بقايا خيال: شركات تأمين غير آمنة!!
أثناء محاولتي تدوين خبرتي الإعلامية في حقل التأمين لإصدار كتاب حول هذا القطاع طوال ربع قرن من العمل الإعلامي مع عدد من شركات التأمين، التقليدية منها والتكافلية، الكبيرة منها والصغيرة التي ظهرت مع هبة تأسيس شركات التأمين بالجملة في أواخر سبتمبر من عام 2011، عندما سمحت وزارة التجارة والصناعة بمنح تراخيص لتأسيس شركات تأمين جديدة في السوق المحلية من منطلق أن «الاقتصاد الوطني أساسه العدالة الاجتماعية»، ولأن سوقنا المحلي مفتوح، رغم معاناته من محدودية الإمكانات ومن تشبع في شركات التأمين المحلية تجاوز عددها الأربعين شركة ومكاتب وساطة، أقول إنه خلال محاولتي هذه تذكرت قصيدة (واحرَّ قَلباهُ) للمتنبي والبيت الذي يقول فيه:إذا رأيتَ نيوبَ الليث بارزةًفَلا تَظُنَّنَّ أنَّ اللَيثَ يبتَسِمُ
أقول هذا لأنني رأيت وسمعت وقرأت بعض شركات تأمين محلية ما إن تدخلها حتى يستقبلوك موظفوها بالأحضان ليضعوا الشمس في يمينك والقمر في يسارك، وليبشروك بمستقبل آمن لك ولأسرتك ولممتلكاتك، ولكن ما إن توقع بوليصة التأمين حتى تكتشف حقيقة مرة، وتشعر وكأنك تسمع صدى من يذكرك بمقولة «دخول الحمام مش زي خروجه»، فأبسط منطلقات الفرح أنك أمنت على سيارتك بمبلغ زهيد لا يتجاوز العشرين دينارا، حتى وإن نمى إلى علمك أن هناك من يؤمن على سيارته بأقل من ذلك، لكسر أسعار شركات التأمين الأخرى، ومن أجل البقاء في ساحة التأمين أطول فترة ممكنة. ولكن تبرز أولى المشاكل عندما ترتكب حادثا مروريا وتحاول الحصول على تعويض مناسب من شركة التأمين بعد أن قمت بإصلاح سيارتك على حسابك، فتبدأ بالبحث عن مقر شركة التأمين المعنية والتي تعرف أنها كانت في برج من الأبراج الجديدة، لتذهب هناك وتكتشف أنهم انتقلوا إلى برج آخر دون أن ينشروا إعلاناً في الصحف أو في أي وسيلة إعلامية أخرى عن نية تغيير العنوان أو حتى إعلان صغير بعد تغيير العنوان، بل إنهم لم يبذلوا أي مجهود لإحاطة الجهات المعنية بالرقابة على قطاع التأمين مثل وزارة التجارة والصناعة أو وحدة تنظيم التأمين أو غرفة تجار وصناعة الكويت أو حتى بلدية الكويت، ورغم ذلك وبعد أن تستدل على العنوان الجديد تكتشف أنه قديم لأنهم انتقلوا بعدها إلى مبنى آخر ثم إلى دار أخرى ثم إلى برج متوار عن الأنظار، ثم إلى مقر جديد آخر، وهكذا ليتبين لك أن كل هذه اللفة لكي تتهرب شركة التأمين هذه من عملائها المؤمن عليهم الباحثين عن التعويضات، وللتنصل من مسؤولية الوفاء بديونها. الغريب أن شركة التأمين هذه لدينا عينات منها في السوق المحلي، لا تتوقف عند تغيير عنوان المقر الدائم فحسب، بل ينتقل هذا الداء إلى تغيير موظفيها حتى لو كانوا قياديين من ذوي الخبرة، مدعين أنهم يحاولون التطوير وتطبيق مبادئ الحوكمة والإدارة السليمة، في حين الواقع أثبت أنها إحدى وسائل المماطلة والتسويف وتأخير مواعيد الوفاء بالالتزامات المادية تجاه الآخر، إلا أن ما لم أفهمه ولم أجد له أي تفسير حتى يومنا هذا، هو كثرة تغيير مستشاريها القانونيين ومكاتب المحامين، فما علاقة هذا الجانب بالمؤمن عليهم أو بمسألة الديون المتراكمة على شركات التأمين؟ وللحديث بقية.