يُطلق الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي، مشاوراته غير الملزمة مع الكتل النيابية لبناء تصور لحكومته. ويصرّ ميقاتي على تقديم تشكيلته الحكومية هذا الأسبوع لرئيس الجمهورية ميشال عون.وما يسعى إليه الرئيس المكلف هو تشكيل حكومة تحتوي على التوازنات المطلوبة، ليتمكن من توفير الثقة، أي الحصول على 65 صوتاً، علماً أن تكليفه جاء ضعيفاً بحصوله على 54 صوتاً، مما يعني أن الثقة غير مضمونة، إلا إذا نجح في إشراك مختلف المكونات.
هو يريد المراكمة على شكل الحكومة الحالية، مع إدخال تعديلات بسيطة عليها، لا سيما من خلال تبديل عدد من الوزراء، فيما هناك إصرار من رئيس الجمهورية على إحداث تعديل في الحقائب الوزارية. ويواجه ميقاتي تحدّي الحصول على غطاء مسيحي يوفر له الميثاقية لحكومته، لأن تكليفه حصل من دون أصوات الكتل المسيحية الوزانة. وفي هذا السياق، تشير مصادر متابعة إلى أن اتصالاً أجري بين ميقاتي والبطريرك الماروني بشارة الراعي، طلب فيه الأول من الثاني الحصول على دعمه المعنوي، فأكد الراعي ضرورة المسارعة في تشكيل الحكومة، وعدم الممطالة، كي لا يستمر الواقع الشاذ في حالة تصريف الأعمال، مما سيؤدي إلى عرقلة الانتخابات الرئاسية لاحقاً، وشدد الراعي على ضرورة تشكيل حكومة جامعة، مما يعني أن تضم مختلف المكونات، والهدف من هذه النقطة هو عدم تهميش أي طرف، ليكون الجميع حاضراً على طاولة مجلس الوزراء، للمشاركة في القرارات التي ستتخذه، وأما في حال حصول فراغ رئاسي، فستكون هذه الحكومة قادرة على تسلّم صلاحيات الرئيس وممثلة بكل المكونات.ووفق ما تشير مصادر متابعة، فإن الراعي سيعمل على تكثيف تحركاته في المرحلة المقبلة باتجاه كل الأطراف والأحزاب والقوى لأجل توفير جو ملائم لعدم الوقوع في الفراغ الرئاسي، وهو يفكر في إمكان توجيه دعوات لرؤساء الأحزاب المسيحيين للقائه في بكركي، لحثهم على ضرورة إنجاز الاستحقاق الرئاسي، كما أنه سيعقد لقاءات للنواب المسيحيين لتحفيزهم على ذلك. إلى جانب تركيزه المستمر على مسألة تثبيت حياد لبنان عن أزمات المنطقة وعدم الانخراط في سياسة المحاور. وهنا لا تخفي المصادر القريبة من الراعي، عتبه على التصريحات التي أدلى بها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، خلال زيارته إلى لبنان، إذ إنها تصريحات أعادت وضع لبنان في خانة المحور الإيراني وجعله ساحة قابلة للاشتعال عند حصول أي تطور إقليمي، خصوصاً أن هنية تحدث مجدداً عن توحيد الجبهات. هذا الأمر ستكون له انعكاسات أخرى في ضوء مساعي حزب الله، ومن خلفه إيران، لترتيب العلاقة بين حركة حماس والحكومة السورية، مما يعني تثبيت توحد الجبهات بالفعل والقول، خصوصاً في حال أجريت زيارة من قبل وفد لقيادات «حماس» إلى دمشق مع الحديث عن تشكيل غرفة عمليات مشتركة.في هذا الوقت ينتظر لبنان ما يمكن أن ينعكس عليه من التطورات الخارجية، في ضوء السعي لإعادة تجديد مفاوضات الاتفاق النووي، أو استعداداً لزيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى المنطقة. إذ إن لبنان سيكون حاضراً في قلب كل المداولات من بوابة ترسيم الحدود وتأمين الاستقرار على حدوده الجنوبية، وعليه سيكون لبنان أمام احتمال من اثنين، إما تجديد الاستقرار وإبقاء الـ «ستاتيكو» القائم بانتظار جلاء صورة المنطقة في ضوء شد الحبال المستمر بين طهران من جهة وخصومها من جهة أخرى، وإما الذهاب إلى المزيد من التشنج السياسي والتوترات الأمنية في حال عدم إيجاد حلّ لملف الترسيم، وإذا ما حصل توتر اسرائيلي - إيراني. كل المعطيات تفيد بأن لبنان سيكون مارّاً بمرحلة انتقالية في الأشهر المقبلة، بانتظار ما ستفرزه التطورات الإقليمية، وهي إما تنعكس انفراجاً سياسياً يقود إلى إنتاج تسوية جديدة ينتخب بموجبها رئيس جديد للجمهورية وتتشكل الحكومة، أو في حال استمر التوتر يعني أن الأزمة ستتعمق، وسيكون الفراغ محتوماً.
دوليات
لبنان: تطورات المنطقة تنعكس على «التأليف» والرئاسة
27-06-2022