دعت الجمعية الكويتية للعلوم والتكنولوجيا والابتكار إلى أهمية إعادة النظر في مفهوم الأمن الغذائي، مع الاعتماد على استيراد 95 في المئة من السلع الغذائية، واتخاذ الدولة إجراءات حقيقية نحو تحقيق الأمن الغذائي الحقيقي في البلاد، خصوصاً مع ارتفاع التعداد السكاني وندرة الموارد الطبيعية، مبينة أن هناك اهتماماً كبيراً من الدولة بهذه القضية، إذ يتم حالياً وضع سياسة وطنية للأمن الغذائي، والحلول الاستراتيجية لتلك السياسة. وأشارت الجمعية، في ندوة أقامتها عن الأمن الغذائي في الكويت، وأدارها الناشط البيئي د. سلطان السالم، إلى أن الظروف البيئية التي تحيط بالكويت هي نفس الظروف التي تحيط بدول مجلس التعاون ولا تختلف عنها كثيراً، إلا أن دول الخليج وضعت استراتيجيات موحدة، وأنشأت كيانات لمواجهة هذا التحدي، وبدأت العمل منذ سنوات نحو تحقيق أمن غذائي حقيقي، ومن تلك الدول السعودية التي تمتلك أكبر مزارع للدواجن، والأسماك، والأبقار في العالم، إضافة إلى وجود صناعات كبيرة مثل شركة المراعي أكبر شركات الألبان في العالم.
مفهوم الأمن الغذائي
بداية، قال أستاذ علوم الأغذية د. حسام العميرة: «من أجل أن نناقش مفهوم الأمن الغذائي وتحدياته في الكويت لابد أن نعرف الأمن الغذائي وهو توفير الغذاء بالكمية والنوعية اللازمتين للنشاط والصحة، وبصورة مستمرة لكل أفراد المجتمع اعتمادا على الإنتاج المحلي أولاً، وعلى أساس الميزة النسبية لإنتاج السلع الغذائية لكل بلد، وإتاحته للمواطنين بالأسعار التي تتناسب مع دخولهم وإمكانياتهم المادية». وأضاف العميرة أن ركائز تعريف الأمن الغذائي أربعة تتمثل في توفير الغذاء بمعنى توفير كميات من المنتجات الغذائية ذات الجودة الملائمة من الإنتاج المحلي، وتوفير الكميات اللازمة من المنتجات المستوردة، مع إيجاد قدرة تخزينية وآليات تسويق ممكنة. وبين أن الركيزة الثانية تقوم على سهولة الوصول بمعنى «قدرة المستهلكين على تحمل نفقات الحصول على المنتجات المفضلة لديهم في الأسواق المحلية، مع كفاية أنظمة توزيع الأغذية»، لافتا إلى أن «الثالثة» هي «الاستخدام»، ويقصد بها الانتفاع بالغذاء ضمن نظام غذائي يمكن المستهلكين من اتباع أسلوب حياة صحي أفضل، مع تقليل الفائض والمهدر من الغذاء. ولفت إلى أن «الرابعة» هي «الاستقرار» في الأسواق والعمل على استقرار أسعار المنتجات الغذائية في جميع الأوقات مع التأمين ضد الصدمات على المدى الطويل.تحديات
وذكر أن تحديات الأمن الغذائي في الكويت تتمثل في نقص وتدهور الموارد الطبيعية من مياه وأراض زراعية وزيادة الاستهلاك للطاقة والمياه، مع اتساع الهوة بين الانتاج الزراعي المحلي والاستهلاكي، والاعتماد بشكل أساسي على الأغذية المستوردة، وتفشي ظاهرة الأمراض المزمنة غير السارية المرتبطة بالغذاء «كالسمنة، والسكري وضغط الدم، وأمراض القلب، والسرطان»، نتيجة التغذية غير الصحيحة والخمول البدني والتدخين. وتابع أن من تلك التحديات كذلك تهديد سلاسل الإمداد الغذائية العالمية بتأثيرات تغير المناخ، ووقوع الكوارث الطبيعية، وانتشار الأوبئة والأمراض، واتساع نطاق الحروب والاضطرابات السياسية، إضافة إلى الفقد في مرحلة الإنتاج الأولي، والهدر في مرحلة الاستهلاك للأغذية والذي يزيد على 35 في المئة.تعزيز الغذاء في الكويت
وأشار إلى أن سبل تعزيز الأمن الغذائي النسبي في الكويت يكون من خلال توفير السلع الغذائية الرئيسية ذات الجودة الملائمة من الإنتاج المحلي، من خلال الاستثمار الداخلي في الإنتاج الزراعي والحيواني والسمكي باستخدام نتائج الأبحاث والتكنولوجيا مع ربط مخرجات الأبحاث بالنطاق التجاري. وأكد أهمية بناء القدرات اللوجستية في مجال النقل والتخزين والتصنيع الغذائي المحلي، ونقل الخبرات، وتحسين نظم التسويق الداخلي، مع توفير السلع الغذائية والأعلاف التي لا تتوافر لها ميزة نسبية في إنتاجها محليا من خلال الاستيراد، وتنويع الاستثمار الخارجي في الشركات الغذائية وسلاسل التوريد والنقل. وشدد على أهمية وضع وتنفيذ خطة استراتيجية للحد من تفشي ظاهرة الأمراض المزمنة غير السارية المرتبطة بالغذاء، وتحسين الصحة العامة وجودة الحياة في الكويت، مع وضع خطة متكاملة للأمن الغذائي والاستثمار، مع ضرورة وجود سلطة عليا «جهاز أو لجنة» رئيسية واحدة دائمة تتبع مجلس الوزراء، وتضم في عضويتها ممثلين من القطاعين العام والخاص، والاتحادات الأهلية وتتولى مسؤولية وضع الأمن الغذائي في الدولة، وتشرف على تطبيق استراتيجية، وتدعم فنيا وتقنيا بمؤسسات البحث والتطوير الوطنية.المشاكل الصحية
بدورها، تحدثت نائبة المدير العام لشؤون تغذية المجتمع في الهيئة العامة للغذاء والتغذية د. نوال الحمد، عن الهيئة العامة للغذاء والأمن الغذائي، مشيرة إلى أن هناك الكثير من المشاكل الصحية التي نعاني فيها في الكويت بسبب ثقافة الاستهلاك في المجتمع. وأضافت الحمد أن مؤتمر قمة الغذاء العالمي شدد على تعزيز خيارات سبل العيش، وتوفير السلع الرئيسية، وتطبيق السياسات في حالات الطوارئ، وتقييم عوامل الخطورة، لتحاشي الكوارث التي تؤثر على الأمن الغذائي. وأشارت إلى أن تضافر جهود الجهات المعنية في الكويت أمر مهم جدا من خلال منظومة يتعامل فيها الجميع للوصول إلى توافر الأمن الغذائي في بمفهوم الاستدامة، موضحة أن اللجنة الوطنية لسلامة الغذاء تحرص على تعزيز التغذية الصحية، وتطوير الأنظمة الرقابية، لوصول الغذاء بالسرعة المطلوبة للمستهلك.ودعت إلى إعادة النظر في السياسة الموجودة حاليا والمتعلقة بالغذاء، لأنها تحتاج إلى مراجعة وتعديل نوعا وكما، خاصة مع ما نعانيه كمجتمع من مشاكل وأمراض، فلا يوجد مبرر يقنع أي شخص بأن المواد الموجودة على البطاقة التموينية لن تساعد على الهدر والاستغلال غير الصحي، إضافة إلى أن تكلفتها على الدولة كبيرة جدا، لذلك تحتاج إلى مراجعة وتعديل. وشددت الحمد على أهمية استمرار الرقابة، وتقييم المخاطر على كل الخطوات الخاصة بالمنتج المحلي، أو المستورد من الخارج، حتى وصوله إلى المستهلك، فهناك مؤشرات مطلوب تقييمها وتحليلها لتجنب مخاطر الجودة، لافتة إلى أنه تم إعداد تقرير مبدئي وهناك لجنة لوضع سياسة وطنية للأمن الغذائي، ووضع الحلول والاستراتيجية لتلك السياسة.