فرغ من محتواه!
الكويت أكثر بلد في العالم «تفرغ فيه الأمور من محتواها»، فالسلطة اتُّهمت بأنها «أفرغت الدستور من محتواه» عبر مراسيم وقوانين ولوائح كثيرة امتدت أكثر من نصف قرن، والنواب الذين لا يرون في الدستور والديموقراطية غير قضية التمثيل النيابي فقط دون قضايا الحريات المدنية وتسابقوا إلى فرض رؤيتهم المنغلقة على وزراء يخشون ظلهم «أفرغوا الديموقراطية من محتواها»000 مجاميع البشر الذين يصوتون لاعتبارات عائلية، أو طائفية، أو قبلية أو لتحقيق مصالح متنفذين من أهل السطوة والمال والحسب والنسب هم كذلك يفرغون الدستور من محتواه، وكان مانشيت افتتاحية هذه «الجريدة» أمس عن سياسة تفريغ الجهاز الإداري من الكفاءات، يعني تفريغ الإدارة من محتواها0الزميل بدر البحر في «القبس» كتب مقالاً مهماً عن «التعليم العالي والنجاح الوهمي» وقرر أنه من غير المعقول القبول «بنسب نجاح وهمية تصل إلى قرابة 99 في المئة وأثناء الوباء 9604 في المئة العام الماضي، ثم إلى 84 في المئة هذا العام 000 وهناك ثمانية عشر حققوا 100 في المئة» 000 وقال: «إننا نحتاج لهبوط نسب النجاح العام القادم ووقف جرائم الغش وتسريب الاختبارات لنستطيع الوصول إلى نسب نجاح فعلية ما بين 50 إلى 60 في المئة» 0
وهذه أخطر مسألة في ثقافة «مشيني وامشيك»، والسياسة الانتهازية حين تدخل جوف الإنسان وكل مكان يرتاده حتى دورة المياه وقضاء الحاجة كي «يفرغ الفرد من محتواه المعوي»، فهذا يعني أن التعليم التقدمي النقدي الذي يفترض أن يكون طوق النجاة لمستقبل البلد قد «أفرغ من محتواه» 0 ماذا بقي لنا هنا لم يفرغ من محتواه؟! الدولة أضحت شكلاً مادياً أجوف دون عمق ثقافي إنساني ليس فيها غير عمارات من الأسمنت والطوب مع مولات تجارية ضخمة للتسوق الاستهلاكي، ومجمع جابر للأوبرا دون أوبرا، وجسر جابر ينقلنا إلى عالم ترابي عوضاً عن أن يحملنا إلى أرض الاستثمارات والسياحة وفرص العمل والإبداع، كل شيء أصبح مفرغاً من محتواه، من كتابات ضحلة وإعلام ركيك وتعليم مضحك وسوالف تواصل اجتماعي «مفرغة من محتواها» لا هدف لها غير تحقيق مقولة «أنا أغرد إذن أنا موجود»، والحساب عليكم بديرة 000 «التفريغ من محتواه»، أفرغوا محتواكم، بارك الله فيكم0