الكاظمي إلى السعودية حاملاً رداً إيرانياً
الصدر يؤجل تحريك الشارع... والعراق يتجه لحكومة قصيرة العمر
نقلت قناة «الشرق بلومبرغ» عن مكتب رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، أن الأخير سيزور مدينة جدة السعودية للمرة الثانية خلال أسبوعين؛ لبحث نتائج زيارته الأخيرة إلى طهران.وأفاد مصدر دبلوماسي خليجي في العاصمة السعودية وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) بأن الكاظمي سيلتقي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وكبار المسؤولين السعوديين. وقال المصدر، إن رئيس الوزراء العراقي «سيطلع القيادة السعودية على نتائج زيارته أخيراً إلى إيران وموقف طهران من أجندة المفاوضات مع الرياض، وبما يمهّد للارتقاء بمستوى محادثات الطرفين للوصول إلى حل نقاط الخلاف بين البلدين، وبالتالي إعادة العلاقات الدبلوماسية كاملة بينهما».
يأتي ذلك في وقت، التقطت بغداد أنفاسها بصعوبة على نحو مؤقت؛ بعد إلغاء التيار الصدري تظاهرات مؤيدة لرجل الدين مقتدى الصدر ضد قوى حليفة لطهران تحاول تشكيل حكومة جديدة، لا يشترك فيها الزعيم الشيعي المثير للجدل، الذي يحاول العمل مع قوى أخرى لكبح جماح نفوذ الفصائل المسلحة.ودعا الصدر، أمس، «العراقيين أجمع»، إلى صلاة جمعة موحدة في بغداد، منتصف الشهر الجاري، عوضاً عن احتجاجات شعبية كان يفترض أن تنطلق خلال اليومين الماضيين، احتجاجاً على قيام حلفاء طهران بتعطيل جلسات البرلمان، ومنع الصدر وحلفائه من تشكيل حكومة أغلبية، وانتهى الأمر باستقالة نوابه البالغ عددهم 73.وقال مصدر سياسي رفيع لـ «الجريدة»، إن هذه تهدئة ضرورية تفسح المجال لسيناريوهات تسوية، هدفها منع إحراق الشارع.وكان التطور الدراماتيكي تأكيد الصدر أن انسحابه من البرلمان لا يعني أنه سيسلم العراق إلى من أسماهم «الفاسدين والتوافقيين»، في إشارة إلى قوى حليفة لإيران. وقال المصدر: يجب ألا نتعامل مع حديث الصدر بأنه مجرد تهديد، فهو لن يسلم الحكومة لما يعرف بقوى «الإطار التنسيقي»، كما أن هؤلاء لم يوافقوا على ترك الصدر يشكل حكومة أغلبية.وتتحدث الأوساط السياسية عن حل وسط، هو بقاء حكومة مصطفى الكاظمي ومنحها صلاحية تنظيم انتخابات أخرى، أو تشكيل حكومة جديدة من مستقلين تكنوقراط قصيرة العمر، تتعهد بتنظيم انتخابات مبكرة، وعدم إجراء تغييرات في المسار الأمني والإداري للبلاد، ولا المسّ بالدور الإقليمي الذي تلعبه الدبلوماسية العراقية، حسب المصدر.ويفترض أصحاب هذه الدعوات أن التيار الصدري يمكن أن يقبل بتسوية كهذه، لأن المخاوف الأساسية التي تحركه هي عودة نوري المالكي وحلفاؤه إلى السلطة، مما يعني إعادة السياسة العراقية إلى الوراء، وخسارة مكتسبات كثيرة تحققت منذ انتهاء الحرب على تنظيم «داعش»، إضافة إلى أن المالكي والفصائل المسلحة، يتحدثون بروح انتقامية تتوعد بتصفية حسابات قديمة مع فريق الكاظمي وتيار الصدر وحلفائهم في أربيل.ويبدو أن دعوة الصدر إلى صلاة جمعة موحدة منتصف الشهر الجاري، جاءت لامتصاص غضب في قاعدته الشعبية، وإعطاء وقت لبعض المبادرات التي أعربت عن قلقها من حصول نزاع قد يتسع ولا تحمد عقباه، في وقت يحتاج الجميع إلى مسك الاستقرار العراقي الهش، سواء في الداخل أو أسواق النفط المضطربة على وقع الحرب شرق أوروبا.وسبق لمصادر إيرانية أن قالت لـ «الجريدة» إن الكاظمي ليس شخصية إيران المفضلة، لكن طهران تفكر في التكيف مع بقائه، لأنه ضروري في إطار تهدئة إقليمية وشيكة، قد تتبناها طهران في حوارها مع أطراف خليجية، لكن هذا الاتجاه الإيراني يعارضه على الأقل فريق المالكي، الذي عزز مكاسبه البرلمانية كثيراً بعد استقالة نواب الصدر، ويجد أن الوضع القائم فرصة لن تتكرر بسهولة، ويجب استغلالها لتعويض خسارته منصب رئيس الوزراء منذ عام 2014 .