تحول الاعتصام الخامس الذي كان مقررا في ديوانية النائب خالد المونس مساء أمس إلى رسائل شكر للقيادة السياسية بعد قرارها بحل مجلس الأمة. وفي موازاة إعلان النواب فض اعتصامهم في المجلس، أكد النائب السابق د. فيصل المسلم أن التوافق هو سور الكويت ‏وحامي أرضها وحكمها ودستورها وسلطاتها ومكتسباتها ويجب أن نعض عليه بالنواجذ.‏

وقال المسلم، في الاعتصام الخامس والأخير بديوان النائب خالد المونس في منطقة الفحيحيل، إن استجابة سمو الأمير الشيخ نواف الأحمد وسمو ولي عهده الشيخ مشعل الأحمد، ‏للمطالب الشعبية، فاقت التوقعات، وأتى خطاب ولي العهد وطنياً ‏صادقا واضحاً واستثنائياً لانتشال الكويت وعدم التدخل في انتخابات مجلس الأمة ورئاسة ولجانه.‏

Ad

أكد النائب السابق د. فيصل المسلم أن الخطابين الساميين كانا استثنائيين، بدءاً من تأكيد سمو الشيخ نواف الأحمد، نواف الكبير، في خطابه رغم ‏حالته الصحية، «التي نسأل الله عز وجل أن يتم عليه الشفاء وكمال الأجر والثواب، أن الدستور بين أعيننا وأنه في المشهد ومتابع له تماماً»، وما تلاه من تفويض سموه لسمو ولي عهده الأمين بإلقاء الخطاب والتحدث للمواطنين.‏

وأوضح المسلم خلال كلمته في الاعتصام الخامس الذي كان مقررا في ديوانية النائب خالد المونس مساء أمس والذي تحول إلى رسائل شكر للقيادة السياسية أن «اعتصام النواب حدث سياسي تاريخي غير مسبوق، ولذا صنع المشهد من ناحية العمل السياسي والإعلامي اللا‏ميداني، لأن الآخر لا يستطيع أن يبادل صناعة هذا الحدث بحدث مثله، ولا يستطيع الرد، فكان تحريضه ومكر الليل والنهار بكل ‏أدواتهم بأن يجرونا إلى الميدان حتى يكون ما كان من صراع بين المصلحين والدولة في الميدان، وهم يقفون على الرف يصفقون ويبذلون ‏جهدهم في الدفاع عن الدولة ويشيطنون الآخر».‏

الخطاب الاستثنائي

وأشار المسلم إلى أن «الخطاب الاستثنائي جاء معبراً عن الرغبة الأميرية ومعبراً أيضاً عن رغبة سمو ولي العهد، فهو خطاب استثنائي في ‏مضامينه، وبحجم ما تابعت وشاركت وبحجم هذه السنوات الطوال من الخبرة وأيضاً كمؤرخ سياسي، لم أسمع خطاباً سياسياً ‏بمضامينه بهذا الوضوح الذي سمعته، فهذا ليس بخطاب سياسي لأن السياسة فيها كلماتها وأهدافها وألاعيبها، لكن ما سمعته هو ‏خطاب وطني صادق يريد أن ينتشل الكويت، وكان ترجمة لما كان ينقل بالرغم أن ما كان ينقل أحيانا لم يكن في اتجاه واحد».‏

وأكد أن «هذه التعهدات هي تعهدات وطنية لرجل يريد أن يبدأ مرحلة جديدة»، موضحاً أن «القسم الدستوري ‏وهو لسان حالي وحال كل السياسيين من النواب المعتصمين والنواب السابقين والرموز الوطنية وكل السياسيين وكل الشعب الكويتي، قسم برقابنا وهذه بيعة برقابنا لا تسقط ببعدنا عن المناصب»‏.

وقال «حتى نوثق هذه الكلمة التاريخية بعد الكلام الطيب لسمو الأمير وسمو ولي عهده، نقول إن هذا الخطاب استثنائي ذو ‏مضامين كبيرة لم أسمع أي خطاب قبله وعد بهذا الوضوح باحترام القيادة السياسية لإرادة الأمة والاستجابة لها، والتأكيد الواضح على أن ‏إدارة شؤون الدولة ستكون لكبرى مؤسساته لمجلس الأمة ومجلس الوزراء، ونص الخطاب على عدم التدخل وترك هذه المؤسسات تدير ‏أعمالها وحمّلها المسؤولية وعاب عليها التقصير وخصوصاً الحكومة والمؤسسات الحكومية».‏

مستقبل مزهر

وأشار إلى أن «سمو ولي العهد أعلن عدم التدخل في سابقة تاريخية في انتخابات مجلس الأمة، ولهذا أقول انه خطاب وطني أكثر من ‏انه خطاب رجل سياسي، خطاب وطني من موقع المسؤولية والاحساس بها لاستشراف مستقبل مزهر، إذ أعلن عدم ‏التدخل بانتخابات مجلس الأمة، فقد عشنا المرارة والويل بسبب تدخلات السلطة والحكومة والنظام في الانتخابات، ففي كل انتخابات كان ‏تدخل أطراف النظام حتى تسقط فلاناً وتقرب فلاناً».‏

انتخابات الرئاسة

وقال إن «سموه تعهد تعهداً آخر بأنه لن يتدخل في انتخابات رئاسة أو حتى لجان المجلس، هذه تعهدات رجل الدولة، ثم أتبع ذلك ‏بكلام صريح وواضح يخاطب الناس بأن تحملوا مسؤولياتكم وقوموا بواجبكم في اختيار الأكفأ حتى نخرج من هذه المرحلة السيئة ‏لمرحلة تستحقها الكويت ويستحقها شعبها».‏

وأضاف «بقدر ما يريد المخلصون المضي قدماً في طريق الإصلاح سيحرص تجار الفساد، وبفضل من الله عز وجل أنهم قلة في هذا ‏البلد وأصبحت عناوينهم واضحة وأسماؤهم مدركة، سيحرصون على تعطيل هذا الطريق وتعويض الخسائر ومواصلة التشويه ‏والتشكيك في ذلك الطريق الإصلاحي»، لافتاً إلى أن «هذا التوافق ينبغي أن يجعل الكويت جنة الله في الأرض، وقدرك يا سمو ولي العهد أن تأتي والفساد قد استفحل، وأصبح ‏غولاً يدمر الأوطان، فإما أن نوقفه وإلا فسيدمرنا». ‏

وأضاف مخاطباً سمو ولي العهد «عبتم على سلطات الدولة ضعف الإنجاز وتعطله وهذا أساسه في إقصاء الكفاءات بدءاً من ‏اختيار رئيس مجلس الوزراء والوزراء، الأصل في تولي مناصب الدولة هو الكفاءة ثم التوافق، فأي مجتمع أين يكون موقعه ‏وتاريخه ودينه ومذاهبه الاجتماعية وموقعه الجغرافي وزمنه، فأي مجتمع يتوصل إلى حالة من التوافق بين الحكم وبين الشعب ‏والكويت، مآله إلى الخير والإعمار والتنمية والأمن والأمان، ولذلك الكفاءة تكون بالتوافق».‏

المراحل التاريخية

وزاد: «يا سمو ولي العهد تأمل وأنت خير من عاش هذه المرحلة وعشت كل المراحل التاريخية لما أعطاك الله عز وجل من مواقع ‏فلذلك هذه النقطة أرجو أن تكون محل تأملك، إذ تم إقصاء الاخيار والكفاءات ذوي العلم من ان يكونوا في سدة القرارات، وأصبحنا اليوم ‏ومنذ سنوات طوال تحت الملاحقات والتشويه ومع الاسف اتجهت السلطة الى فريق اخر، وهو ما جعل البلد يعيش في ‏محنة بسببهم، فهؤلاء الاخيار بدءا من العم احمد السعدون له 60 سنة من الدراية والكفاءة والقوة وغيره من اخواني في تركيا وغيرهم ‏من السياسيين وفي كل المواقع، اجعلهم على خزائن الكويت وستجد فيهم الحب والعلم».‏

وذكر أن «أعداء البلد وأعداء السلطة هم من يرون البلد حقلاً وبئراً ومن ولائه للدينار وليس للبلد وترابها وشرعيتها الدستورية».‏

أسرة الصباح تستبعد السيئ منها حرصاً على رضا الشعب

قال المسلم في معرض خطابه على التوافق والكفاءة، مخاطباً سمو ولي العهد: «أقولها ليس ككويتي بل كمؤرخ لكن أفخر بها ككويتي ‏وبعض طلبتي موجودون أمامي، وأشهد أنه في المرحلة الأولى من التاريخ الكويتي باختيار آبائك للإدارة وللفصل بين الناس ‏ومصالحهم وليس للحكم، فابتدوا باختيار العتوب، ثم بصباح الأول لإدارة الشؤون والفصل بين المتنازعين والمتخاصمين وليس للحكم‏، ولما وجدوا منهم ما وجدوا من رضا واحترام وتقديروعدالة ومساواة ونزول على مشورتهم والاحتكام لها بمشورة ملزمة ‏واستعانوا بهم في إدارة الناس حكّموهم وبدأوا يختارونهم حكاماً، لذلك أصبح العتوب والصباح، ليس أقدم في الكويت، وليس الأغنى، وليس ‏الأقوى، وليس الأكثر، بل اختارهم الناس لحسن الظن بهم، ووافقوا ظن الناس، فجددوا لهم، وليس بسيف ولا بأي أمر لكن بهذا التوافق بإبعاد ‏غير الكفء وتنصيب الكفء».‏

وأضاف المسلم: دائماً في تدريسي لتاريخ الكويت، كنت أقول إن أسرة الصباح من أذكى الأسر في الحكم، تستبعد السيئ منها قبل أن ‏يصل حتى تحرص على رضا الناس والتوافق معهم.‏

وتابع: أنا كمؤرح وهي حالة نادرة في التاريخ الإنساني أنه طوال 144 سنة لم يذكر التاريخ خلافاً على الإدارة له اعتبار، وكما لا ‏يوجد خلاف على الحكم، وهي حالة نادرة في مجتمع ألا يحصل خلاف على إدارة الدولة في أي شأن من الشؤون، وهذا ما ولدته ‏الكفاءة والتوافق.‏

الطواويش والغانم والصقر

قال المسلم في مطالبته بتولية المخلصين على «خزائن الكويت»: «سمو ولي العهد لك في تاريخ جدك خير مثال، فالطواويش احتجوا ‏على الشيخ مبارك، فاسترضاهم بعد أن سافروا وأعادهم وعادوا نواباً في مجالس الشورى ومجالس النواب، في مجلس عام 1921 أهل ‏الكويت يكتبون وثيقة رغبة في منع التطاحن بين أبناء الأسرة، فهذا الهدف من الوثيقة السياسة قبل أن يكون مجلس شورى.

وأضاف أن هذا ‏الشعب الفريد في كل موقع يتدخل حتى في حماية الأسرة الحاكمة من نفسها، وكذلك في أزمة الحكم عام 2006، وإبان الغزو العراقي ‏والشواهد التاريخية كثيرة جداً، وفي 1938، وبغض النظر عن ارتفاع الخلاف إلى مستويات كبيرة جدا ونسأل الله الرحمة للجميع، عاد ‏عبداللطيف محمد ثنيان الغانم من رئيس للمجلس من مسجون من مصاب إلى أن يكون رئيساً للمجلس التأسيسي يده بيد الشيخ عبدالله ‏السالم لوضع دستور الكويت.‏

وأضاف أنه «خلال الغزو العراقي وعندما حُلت المجالس وعُطلت الشرعية الدستورية وكان ما كان من غزو واحتلال بغيض من ‏المجرم الذي لم يراعِ حاكما ولا محكوما، لم يجد شخصاً يواليه، وأولهم أمثال فيصل الصانع الذي عُرض عليه حكم الكويت، الذي كان يعرف ‏انه يتعامل مع البعث، فهذا الرجل الشريف وغيره من شرفاء الكويت، وكل المعارضة آنذاك قادت الوفود البرلمانية وجابت العالم ‏تشرح وضع الكويت دفاعا عن البلاد وشرعيتها الدستورية، وجاءت الكلمة الخالدة للعم عبدالعزيز الصقر بأن «بيعة الكويتيين ‏لم تكن محل شك حتى تجدد أو محل نقض أو محل زمن حتى تمدد، كانت اتساقا واتفاقا واستمرت حتى أصبحت دستورا وميثاقا»، فهذه ‏المعارضة والوطنية المخلصة.‏

المعاملات النيابية لا تخدم بلداً

في استطراد المسلم في خطابه وثنائه على حسن الاختيار، قال: لا يمكن أن يكون العمل السياسي أساسه الفردية والعلاقات الاجتماعية، ‏وبإذن الله سنرد هذا الطلب بالتحية المناسبة بأن العمل السياسي ينبغي أن يكون منظماً، وجماعياً وفقاً لبرنامج، «ووفقاً لذلك استعدوا يا أحرار الكويت لاختيار من يمثلكم خير تمثيل، من خلال كتل سياسية برلمانية ببرامج تؤدي واجب الوطن والشعب».‏

و‏بين أن المعاملات النيابية «يجب ألا تكون منطلقاً لأجل خدمة بلد»، مبيناً أن العمل الفردي جعل قاعة عبدالله السالم قاعة للتجار ‏الفاسدين إلا من رحم الله، ولن نوقفهم بعمل فردي قائم على المعاملات والعلاقات الاجتماعية»، مستطرداً: «نعم نفخر - ‏بالمعاملات - اجتماعياً، لكن يجب ألا تكون منطلقاً من أجل خدمة بلد».‏

الحل والعفو

قال المسلم «يا سمو ولي العهد حتى تكتمل هذه الأجواء وهذه الفرحة، لاسيما أن البلد يعيش انسداداً، نأمل أن يتم الاستعجال في تكليف رئيس ‏وزراء جديد حتى نتجاوز أي إجراءات خاطئة يمكن أن يتم الطعن بها في المستقبل. رئيس وزراء جديد ثم يصدر مرسوم الحل ثم تتم ‏الدعوة للانتخابات».‏

وتابع: «نناشدك ونناشد سمو الأمير الوالد الغالي على الشعب الكويتي استكمال ملف العفو، فهذا العفو الكريم من المقام الكريم ‏وظف كمفهوم سياسي، واستكماله مطلب يدخل السعادة والفرح والسرور على أهل الكويت، فأبناء الكويت كان احتجاجهم على الأداء، ‏وهم أشد اخلاصا، وحقهم علينا وعلى الكويت، ونناشد استكمال الأفراح بعودة هؤلاء».‏

دعوة لتكريم النواب المعتصمين

قال المسلم «أوجه دعوة باسمي وباسم البطل بدر الداهوم، إلى النواب المعتصمين لحفل استقبال وعشاء وتكريم لهم في ديوان ‏بدر الداهوم يوم السبت، وأدعو كل هذه المجموعات المباركة التي تعاونت مع النواب، وندعو كل النقابات والاتحادات والشعب ‏الكويتي كله وأبطال تركيا مسلم البراك وجمعان الحربش ومبارك الوعلان وسالم النملان وخالد الطاحوس، وكل الشباب».

وأكد أن «الكويت اليوم منصة واحدة، وديوانية واحدة، اختلفنا لكن اختلافنا على الكويت، والنتيجة التي تحققت تسعد الجميع»‏.

لقاء القيادة السياسية

أعرب المسلم عن أمله لقاء القيادة السياسية «نتمنى أن نلتقي بسمو الأمير، ونسلم على سموه، ونطمئن عليه، وأن نلتقي بسمو ولي ‏العهد ويسمع ونسمع منه، ونفرح بأن نتواصل ونلتقي مع سموهما، وننقل هموم الناس إليهما بصدق وأمانة».‏

علي الصنيدح *