إيران تتغاضى عن اغتيال مسؤوليها على يد إسرائيل
في 22 مايو الماضي، كان العقيد حسن صياد خدايي، وهو مسؤول بارز في الحرس الثوري الإيراني، يجلس في سيارته في طهران حين تعرّض لإطلاق النار وقُتِل على يد مجموعة مسلّحة على دراجة نارية. خدايي هو واحد من سبعة مسؤولين وعلماء إيرانيين قُتِلوا منذ أواخر مايو، لكن إيران لم توجّه أصابع الاتهام إلى إسرائيل رسمياً إلا في حالته هو، مع أن جميع المحللين والمسؤولين الأمنيين السابقين في الولايات المتحدة وإيران وإسرائيل يعرفون أن هذه العمليات هي جزء من حرب خفية بين البلدين. يبدو أن جميع من تعرّضوا للقتل في إيران هم على صلة بالمنشآت الإيرانية النووية أو البنى التحتية العسكرية التي تستعملها طهران لمساعدة عملائها.لكن في وقت تُصعّد إسرائيل وتيرة حرب الظل التي تخوضها مع إيران عبر تكثيف عمليات الاغتيال المزعومة، يفضّل المسؤولون الإيرانيون التقليل من شأن تلك العمليات على ما يبدو.
يظن المحللون الأميركيون والإسرائيليون أن طهران اختارت هذا الرد لأنها مُحرَجة وتعتبر عمليات القتل إخفاقاً استخبارياً في ظل تصاعد الحرب الإسرائيلية الخفية، وقد صرّح فرزين نديمي من «معهد واشنطن» لصحيفة «فورين بوليسي» بأن عمليات القتل الأخيرة، فضلاً عن الاعتداءات التي استهدفت البنى التحتية الإيرانية والهجمات السيبرانية ضد الأجهزة الحكومية، أساءت إلى نظام الردع الإيراني وأثبتت قوة تصميم إسرائيل وحرية التحرك في إيران.برأي المحللين والمسؤولين الأمنيين، أطلقت إسرائيل الموجة الأخيرة من الاعتداءات لأنها تشتبه بأن إيران أصبحت قريبة من اكتساب سلاح نووي أكثر من أي وقت مضى، بينما تتابع تسليح ميليشياتها الإقليمية التي تطرح تهديداً مباشراً على الدولة الإسرائيلية.تابعت إيران تخصيب اليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة بدرجة نقاء 60 في المئة منذ أن انسحبت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب بشكلٍ أحادي الجانب من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 قبل أربع سنوات، ولا يزال البلد على بُعد خطوات من بلوغ درجة 90 في المئة التي يحتاج إليها لتصنيع قنبلة نووية، لكن يبقى هذا المستوى أعلى بكثير من السقف الذي يُحدده الاتفاق النووي (3.67 في المئة). في الوقت نفسه، تابعت طهران تصنيع ترسانتها المؤلفة من طائرات مسيّرة وصواريخ لمصلحة عملائها في المنطقة. ذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن «حزب الله» اللبناني وحده يملك 150 ألف صاروخ قادر على استهداف إسرائيل. يقول دينيس روس، أحد المفاوضين في قضايا الشرق الأوسط خلال عهود رئاسية أميركية عدة: «مادامت طهران تتابع نقل الأسلحة إلى الميليشيات وتحاول فرض سيطرتها على دول المنطقة، فلن يتغير الكثير وسيزيد احتمال اندلاع صراع على نطاق أوسع، وبناءً على نقاشاتي مع المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين، يبدو أنهم مستعدون لاتخاذ خطوات كثيرة أخرى إذا لم تتراجع إيران».في 7 يونيو، اعترف رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته، نفتالي بينيت، بحصول تحوّل استراتيجي تجاه إيران، وأعلن أن إسرائيل رفعت مستوى نشاطاتها لاحتواء التهديد الإيراني، فقال خلال اجتماع لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في البرلمان: «نحن نتحرك في كل مكان وزمان، وسنتابع التحرك بهذا الشكل».إذا حصل أي تصعيد، فستلجأ إيران على الأرجح إلى تحركات أقل من مستوى الحرب لكنها ستكون كارثية على أمن إسرائيل والمنطقة والعالم، فقد تُهدد مثلاً حرية الملاحة في مضيق هرمز الاستراتيجي الذي يمرّ به حوالي خمس عمليات تجارة النفط في العالم، ما قد يؤدي إلى زيادة الأسعار المرتفعة أصلاً وزعزعة سلاسل الإمدادات.في المقابل، تعتبر إسرائيل أي مقاربة لا تصل إلى مستوى الحرب المباشرة استراتيجية تستحق العناء والمجازفة مادامت تؤخّر خطط إيران، وتزيد كلفة تنفيذ سياساتها، وتفضح نقاط ضعف الحكومة أمام الشعب الإيراني، وتُحبِط جنود المشاة الإيرانيين... من الواضح إذن أن تكتيكات الحرب الخفية بين إسرائيل وإيران مستمرة.* أنشال فوهرا