حرب على الفطرة حرب على الإنسانية
انقلاب شيطاني يغزو العالم خلال العقود الأخيرة، غزو بارد يتسلل إلى المجتمعات، انطلاقته غربية وامتداداته شرقية، دعوات باطلة ظاهرها الحرية والاستقلالية وباطنها الانسلاخ والعبودية، هدف تلك الدعوات الماجنة واضح لا مراء فيه، التخيير بين الإلحاد علناً أو الدعوة في السر إلى تجمعات عبودية الشيطان، فكل هذا الصراع الظاهر بين البشر مرده العقائد المتبعة لا الأفكار الشخصية كما يروجون له للخلط بين الحق والباطل.خلق الله سبحانه الخلق على الفطرة، وجعل قوام بقاء البشرية واستمرارها اختلاف الجنسين واندماجهما في مشروع الزواج الطاهر، الذي أساسه رجل وامرأة، ووقوده المودة والرحمة، وقوانينه تحديد الواجبات والإلزام بالحقوق من أول عقد الزواج حتى نهايته بالفراق المباح أو بالوفاة الحتمية، وأحد أعظم غايات الزواج التكاثر لحفظ النوع البشري الذي خلقه الله سبحانه لعبادته وتوحيده، وأقصى أمنيات شياطين هذه الحداثة المسخ والحرية المزعومة سلخ هذا المشروع البشري الفطري والقضاء عليه بما ابتدعوه من منهج ساقط بالترويج للشذوذ الجنسي وتقنينه ورفع راياته وتبني القتل الصريح بما يسمى حق الإجهاض المطلق وإسقاط الفوارق العامة والخاصة بين الرجال والنساء حتى فيما خلقهم الله سبحانه وفيما شرع لهم وفضل بعضهم على بعض.تتضافر الدول الغربية مع المنظمات الداعية إلى تلك الأباطيل وتمولها وتنفق عليها بسخاء كبار الشركات وعمالقة الاقتصاد وتجير المؤسسات الأممية لنشر قبائحها وتشريع القوانين لها وعقد الاتفاقيات العالمية لحمايتها، وكل هذه الموجة العالمية لا يمكن أن يصدق أحد أنها عفوية وارتجالية، ولا رأس لها يحرك اتجاهاتها يميناً وشمالاً، ونفس تلك الدول والمنظمات والمؤسسات الأممية المنحازة تغيب عن قضايا البشرية المستحقة كالحروب الأهلية والاعتداءات على الدول الصغيرة وانتشار العنصرية ضد الإسلام وتفشي الجهل والفقر حول العالم، لتلتهي بأخبث الدعوات وأعظمها ضرراً على الناس والمجتمعات.
للأسف نرى حولنا ممن سقط في وحل تلك الدعوات الباطلة، وإن لم يعلنوا صراحة أنهم من خدمهم وأتباعهم، لكن أقوالهم وأفعالهم تكشفهم، فهم يحاربون الحجاب، وتغيظهم صلاة الجماعة، ويجاهرون بالدعوة إلى إباحة الخمور، ويشجعون دعاة الشذوذ وينافحون عنهم، أولئك خدم الماسونية وصبيان الإلحاد ممن يصدق عليهم قول المولى سبحانه «إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ».إن على الدول والمنظمات والمؤسسات الإسلامية والعربية والخليجية واجباً عظيماً وجهاداً واضحاً في التمسك بفطرتنا الإسلامية والدفاع عن ثوابتنا العقائدية وحماية أخلاقنا المتوارثة بمواجهة هذا المد الشيطاني الذي يتفشى حول العالم كالسرطان، وهذا واجبنا أيضاً كأفراد وأسر وأولياء أمور، فليقم كل منا بدوره... والله الموفق.