اتفاقيات بـ 7.7 مليارات دولار بين الرياض والقاهرة
السيسي وبن سلمان ينسقان لـ «قمة جدة» ويبحثان تداعيات حرب أوكرانيا على المنطقة
خرجت القمة المصرية - السعودية بتوافق على التنسيق المشترك على المستوى الإقليمي، في لحظة فارقة من إعادة ترتيب العلاقات بمنطقة الشرق الأوسط، وقبل القمة الأميركية - العربية المقررة في مدينة جدة منتصف الشهر المقبل، كما شهدت زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لمصر وعقده قمة مع الرئيس عبدالفتاح السيسي، أمس، توقيع حزمة من الاتفاقيات الاستثمارية بقيمة 7.7 مليارات دولار أميركي، هدفها الرئيس دعم الاقتصاد المصري.الرئيس السيسي استقبل ولي العهد السعودي في قصر الاتحادية الرئاسي بالقاهرة أمس، حيث أقيمت مراسم احتفالية رفيعة المستوى للشريك الإقليمي الأول لمصر اقتصادياً وسياسياً، وعقدت قمة مباحثات ثنائية بين الزعيمين، تناولت التشاور والتنسيق بخصوص الملفات والقضايا الإقليمية والدولية في ضوء التحديات الراهنة، فضلاً عن تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية على المنطقة، إذ اتفق الزعيمان على استمرار التنسيق في المواقف على المستوى الإقليمي.الزيارة لم تتوقف عند حدود التنسيق السياسي، في إطار جولة ولي العهد التي تشمل الأردن وتركيا أيضاً، إذ شكلت دعماً صريحاً لمصر في الملف الاقتصادي، إذ تعاني الأخيرة تداعيات سريعة للحرب الروسية - الأوكرانية، وسط أزمة ممتدة للاقتصاد المصري الذي يواجه شحاً في توفير موارد لدفع فاتورة استيراد القمح، إذ شكلت حزمة الاتفاقيات الاستثمارية بقيمة 7.7 مليارات دولار، التحرك السعودي الثاني بعد إيداع 5 مليارات دولار في البنك المركزي المصري في مارس الماضي.
استثمارات مليارية
وأعلن وزير التجارة السعودي، ماجد القصبي، أمس، توقيع 14 اتفاقية بين مصر والسعودية بقيمة 7.7 مليارات دولار (نحو 29 مليار ريال أو 144 مليار جنيه مصري)، واصفاً الأمر بـ «الإنجاز»، وهو ما أكدته الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة المصرية، لتكون تلك الاستثمارات بذلك منحة سعودية قوية للاقتصاد المصري الذي يعاني أزمة زادتها الحرب الروسية - الأوكرانية تعقيداً وتشابكاً.وقالت الهيئة، إن الاتفاقات التي وقعت أمس، تشمل صفقة مع أكوا باور السعودية، والشركة القابضة للكهرباء المصرية على إنتاج ونقل 1100 ميغاواط من الكهرباء المنتجة من طاقة الرياح، إذ التقى رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، برئيس مجلس إدارة شركة «أكوا باور»، محمد أبو نيان، عقب توقيع الاتفاق الذي يتضمن ضخ الشركة لـ 1.5 مليار دولار في إنشاء أكبر محطة بالشرق الأوسط لتوليد الكهرباء من طاقة الرياح.وبحسب الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة المصرية، شملت حزمة الاتفاقيات، تطوير ميناء متعدد الأغراض في دمياط، وإقامة مدينة للدواء في السعودية بتكلفة 150 مليون دولار، تؤسسها شركة فاركو للأدوية المصرية، كما تم توقيع عدة اتفاقيات خاصة بالطاقة المتجددة بالإضافة إلى صفقات تتعلق بالبنية التحتية، والخدمات اللوجستية، وإدارة الموانئ، والصناعات الغذائية، وصناعة الأدوية، والطاقة التقليدية، والطاقة المتجددة، ومنظومة الدفع الإلكتروني، والحلول التقنية المالية والمعلوماتية.نقلة نوعية
الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار المصرية، محمد عبدالوهاب، قال في بيان لرئاسة مجلس الوزراء المصري، إن اتفاقيات الاستثمار الموقعة مع المملكة العربية السعودية بقيمة 7.7 مليارات دولار تمثل «نقلة نوعية» في العلاقات الاستثمارية بين البلدين، وأكد أهمية الاتفاقيات «من حيث القيمة المضافة لاقتصاد البلدين لدعم قطاعات البنية التحتية والخدمات اللوجستية والتكنولوجية مما يعمل على تطوير قدرات الاقتصاد المصري». وأشار عبدالوهاب إلى أن «تنظيم هذا الحدث الهام يأتي انعكاساً لقوة العلاقات التاريخية والاقتصادية التي تربط البلدين»، وأكد حرص بلاده على خلق فرص متكافئة وتعزيز آليات المنافسة وتمكين القطاع الخاص، وكشف أن هيئة الاستثمار ستعمل بدورها على دعم المشروعات الاستثمارية السعودية، وإزالة مختلف التحديات، إذ سيتم منح (الرخصة الذهبية) للشركات التي تؤسس لإقامة مشروعات استراتيجية أو قومية في مصر.إشادة متبادلة
وزير الخارجية المصري سامح شكري، قال في تصريحات إعلامية، إن كل مناسبة تجمع قيادتي البلدين هي مناسبة مهمة للتنسيق المستمر واستعراض أوجه التعاون الثنائي بين البلدين، والتحديات التي تواجه البلدين والمنطقة، وشدد على أهمية دفع الجهود المشتركة لمواجهة التحديات والارتقاء بالعلاقة الثنائية إلى المستويات التي يطمح إليها شعبا البلدين.من جهته، صرح سفير السعودية بالقاهرة، أسامة بن أحمد نقلي، بأن زيارة ولي العهد لمصر، تعكس عمق ومتانة العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين، وحجم التعاون القائم بينهما، في ظل الروابط الأخوية التي تجمعهما على المستويين القيادي والشعبي، وأن القمة الثنائية بحثت سبل تعزيز العلاقات الثنائية، واستدامة الشراكة بين البلدين في مجالات التعاون الثنائي كافة، بما يحقق المصلحة المشتركة والمنفعة المتبادلة.وأشار نقلي إلى أن القمة تناولت تكثيف التشاور والتنسيق حيال عدد من الملفات والقضايا الإقليمية والدولية في ضوء التحديات الراهنة، وما تستدعيه من ضرورة تضافر الجهود بين المملكة ومصر، في إطار الشراكة الاستراتيجية التي وصلت إليها العلاقات بين البلدين، وأضاف: «دائما ما تكون هذه اللقاءات لقاءات خير وبركة، وتخرج بنتائج مثمرة وبناءة للبلدين وشعبيهما، وتخدم قضايا الأمتين العربية والإسلامية والأمن والسلم الدوليين».بدوره، قال مندوب السعودية الدائم لدى جامعة الدول العربية السفير عبدالرحمن بن سعيد الجمعة، إن هناك إرادة سياسية سعودية - مصرية، تتناسب مع ثقل الدولتين السياسي العربي والدولي، لتعزيز العمل العربي المشترك، وأن البلدين يقدمان دعما كبيرا للدفاع عن القضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، لافتاً إلى أن الشأن العربي كان حاضرا في القمة السعودية - المصرية، لتنسيق المواقف لمعالجة الأزمات العربية الراهنة.تقدير مصري
وفي السياق، قال وزير المالية محمد معيط، خلال مشاركته بمنتدى قطر الاقتصادي بالدوحة أمس، إنه يتطلع إلى زيادة الاستثمارات الخليجية بما فيها القطرية بمصر، مع تحويل الودائع الخليجية في مصر إلى استثمارات حقيقية تستفيد من الفرص التنموية الواعدة المتاحة بمختلف المجالات، والمناخ المحفز للأعمال، الذى يرتكز على بيئة تشريعية أكثر تطوراً، وبنية أساسية باتت مؤهلة بشكل أكبر لاستيعاب المزيد من التوسعات في الأنشطة الاقتصادية.