خطوات مهمة تتبع خطاب سمو ولي العهد
بالرغم مما حمله الدستور من نصوص ذات قيم مجتمعية تعزز مبادئ الحرية والعدل والمساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين، فإن هذه المبادئ لم يقدر لها النمو والتطور بسبب انحراف السلطتين عن المعاني السامية التي نادى بها الدستور الكويتي.هذا الانحراف عن تطبيق مواد الدستور تسبب في خلق الكثير من النزاعات والصراعات التي أدت إلى حتمية تصدع العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وتداخل الاختصاصات بعد تعدي السلطة التشريعية على عمل التنفيذية التي تخلت عن القيام بدورها خوفاً من المساءلة البرلمانية والإقصاء السياسي.لقد اتبعت الحكومات المتعاقبة سياسية العصا والجزرة مما أوجد ما يسمى «نواب المعارضة» و«نواب الموالاة»، حيث كانت الحكومة مسيطرة على القرار السياسي لسنوات طويلة، لكن هذا التحالف لم يكن مقدراً له الاستمرار بسبب صراع الشيوخ والتجار فيما بينهم من أجل السيطرة على مواقع القرار في السلطتين التنفيذية والتشريعية.
ولأجل حسم هذا الصراع استخدم الطرفان المواطنين كأوراق ضاغطة، حيث فتحت أبواب الواسطة، وتدفق المال السياسي والنعرة الطائفية والقبلية لكي يكتمل مشهد السيطرة، لكن هذه الأوراق لم تعد مربحة لأي من الأطراف، ومن كان يظن أنه المسيطر خرجت الأوراق من يده لترتد عليه.اليوم وبعد خطاب سمو ولي العهد التاريخي وتشخيصه الدقيق للواقع الذي تمر به الكويت، وما احتواه من استحقاقات وطنية تتحملها السلطة التنفيذية والتشريعية والمواطنون كل على قدر دوره، كان لا بد من تدارك خطورة تلك الممارسات العبثية التي انحرفت بمسار الديموقراطية وتجاوزت على الدستور. من المرجح إن الانتخابات القادمة ستجرى وفق الآلية السابقة ذاتها: خمس دوائر وبصوت واحد، لكن هذه المرة ورغم الاصطفافات المؤيدة والمعارضة للرئيسين، استشعر الناخب الكويتي وأدرك أهمية حسن الاختيار، إن لم يتجاوز خطوط القبلية والحزبية والمذهبية نحو اختيار نائب يمثل الأمة ولا يمثل مجموعة بعينها.اللاءات التي يجب أن يطلقها الناخبون هذه المرة في وجه المرشحين: «لا لنائب طائفي يتعدى على حرية المواطنين العقائدية التي كفلها الدستور». «لا لنائب مرتش»، وهنا على الناخب ألا «يعمل نفسه ميت»، فالمرتشون واضحون وضوح الشمس. «لا لنائب يخرج من رحم الفرعيات أو التشاوريات»، فلا مكان للقبيلة أو الطائفة على حساب الوطن.لقد تعبنا من أشكال هؤلاء وفي مقدمتهم نائب الخدمات الذي وإن قدم لك خدمة فإنها إما استحقاق لك أو ظلم يقع على غيرك.ما ننتظره من الحكومة القادمة ورغم معرفتنا بقصر مدتها، أنها مسؤولة أمام الله والأمير والشعب عن فرض هيبة القانون وتطبيقه من خلال منعها لأي مشهد من مشاهد الفرعيات، ومنع النواب من التجول على الوزارات، وإلا «لا طبنا ولا غدا الشر».ودمتم سالمين.