في محاولة ترمي لمواجهة النشاط الدبلوماسي الذي يستبق القمة العربية الخليجية - الأميركية المقررة في جدة منتصف يوليو الجاري والتحركات الأميركية لدمج إسرائيل بتحالف إقليمي لمواجهتها، أجرى وزير خارجية حسين أمير عبداللهيان زيارة مفاجئة إلى دمشق، أمس، بهدف «تحسين العلاقات بين الحكومة السورية وتركيا التي زارها الاثنين الماضي، والتي جدد رئيسها رجب طيب إردوغان، أمس، نيته شنّ عملية عسكرية جديدة داخل الحدود السورية.وقال عبداللهيان قبيل مغادرة طهران إن «أحد أهداف زيارتي لدمشق هو السعي إلى التقدم في مسار استقرار السلام والأمن من خلال تحسين العلاقات بين سورية وتركيا، باعتبارهما دولتين تربطهما علاقات مهمة مع الجمهورية الإسلامية».
وأضاف أن خطوته تأتي في إطار مواصلة المشاورات الإقليمية، وفي ظل التطورات الكثيرة التي تشهدها المنطقة وتفرض على طهران التحرك البنّاء لمنع اشتعال أزمات جديدة.وأوضح أن الأهداف الأخرى من الزيارة هي مواصلة توسيع العلاقات الثنائية بين البلدين والتشاور مع الرئيس السوري بشار الأسد ووزير خارجيته فيصل المقداد ومسؤولين سوريين رفيعي المستوى حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية.وكان عبداللهيان قد أكد، خلال لقاء مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، أن بلاده تتفهّم مخاوف أنقرة الأمنية فيما يتعلق بعزمها القيام بعملية خاصة في أجزاء من شمال سورية، بهدف محاربة التنظيمات الكردية المسلحة.
اهتمام وتحذير
من جهته، اعتبر وزير الخارجية السوري، في تصريح عقب استقباله عبداللهيان بمطار دمشق الدولي، أن «هذه الزيارة مهمة جداً، وتأتي بعد تطورات محلية وإقليمية ودولية كثيرة»، مؤكداً «أننا نقف إلى جانب إيران في متابعتها الحثيثة للملف النووي، وندعم موقفها في هذا المجال».وفي وقت سابق، حذّر نائب وزير الخارجية السوري، أيمن سوسان، أنقرة من تنفيذ تهديداتها باجتياح شمال البلاد، مضيفا أن «سورية ستكون مقبرة للغزاة».قصف وتكتّم
وتزامن حضور الوزير الإيراني مع إعلان وزارة الدفاع السورية أن مدنيين اثنين أُصيبا في غارة جوية نسبت إلى إسرائيل على بلدة الحميدية جنوب طرطوس على الساحل الغربي لسورية. وأضافت الوزارة، في بيان، أن المواقع التي استهدفت كانت مزارع دواجن.وقال البيان إن الضربة شُنت من البحر المتوسط، إلى الغرب من طرابلس، شمالي لبنان، و»أدت إلى إصابة مدنيين اثنين، أحدهما امرأة». وامتنع الجيش الإسرائيلي عن التعليق على الهجوم الجديد الذي يأتي في سياق تنفيذه لمئات الضربات التي تستهدف ما يصفه بـ «نفوذ إيران العسكري المترسخ» في البلد العربي.ويأتي التكتم الإسرائيلي في وقت رصدت أجهزة الأمن العبرية 10 حالات تسريب لمعلومات سرية حساسة من مداولات أمنية تتعلق بإيران، خلال الشهرين الماضيين.وأفادت هيئة البث الإسرائيلي «كان 11»، أمس، بأن حجم التسريبات من الأجهزة الأمنية، هو ما دفع وزير الأمن الإسرائيلي، بيني غانتس، إلى إصدار أوامر بإجراء تحقيقات حول مصدرها، معتبرا أنها «تضر بسياسة الضبابية التي تنتهجها إسرائيل فيما يتعلّق بمواجهة إيران».وأصدر غانتس أوامر بإجراء تحقيق بشأن تسريبات مباحثات أمنية مغلقة تتعلق بالجمهورية الإسلامية، يوم الخميس الماضي، في أعقاب نشر «القناة 12»، مقطعا مصوّرا يوثّق احتراق مصنع للصلب في إيران، في اللحظات الأولى التي تبعت هجوما سيبرانيا استهدف المصنع، الثلاثاء الماضي.كما يأتي التحقيق بعد أن تكررت التقارير العبرية أخيراً حول التضارب بين موقفَي الجيش الإسرائيلي من ناحية، و»الموساد» من ناحية أخرى، بشأن اتفاق نووي جديد مع إيران.في غضون ذلك، كشفت تقارير عبرية أن مجموعة قرصنة إيرانية تسمى «شارب بويز» قامت باختراق 20 موقعاً لحجز تذاكر السفر تابعة لشركة إسرائيلية قبل أسبوعين، وسرّبت معلومات أكثر من 300 ألف إسرائيلي. وجاء ذلك غداة الإعلان عن هجوم مشابه لمجموعة إيرانية استهدفت قاعدة بيانات تضم الآلاف من عملاء شركات إسرائيلية ضمن ما يُطلق عليه «حرب الظل».في السياق، أعلنت روسيا أن كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين، علي باقري كني، توجه إلى موسكو والتقى نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف. ونشرت ممثلية روسيا لدى المنظمات الدولية في فيينا، صوراً على «تويتر»، وكشفت أن كني تحدث في اجتماع حضره نائب ريابكوف وممثل روسيا في محادثات فيينا النووية ميخائيل أوليانوف وعدد من المسؤولين الروس الآخرين.ووصف أوليانوف الاجتماع بأنه «تبادل مهني للغاية لوجهات النظر حول الوضع الحالي للاتفاق النووي» بعد جولة المحادثات غير المباشرة بين الإيرانيين والأميركيين، التي لم يكتب لها النجاح واستضافتها العاصمة القطرية الدوحة الأسبوع الماضي بوساطة أوروبية.ولم يُنشر تقرير عن محتوى محادثات باقري في موسكو، وغرَّد أوليانوف فقط علی «تويتر» بالقول: «تقييمي هو أنه على الرغم من المشاكل، لا يزال من الممكن إحياء الاتفاق النووي. ولكي يحدث ذلك يجب على أميركا إبداء مزيد من المرونة».ورغم حالة التشاؤم التي سادت عقب مباحثات الدوحة التي يتوقع أن تستأنف بعد زيارة بايدن للمنطقة، قال مستشار الفريق الإيراني في المحادثات النووية، محمد مرندي، أمس، إن «المفاوضين الإيرانيين حصلوا على نقاط جيدة في قطر». وزعم أن كل مطالب بلاده كانت في إطار الاتفاق النووي والضمانات التي طلبتها من إدارة بايدن.من جهة أخرى، ذكر مسؤولو خفر السواحل اليونانيون أن ناقلة ترفع العلم الإيراني احتجزتها اليونان في أبريل الماضي وصادرت الولايات المتحدة جزءا من شحنتها، تم جرها إلى ميناء بيرايوس، أمس، بعد أن وافقت السلطات اليونانية على الإفراج عنها.