت مجلس الأمة، وفرضت الرقابة المسبقة على الصحافة، وتم تفعيل قانوني أمن الدولة، والتجمعات، وسيطرت عسكرياً على مجلس الأمة. هذه المرة كانت أشد وطأة، وأقسى فعلاً، مشيرة لوداع نهائي للدستور، حيث تم منع نشر كلمات محددة، وكنت حينها بجريدة الوطن، كمجلس الأمة، وانتخابات، وديموقراطية. فتم إيقاف الصفحة الأخيرة لنشرها عن الانتخابات البلدية في إسبانيا، هكذا. ومن الطرائف أنه تم رفض نشر صورة لنائب حكومي يهنئ في عرس. تلك التعليمات الصارمة كانت تدل على أن قراراً نهائياً بالتخلي عن الدستور قد تم اتخاذه.ومع قسوة الإجراءات الحكومية، إلا أنه لم تحدث بالمقابل احتجاجات شعبية تذكر، كما حدث في حل 1976 مثلاً، حيث صدرت بيانات وجرت اعتقالات وأغلقت صحف وحلت جمعيات نفع عام، أما في حل 1986 فقد اجتمع 26 نائباً في ديوانية الرئيس أحمد السعدون، وأصدروا بياناً في 15 يوليو، وقرروا الاجتماع بشكل متواصل. تبع ذلك توقيع 26 نائباً على عريضة لسمو الأمير سلمها د. أحمد الخطيب للديوان الأميري، ثم لحقت ذلك عريضة أخرى سلمها النائب حمود الرومي للديوان الأميري في 22 فبراير 1988، وتبع ذلك التنادي لتوقيع العريضة الشعبية، كما التقت مجموعة عبدالعزيز الصقر سمو الأمير وقدموا له عريضة بما دار باللقاء في 4 يوليو 1989. وكان لافتاً أنه في الحالات الثلاث كان سلوك الديوان الأميري واحداً، حيث يتم استلام العرائض، والاطلاع عليها ثم إعادتها لأصحابها.
ومع أن اجتماعات النواب كانت مستمرة بديوانية الرئيس السعدون إلا أنه لم يحدث حراك يذكر، على الأرض، حتى برزت فكرة عقد لقاءات عامة في ديوانيات النواب، للتوافق مع قانون التجمعات الذي استثنى الديوانيات من المنع. لم تكن الفكرة مضمونة التأثير، إلا أن أثرها كان أكبر مما كان متوقعاً لها، ونجحت في التعبير عن حركة احتجاجية سلمية، ومع ذلك كانت ردود السلطة حادة وعنيفة دون مبرر، حيث جرت اعتقالات وحصار بعض الديوانيات بالأسلاك الشائكة.بدأت باكورة ديوانيات الاثنين في ديوانية جاسم القطامي بالشامية، في 4 ديسمبر 1989، وكان الحضور كبيراً نسبياً، وتحدث القطامي وأحمد السعدون، ولم تتم محاولة لإيقافها. وما إن أدركت السلطة أن الأمور آخذة في التزايد قررت القيام بإجراءات مضادة، كما سنرى.