بعد خطاب سمو ولي العهد الشيخ مشعل الصباح نيابة عن سمو أمير البلاد، حفظه الله ورعاه، الذي أثلج الصدر وفرش التفاؤل وبث بشائر للخروج من دائرة العجز والجمود واليأس المفرغة، لا بد أن تباشر القوى السياسية في المجتمع عملية نفث الحياة في المادة (98) من الدستور التي أميتت في الحياة البرلمانية، والتي تنص على «تتقدم كل وزارة فور تشكيلها ببرنامجها إلى مجلس الأمة، وللمجلس أن يبدي ما يراه من ملاحظات بصدد هذا البرنامج».وبناء عليه على الحكومة المقبلة أن تقدم برنامج عملها فور تشكيلها محدد الأهداف كماً وزمناً، حتى لا تواجه الاستجواب في أول جلسة، والوقت كافٍ لوضع برنامج العمل الحكومي، فقد سبق أن قلنا بعد استنطاق النص الدستوري للمادة (98) بأن تحقيق ذلك يقتضي انخراط القوى الحية في المجتمع، وعلى رأسها منظمات المجتمع المدني والنُّشطاء والخبراء والاستعانة بمراكز البحوث والدراسات الداخلية والخارجية لوضع الخطوط العريضة لبرنامج العمل أو الشكل الأولي للمشاريع التي فرضها الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والأمني خلال السنوات الأربع المنصرمة، وإفراغها في قالب برنامج عمل.
وأنا أقترح أن يباشر هذا العمل مركز الكويت للسياسات العامة التابع للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية، فهو مكلف بتصميم وتنسيق ومراقبة تنفيذ خطة التنمية الوطنية الكويتية، وقد أسست الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية مركز الكويت للسياسة العامة (KPPC) كجزء من الأمانة العامة، حيث يهدف مركز الكويت للسياسات العامة أن يكون بمنزلة مركز للبحوث السياسية وتحليلها، ولديه القدرة على تزويد صانعي السياسات وغيرهم من أصحاب المصلحة بنصائح سياسية قائمة على الأدلة لاتخاذ قرارات مستنيرة، ويعتبر هذا المركز منصة لتحليل القرارات السياسية والدعوة إليها ودعمها وتوجيه الانتباه نحو قضايا التنمية ذات الأولوية ضمن السياق الوطني والمخاوف ذات الصلة بالجمهور وصانعي السياسات.هذا المركز بهذه الاختصاصات سيضم عباقرة المجتمع، وتتأسس لديه خبرة تراكمية عميقة وعريضة مع الوقت في الدراسات والتحليل، وتتجذر لديه علاقات مثمرة مع منظمات المجتمع المدني ونُشطائه وذوي المصالح، بحيث يضع هذا المركز برنامج العمل الحكومي بعد دراسة وتحليل كل المشاريع المقدمة إليه من قوى المجتمع، ويقدم هذا البرنامج بعد بلورته النهائية للقيادة السياسية ليتم اختيار رئيس الحكومة المؤهل والقادر على تنفيذ برنامج العمل، وهو الذي سيختار بدوره الوزراء الذين يصلحون لإنجاز ما استهدفه برنامج العمل، وهنا يمكن أن تقدم الحكومة برنامج عملها فور تشكيلها للمجلس ليضع عليه ملاحظاته، والتي أوجب الدستور في مذكرته التفسيرية عليها إحلال هذه الملاحظات في المكان اللائق بها كحكومة واللائق به كمجلس، من هنا ذكر الدكتور عادل الطبطبائي أن مجرد عدم أخذ الحكومة بملاحظات المجلس على البرنامج يوجب تحريك المساءلة السياسية التي تصل إلى حد إعلان عدم التعاون أو حجب الثقة عن الوزير المختص. (النظام الدستوري في الكويت، د.عادل الطبطبائي 834– 839).وقد وضعت مجتهداً خطوطا عريضة لبرنامج عمل للحكومة أظن أنه سيرشد العمل الحكومي والبرلماني والانتخابي ويستأصل عوامل التأزيم، ويضع العمل السياسي الحكومي والبرلماني على سكة التوافق والإنتاج، وتنتهي المناورات وعمليات تحريف الإرادة الشعبية وتجويف العملية الديموقراطية، وبالأخير إنهاء عملية تجريف أرضية التفاؤل والثقة بين السلطات، وللوقوف على برنامج العمل المقترح راجع مقالنا 2022/4/29 ومقالنا 2022/2/11 ومقالنا 2021/12/3 ومقالنا بتاريخ 2021/10/15.قلت الكرة في ملعب الشعب، ولم أقُل النواب، لأن برنامج العمل المنبثق من القوى الشعبية سيكون هو الهادي والمرشِّد للناخبين لاختيار أعضاء البرلمان مثلما أنه المرشد لاختيار أعضاء الحكومة، وإذا لم يكن المدخل للتغيير العمل بالمادة رقم (98) من الدستور فسنظل في دائرة مفرغة من الأزمات المتوالدة التي تأكل المجتمع وتلتهم مقدراته وفرصه وتقذفه في مجاهل ثقب أسود يُسلمه للعدم لا قدر الله.
مقالات - اضافات
الكرة في ملعبك أيها الشعب
24-06-2022