الخطاب التاريخي... عصا البصيرة
كان خطاب سمو الأمير، حفظه الله ورعاه، الذي كلف به سمو ولي عهده الأمين تاريخياً وعميقاً، علاوة على أنه رسالة صريحة لبدء صفحة جديدة نخط بها طريقنا نحو مرحلة مشرقة، وتكمن استثنائية الخطاب كونه جاء متضمناً توجيهات وتوصيات مباشرة بعدم التدخل في اختيارات الشعب لممثليه، وكذلك باختيار مجلس الأمة لرئيسه أو لجانه المختلفة، وبهذا تكون الكرة في المرمى الشعبي. وامتدت أهمية الخطاب إلى كونه مفتاحاً لبوابة الأمان السياسي الداخلي وترياقاً للاحتقان السياسي الذي لطالما عاناه الجميع دون استثناء، إذ تمثلت مظاهر التعبير عن الاستياء من المشهد السياسي لما أقدمت مجموعة كبيرة من نواب مجلس الأمة على الاعتصام تحت قبة البرلمان، في حين اعتصم المواطنون في ساحة الإرادة، كما عادت دواوين الاثنين ثانية، حتى انتقل النشاط السياسي المناهض إلى وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة والتي كانت فضاءً موازياً للواقع. وبعد الخطاب السامي الذي أثلج قلوب الشعب بكل أطيافه بدأت فكرة القائمة الوطنية تتضح معالمها، لأن آفة العمل السياسي في الكويت هي العمل الفردي؛ فبدلاً من أن ينشغل النائب في مشروع وطني يحقق من خلاله المنفعة العامة نجده ينصاع للمتطلبات الشعبوية والشخصية، ومجرد أن يؤدي النائب البراغماتي القسم الدستوري في البرلمان نراه يشرع بعدها في عمله المكشوف والمنطوي على مآرب خاصة، حتى بلغ الفساد قبةَ عبد الله السالم بكل أسف وتواطؤ في شراء الولاءات، لقد حان الوقت للشرفاء والمخلصين من أبناء الوطن لتشكيل قائمة وطنية يتم من خلالها خوض المرشحين للانتخابات سعياً منهم لتدشين كتلة برلمانية موحدة وملزمة بالقرارات ومعلومة التوجهات وتخدم المصلحة العامة. وفي نهاية المطاف، العمل السياسي منفرداً لا يحقق النتائج المرجوة بعكس العمل الجماعي، وفي هذا السياق نستذكر الأديبة الأميركية هيلين كيلر التي كانت فاقدة حاستي السمع والبصر، غير أنها تحسست طريقها في الحياة بمعجزة اللمس، وبفضل يد معلمتها الخاصة آن سوليفان، ومن أشهر أقوال كيلر: «بمفردنا يمكننا أن نفعل القليل جداً، لكن معاً يمكننا أن ننجز الكثير».وأخيراً، المطلوب من عامة الشعب رد التحية بمثلها باختيار الأصلح الذي يترجم كل توصيات سموّه في الخطاب التاريخي إلى أفعال ملموسة، حتى لا نكون مثل «الأعمى الذى يكسر عصاه بعد أن يبصر».