خطاب سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح الذي ألقاه نيابة عن سمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، كان خطاباً محكماً مسبوغاً بالسياسة الماسة لاحتياج الشارع ونبضه في هذا الوقت بالذات، فتضمن الخطاب عدداً من المضامين المهمة والوعود الأهم كذلك لقادم الأيام منها عدم التدخل في رئاسة البرلمان أو تشكيل لجانه، وهذه الرسالة علاوة على إعلان حل مجلس الأمة، كانت الأهم والأوضح رغم التفسيرات اللا منطقية من بعضهم، ولكنني كما السواد الأعظم من الشعب فهمتها بهذه الصورة وعلى هذا النحو، نعم، الحل كان في الحل حتماً من بعد الاحتقان الذي شهده الشارع مؤخراً والذي بدأ منذ جلسة القسم لهذا المجلس الذي تكوّن من عدد من الصقور والحمائم، لكن الأهم هو القادم من الأيام والمستقبل السياسي للدولة. ولعل من المفيد أيضاً أن يستدرك المرء مسألة مهمة جداً، ألا وهي الحاجة الملحة (الآن) للإصلاح السياسي الشامل في ظل هذا الجو المشحون في الدولة، فكلمة الإصلاح الشامل فضفاضة وتفسر حسب الأهواء والمراد، لكن ما أقصده شخصياً، على الأقل، هو الإصلاح ذو المضامين المهمة لكل خلل في الدولة، والمرتبطة بالسياسات العامة لها، والتي تمس جودة حياة المواطن بشكل مباشر أو غير مباشر، ولأن السياسة مرتبطة بشكل رئيس بكل زاوية من زوايا حياتنا، فإن ذلك يجعلنا ننطلق من الإصلاح السياسي الشامل لكل جوانب الحياة اليومية في الدولة، ولا بد من النظر إلى الاقتصاد الريعي الذي وجب أن نتخلص منه بشكل أو بآخر، وإصلاح التعليم والخلل الذي تم فيه بوتيرة متسارعة، خصوصاً إبان الجائحة، وإصلاح التعليم الجامعي وخطط الابتعاث، وشمولية الخطط التنموية لمواكبة الألفية الثالثة وغيرها من الأمور الكثير والكثير جداً.
ومن المهم أيضاً أن يكون لدينا الآن، وبعد الأحداث الأخيرة، إصلاح حقيقي للنظام الانتخابي في الدولة لتكون الدوائر الانتخابية عادلة في التوزيع، وأن يتم التصويت بناء على عنوان السكن من خلال البطاقة المدنية للناخب من بعد التحقق من ذلك قبيل الانتخابات بفترة، لإثبات أنه يقطن المنطقة المسماة في أوراقه، ولعل الأصل في هذا كله أن تكون «قوة الصوت» لكل ناخب غير مجتزأة بتاتاً، فلا يصح أن يصوّت شخص وينتخب ممثلاً عن الدائرة والدائرة ذاتها تفرز لي عشرة نواب! فبهذا يكون قد اُجتزئ من الناخب ٩٠% من قوة صوته الانتخابي. وهذا الأمر يجعلني أبتسم أحياناً حين أطلع على بعض مطالبات السياسيين التي تتركز على أعمالهم الانتخابية تحديدا كجزء من حملاتهم القادمة، وهم يطالبون بعودة نظام الأصوات الأربعة! فهذا في حقيقة الأمر إما ينم عن جهل هذا الشخص في أسس الانتخابات السليمة، وإما عن نوايا أكثر سوداوية وحماية لمصالح شخصية انتخابية، والأهم من هذا وذاك هو تحديد آلية وسقف لعدد سنوات ودورات الخدمة النيابية في دولة الكويت، فهل من المنطق أن يخدم أحدهم في البرلمان عشرين أو ثلاثين سنة متتالية وبعدد مهول من الدورات! كل تلك الأمور يجب أخذها في الحسبان في حسابات دقيقة جداً، كما يتبادر للذهن مسألة مهمة جداً، ألا وهي الرؤى الانتخابية للمرشحين، وهنا أستخدم كلمة رؤى عن عمد لا برنامجا انتخابيا لأن البرامج ترتبط بأحزاب معلنة وقوائم مشهرة، فكل الرؤى الانتخابية أصبحت وكأنها نتاج مكتبات منطقة حولي في موسم البحوث للطلبة الكسالى، قص ولصق لا أكثر، وأشك إن استطاع أغلب المرشحين أن يفكوا رموزها أصلا! فالزمن حتما تغير وأصبح بحاجة لأناس ذوي اطلاع على أدق تفاصيل الأخطار التي تحدق بنا من كل حدب وصوب، ولا حاجة لي أن أذكر الحاجة بضرورة إشهار الكيانات والأحزاب، لأن رأيي في هذه المسألة مفهوم ومنشور كذلك، وحتما فهو من الضرورات الملحة. نعم، نبذ الخلافات مطلوب الآن ومهم وضروري كذلك كما أسلفت في الأسبوع الماضي، ولكن التحدي الانتخابي القادم مهم وضروري جداً، فلا حرج على الناخب في ظل كل هذه التقسيمات في النظام السياسي العام، وعليه وجب أن تكون بوصلته الوطن فقط في حال قرر الاقتراع، ولن أطيل أكثر كي لا يساء فهمي وأقع في المحظور.على الهامش: لا إصلاح حقيقياً إلا بتبني أسس الحياة كخريطة طريق رئيسة تشمل توفير السكن وتحرير الأراضي السكنية والعمل على جودة حياة للمواطن والحفاظ على البيئة باستدامة لأجيال قادمة.
مقالات
ليس على الناخب حرج من دون إصلاح شامل
30-06-2022