على وقع سلسلة الاغتيالات والهجمات التخريبية، التي استهدفت خبراء بمجالي الصواريخ والطاقة النووية ومنشآت عسكرية حساسة أخيراً، أقالت السلطات الإيرانية، أمس، رئيس جهاز المخابرات التابع لـ «الحرس الثوري» حسين طائب من منصبه.ورغم محاولة السلطات احتواء تداعيات الخطوة عبر الإعلان عن تعيين طائب مستشاراً للقائد الأعلى لـ «الحرس الثوري» حسين سلامي، وردت أنباء غير مؤكدة عن محاولة اغتيال طائب ونقله إلى المستشفى إثر إصابته، بعد 3 أيام من اتهام إسرائيل له بالتخطيط لاستهداف إسرائيليين في تركيا بـ «أي ثمن» وتلميحها لاستهدافه في حال تعرض أحد مواطنيها للأذى.
وعلمت «الجريدة» من مصدر مطلع بمكتب المرشد الإيراني علي خامنئي أنه أمر قبل ساعات من الإعلان عن عزل طائب بوضعه تحت الإقامة الجبرية بعد أن تلقى تقارير تؤكد أن عددا كبيرا من عمليات الاغتيال التي طالت ضباطاً بـ «الحرس» وشخصيات معروفة خلال السنوات الأخيرة وخاصة الأسابيع الماضية، واتهمت إسرائيل بالضلوع فيها كانت عملياً «تصفية حسابات داخلية» بين أجنحة الجهاز العسكري الموازي للقوات المسلحة.وقال المصدر، إن التقرير أشار إلى أن قسماً من جهاز استخبارات «الحرس» قام بالعمليات بشكل مباشر أو عبر تسهيل تنفيذ عمليات الاغتيال عمداً للتخلص من شخصيات غير مرغوب فيها.وبناء عليه فإن المرشد أمر باعتقال عدد من كبار مسؤولي جهاز الاستخبارات وجهاز مكافحة التجسس للتحقيق معهم وتم وضع طائب تحت الإقامة الجبرية بمنزله مع قطع الاتصالات عنه لكي لا يعرقل التحقيقات.وذكر المصدر، أن فحوى التقرير والمستندات التي أغضبت المرشد وحملته على الخطوة الكبيرة تجاه المسؤول الذي سبق أن عمل بمكتبه في عام 2009، لم تعرف على وجه الدقة لكنه رجح وقوف تيار الرئيس الأسبق أحمدي نجاد وجماعة رئيس الجمهورية إبراهيم رئيسي وراءها. ولفت إلى تفاقم الخلافات والانقسامات داخل «الحرس الثوري»، وظهورها إلى العلن منذ وصول رئيسي إلى السلطة وعدم استجابته لضغوط قائد «الحرس» ورئيس البرلمان محمد باقري الرامية لتسليم الحقائب الوزارية السيادية والاقتصادية لعناصر تابعة للجهاز العسكري.وبرزت الخلافات واضحة حين قام أنصار الاتجاه الموالي لرئيسي بنشر معلومات عن سفر عائلة قاليباف إلى تركيا وقيام شقيق قائد استخبارات «الحرس الثوري» بالإعلان علناً أن صهر إبراهيم رئيسي الذي يعتبر من المقربين من اتجاه أحمدي نجاد هو الذي قام بتسريب الخبر.
حرب جواسيس
وبالتزامن مع الإعلان عن عزل طائب، ذكرت تقارير تركية أنه تم توقيف 5 إيرانيين ومواطنين تركيين في إسطنبول، أمس الأول، بتهمة التخطيط لاغتيال سياح إسرائيليين، وأن الخلية تعمل لحساب المخابرات الإيرانية.وأفادت التقارير نقلاً عن مصادر بأن القوات الأمنية داهمت ثلاثة مساكن في أنحاء المدينة وفندقاً في حي بيوغلو بالمدينة، واعتقلت المشتبه فيهم وضبطت أسلحة بينها مسدسات كاتمة للصوت.وتحدثت قناة «سي إن إن» التركية، عن «حرب جواسيس» تدور في شوارع إسطنبول، إذ كانت هناك مزاعم تفيد بأن مجموعة سياحية إسرائيلية كانت تسير في بيوغلو، تم نقلها عبر سيارة مدرعة باتجاه المطار ونقلهم جوا إلى إسرائيل، وبحسب مزاعم إسرائيلية، فإن الإسرائيليين إذا وصلوا إلى الفندق الذي يقيمون فيه فسيواجهون مجموعة إيرانية كانت بانتظارهم.وذكرت صحيفة «ملييت» التركية أن من بين الإسرائيليين الذين كانوا تحت دائرة الاستهداف الإيرانية سفيراً إسرائيلياً سابقاً وزوجته كانا يقيمان في فندق بمنطقة بيوغلو.عبداللهيان ولافروف
إلى ذلك، التقى وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، أمس، نظيره الروسي سيرغي لافروف في مبنى الخارجية الإيرانية بطهران، غداة إجراء الأخير محادثات مع الرئيس الإيراني تناولت العلاقات الاستراتيجية المشتركة بين إيران وروسيا والتعاون الثنائي فيما يخص القضايا الإقليمية والدولية والاقتصادية.وجدد عبداللهيان، خلال مؤتمر مع لافروف، موقف بلاده الداعي لرفع العقوبات المفروضة عليها مقابل إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015، ملقياً باللوم على واشنطن في تعطل المحادثات التي بدأت قبل أكثر من عام وتوقف منتصف مارس الماضي.وقال عبداللهيان: «نسعى لإعادة العمل بالاتفاق بشكل كامل دون التنازل عن موقفناً، مشيراً إلى أنه يأمل في الحفاظ على مسار المفاوضات، ودعا الولايات المتحدة إلى التحلي بنهج عملي والمساعدة في دخول المحادثات إلى مرحلة نهائية.وهاجم الوزير الإيراني التحركات الإسرائيلية التي تستهدف برنامج بلاده النووي والصاروخي وإمدادات السلاح الإيرانية إلى «حزب الله» اللبناني عبر سورية، مؤكداً أنه «لا يمكن للكيان الإسرائيلي تهديد الاستقرار والأمن في منطقتنا». وأعرب عن أمله في عقد اجتماعات بين الدول الضامنة لمسار «مفاوضات أستانة» بشأن سورية، روسيا وتركيا وإيران، في طهران قريباً. وفيما يخص الحرب في أوكرانيا، شدد عبداللهيان على أنّ إيران «لا ترى الحرب حلاً للأزمة وترحب بالحل السياسي والدبلوماسي».من جهته، قال لافروف: «ركزنا على القضايا الاقتصادية وتطوير العلاقات الثنائية، وكذلك الخطوات غير الشرعية الأميركية ضد روسيا وإيران». وأضاف أن موسكو تدعم بشكل كامل إحياء الاتفاق النووي المبرم العام 2015 بين إيران والقوى الكبرى.واعتبر لافروف أنّ «واشنطن تتصرف بشكل غير منتظم بشأن أي ملف، وليس فقط في الملف النووي الإيراني»، مضيفاً أنّ «السياسة الأميركية اليوم مثيرة للصراعات والأزمات ونرى ذلك في مبادرتها لإنشاء الدرع الصاروخية لمنطقة الشرق الأوسط».وبشأن الأزمة السورية، أوضح لافروف أنّ «بعض الدول تعوق تنفيذ قرارات الأمم المتحدة بشأن سورية في إطار منصة أستانا»، داعياً إلى بحث الاستهداف الأخير الذي نفذته إسرائيل وطال مطار دمشق الدولي في الأمم المتحدة.وتابع: «مع الأسف، فإنّ الحادثة الأخيرة خطيرة جداً. لقد كان هجوماً على مطار مدني أدى فعلياً إلى توقف هذا المطار عدة أسابيع، ناهيك بالمشاكل التي نشأت بسبب عدم القدرة على توصيل الإمدادات الإنسانية عن طريق الجو».