بينما تغرق أفغانستان في الفقر، وتستفحل فيها انتهاكات حقوق الإنسان، أصبحت الانقسامات بين قادة «طالبان» أشبه بقنبلة موقوتة قد تهدد وجود هذا البلد، حيث بدأت هذه الحركة الإسلامية التي فازت بالحرب ضد الولايات المتحدة تتصدع، إذ يستعمل قادتها العقيدة الدينية لفرض سياسات كفيلة بكبح التقدم المحقق وحماية الإرهابيين.

طرحت مجموعات متنوعة في المنفى خططاً للعودة إلى السلطة، لكن هذه الاقتراحات لا تحظى بأي شعبية، وقد تكسب جماعات المقاومة زخماً متزايداً بحلول موسم القتال في السنة المقبلة، لكنها ليست موحدة.

Ad

ويعتبر بعض المحللين والدبلوماسيين «جبهة المقاومة الوطنية» بقيادة أحمد مسعود هي الجماعة القادرة على توحيد صفوف الحركات المعادية لطالبان، لكن أفكار مسعود السياسية تفتقر إلى العمق.

في المقابل، بدأ اقتراح آخر يلقى تأييداً متزايداً وسط المسؤولين الغربيين و»طالبان» في آن، وقد طرحه السياسي الأفغاني أمين كريم من «الحزب الإسلامي» الشعبوي، والذي شارك في تحضير ميزانية أفغانستان في مارس الماضي، وهو يسوق اليوم لخطة تضمن برأيه إحداث التغيرات اللازمة للحفاظ على استقلال أفعانستان، وتجنب الانهيار السياسي والحرب الأهلية، والانضمام إلى المجتمع الدولي مجدداً.

بموجب هذه الخطة، يقترح كريم أن تقطع «طالبان» علاقاتها مع حلفائها الإرهابيين كجزء من التزام أوسع ببناء «نظام سياسي يستند إلى إرادة المواطنين»، ويجب أن تترافق هذه المبادرة مع انتخابات وأحزاب سياسية، وبرلمان، ودستور يضمن حماية حقوق الإنسان، لاسيما حقوق المرأة، وحرية التعبير ووسائل الإعلام، ويجب أن تجلب «طالبان» جماعات عرقية ودينية، إلى جانب جماعتها البشتونية السنية، لإنشاء «نظام سياسي تعددي».

في المقابل، يجب أن يحذف المجتمع الدولي أعضاء «طالبان» من القوائم السوداء في الولايات المتحدة والأمم المتحدة، ويلتزم بتمويل المشاريع التنموية طوال 15 سنة، ويتعهد بمنع تدخل أي بلد آخر في شؤون أفغانستان.

برأي المسؤولين الغربيين، قد يكون اقتراح كريم أفضل خيار محتمل، مع أنه يشمل جزءاً من المطالب التي طرحها الغرب قبل أن ترسخ «طالبان» سلطتها، وإذا تم التوصل إلى اتفاق معين حول هذه النقاط (من الأفضل أن تحصل هذه العملية برعاية الأمم المتحدة)، يقول كريم إن «طالبان» قد تحظى باعتراف دبلوماسي خلال سنتين أو ثلاث سنوات.

لكن قد تكون هذه التوقعات وهمية نظراً إلى ما تفعله «طالبان» منذ أغسطس الماضي، فهي تنتهك الحقوق، وتقمع الحريات، وتحبس النساء في منازلهن، وتقتل الأعداء، كما أن بعض الدبلوماسيين يشككون في إجراء انتخابات مثلاً، لأن طالبان ستخسر في أي تصويت وطني على الأرجح، حيث إنها لا تمثل الأغلبية كما أن سجل الجمهورية الأفغانية لطالما كان سيئاً في هذا المجال، إذ يصل الخاسرون في الانتخابات إلى السلطة في مناسبات متكررة.

لم يصدر الاتحاد الأوروبي أي رد رسمي على اقتراح كريم، لكن سفير الاتحاد في أفغانستان، أندرياس فون براندت، أعلن دعمه لإنشاء حكومة جامعة تتمثل فيها مختلف الجماعات العرقية والسياسية والنساء، ويستطيع الاتحاد الأوروبي أن يؤثر على «طالبان» بدرجة معينة لأنه الكيان الغربي الوحيد الذي عاد إلى كابول منذ أغسطس الماضي، كذلك، تحمل «طالبان» احتراماً لخصومها السابقين في ساحة المعركة، ولو على مضض، بما في ذلك بعض أعضاء الاتحاد الأوروبي.

يقول مصدر دبلوماسي آخر رفض الإفصاح عن اسمه: «نحن لسنا مضطرين لإطلاق حوار سياسي إلى الأبد، من المتوقع أن تتفاقم المشاكل في الشمال وتنشغل طالبان عن مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية في ولاية خراسان»... ويرى أن المقاومة المسلحة تبدو واثقة من نفسها، وإذا نجحت في الالتفاف حول مسعود خلال موسم الشتاء المقبل، فقد تكسب الزخم الذي تحتاج إليه، وعليه ستزداد الظروف سوءاً، ما يعني صب الزيت على النار المشتعلة أصلاً، وهذا النوع من الاقتراحات قد يحسن الوضع في المرحلة المقبلة.

* لين أودونيل

Foreign Policy