استحداث الوظائف في الجهاز الحكومي مهمة ترتبط بتطور الأعمال ومدى حاجة الدولة إلى تحسين خدماتها للمواطنين والمقيمين، والعمل يتطلب متابعة مستجدات السوق، وما يتواكب مع النهضة العالمية لسد النقص في المجالات المتعددة التي تدعم إنجاز المعاملات الحكومية بطريقة تضمن السرعة والدقة والسلاسة.وتعد وظيفة «العميل الخفي» إحدى أدوات المراقبة المتطورة لتحسين بيئة الخدمات الحكومية والمعاملات التي تجريها كل مؤسسة حكومية، كما أنها من الوظائف التي تم استحداثها من قبل شركات القطاع الخاص، وخاصة في قطاع المصارف، الذي يمتلك خبرة لسنوات في توظيف العملاء الخفيين.
وتتمركز مهمة العميل الخفي في تقييم الأداء والمهارات والأخلاقيات المهنية لمنسوبي الجهاز المعني، ورصد واقعية الموظف والإدارة ومدى انضباطها، فيما يتصل بجودة الأداء، وحسن التعامل، وسرعة الإنجاز، الأمر الذي ينعكس على سمعة المؤسسة وقابليتها نحو مواكبة التسارع، وجذب الأنظار وانتهاج أسلوب المثالية في خدمة العملاء.وتستهدف هذه الوظيفة مجموعة من الأنشطة في العالم، تلك التي يتحتم عليها استخدام أسلوب العميل الخفي كنشاط رئيسي بها، مثل المستشفيات، والشركات العقارية، والمدارس، والبنوك، والمطاعم، والفنادق، والمتاجر، والمولات، والمكتبات، وخدمات الصيانة سيارات وأجهزة كهربائية، وغيرها من الأنشطة التجارية والخدمية والصناعية المختلفة.
السعودية
ولاشك في أن مجموعة من الدول المجاورة استخدمت العميل الخفي ضمن الأعمال المحفزة لرفع الإنتاجية، وتقديم خدمة مميزة للعملاء، ومثال ذلك السعودية، حيث استخدمت الوظيفة في قطاع الصيدليات والمستشفيات والبلديات، وتمثل أحد الأساليب المستخدمة في بحوث التسوق، من خلال استخدام مجموعة من المسوقين والباحثين يتقمصون شخصية العميل للتعرف على آلية التعامل مع المراجعين، وقياس سلوك الموظفين أو الخدمة المقدمة أو المنتجات المقدمة، وفق أسلوب علمي، ومن خلال قوائم ملاحظة ودفاتر تقييم معدة مسبقا ومخصصة لتسجيل التقارير ورفعها لجهة المراقبة.قطر
كذلك أعلن ديوان الخدمة والتطوير الحكومي في قطر بدء تصنيف «العميل الخفي» كوظيفة حكومية، من خلال إطلاق المبادرة التي تهدف إلى الارتقاء بجودة الخدمات الحكومية، ووضع تجربة العميل في قلب عملية التطوير الحكومي، تحت مسمى «المتسوق السري»، وستعمل على تطبيقها خلال العام الحالي.القطاع المصرفي
أما في الكويت فقد يكون القطاع الخاص سباقا في استخدام هذه الوظيفة، عبر بعض المصارف الأهلية، التي قدمت شوطا كبيرا في توظيف مجموعة من «العملاء السريين» لقياس جودة المعاملات وسرعتها التي تنفذها أفرع البنوك.وزارة الكهرباء
وتعتبر «الكهرباء والماء» أولى الوزارات والجهات الحكومية التي اتخذت خطوة جريئة باستحداث هذه الوظيفة، حيث سبق أن كشف الوكيل المساعد لقطاع خدمات العملاء في وزارة الكهرباء والماء أحمد الرشيدي عن تشكيل فريق من «العملاء الخفيين» بمتابعة أعمال مراكز خدمة العملاء في مختلف محافظات البلاد، وإجراء جولات يومية على المراكز لمتابعة سير العمل، وتقييم الموظفين، إضافة إلى معرفة جودة تقديم الخدمات وآلية التعامل مع العملاء عبر تسجيل ملاحظات سرية، مبينا أن فكرة عمل العميل الخفي تكمن في زيارات عشوائية لتلك المراكز، وإرسال ملاحظاته إلى وكيل القطاع بشكل مباشر، لتفادي السلبيات التي تقع داخل بعض المراكز في مختلف المناطق.وفي ظل وجود خطوة بدأت بها إحدى الجهات الحكومية، ومن الممكن الاستفادة منها، هل يمكن أن نرى استحداث إدارة مركزية رقابية تحت مظلة مجلس الوزراء، تدشن العميل الخفي في الجهات الحكومية، لتحسين أداء إنجاز المعاملات، والحد من كثرة التذمر الذي يعاني منه المراجعون بسبب سوء الخدمة وتأخرها و تكرار جملة «تعال باجر»؟