في أكبر تحدٍّ للقيود التي تفرضها الصين وغيرها على العبور عبر المنطقة، أبحرت مدمرة تابعة للبحرية الأميركية قرب سلسلة جزر متنازع عليها في بحر الصين الجنوبي، أمس، بعد ساعات من تعهد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بالدفاع عن الفلبين، وتصريحات عالية السقف لوزير الخارجية الصيني وانغ يي حذر فيها من عواصف عاتية بمضيق تايوان في حال تم المساس بمبدأ «الصين الواحدة».

وقال الملازم نيكولاس لينغو، الناطق باسم الأسطول السابع للبحرية الأميركية، ومقره اليابان، «هذا هو ثاني تطبيق لعملية حرية الملاحة في جزر باراسيل (المعروفة باسم جزر شيشا في الصين) حتى الآن هذا العام، والثالث الذي يستهدف الادعاءات البحرية لبكين في المياه الإقليمية خلال الفترة نفسها».

Ad

و»باراسيل» عبارة عن مجموعة من 130 جزيرة مرجانية صغيرة في الجزء الشمالي الغربي من بحر الصين الجنوبي، وليس بها سكان أصليون، ويقطنها فقط عناصر الحاميات العسكرية الصينية التي يبلغ عدد أفرادها 1400 شخص، وفرضت الصين سيطرتها على الجزر عام 1974 تحديدا، بعد أن كانت تحت سيطرة فيتنام قبلها.

ولم تتحد الخطوة، التي نفذتها مدمرة الصواريخ الموجهة USS Benfold الصين فحسب، بل تحدت فيتنام وجزيرة تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي أيضا، إذ إن الحكومات الثلاث تطلب من السفن العسكرية الحصول على إذن أو إعطاء إشعار مسبق بـ «المرور البريء».

في المقابل، أفادت قيادة المسرح الجنوبي بجيش التحرير الشعبي الصيني بأنها حذرت المدمرة الأميركية و»أبعدتها عن مياهها الإقليمية».

وقال الناطق باسم القوات الجوية الصينية الكولونيل تيان جونلي: «إن تصرفات الجيش الأميركي انتهكت بشكل خطير سيادة الصين وأمنها، وقوّضت السلام والاستقرار في بحرها الجنوبي، وانتهكت القانون الدولي وقواعد العلاقات الدولية»، مبينا أن البحرية الأميركية «تزيد التوترات في المنطقة، والحقائق تظهر مرة أخرى أن الولايات المتحدة هي مصدر خارجي للمخاطر في بحر الصين الجنوبي».

لكن لينغو قال إن إبحار المدمرة الأميركية «يدعم الحقوق والحريات والاستخدامات القانونية للبحر المعترف بها في القانون الدولي»، متابعا: «المطالبات البحرية غير المشروعة في بحر الصين الجنوبي تشكل تهديدا خطيرا لحرية البحار، بما في ذلك حرية الملاحة والتحليق، والتجارة الحرة، وحرية الفرص الاقتصادية للدول المطلة على بحر الصين الجنوبي،» كما جاء في البيان.

وتسعى الصين إلى فرض الأمر الواقع في بحر الصين الجنوبي، من خلال بناء جزر صناعية ومبان كبيرة ومطارات، بغية بسط سيطرتها، ما يزيد القلق الدولي بشأن نوايا بكين. والاثنين الماضي، حلت الذكرى السادسة لحكم دولي رفض ادعاءات الصين، التي تطالب بالسيطرة الكاملة على بحر الصين الجنوبي، وهو معبر حيوي للتجارة الدولية، تمر خلاله سنويا بضائع بأكثر من 3 تريليونات دولار، إلا أن الصين ترفض الاعتراف بالحكم.

جاء ذلك، بينما أكدت الولايات المتحدة التزامها بمنطقة المحيط الهادئ، في إطار مساعيها للتصدي لتصاعد نفوذ الصين، مع إعلان نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس خلال قمة إقليمية عن فتح سفارتين جديدتين.

وستفتح واشنطن سفارتين في تونغا وكيريباتي، وسوف تعيّن أول موفد إقليمي لها إلى منطقة «الهادئ»، على ما أعلنت هاريس، متعهدة بتقديم تمويل بـ 600 مليون دولار، وذلك خلال كلمة لها بالفيديو أمام منتدى جزر المحيط الهادئ في فيجي.

ومثّلت مداخلة هاريس عبر الفيديو نجاحا دبلوماسيًا للولايات المتحدة، عقب فشل محاولات الصين المشاركة في اجتماع على هامش القمة.

وهذا أول اجتماع للمنتدى منذ توقيع جزر سليمان والصين على معاهدة مثيرة للجدل في وقت سابق هذا العام.

وقد أرخى التنافس الأميركي - الصيني بظلاله هذا العام على المنتدى الذي يجمع قادة من أنحاء المنطقة ذات الأهمية الاستراتيجية.

ووصف رئيس وزراء تونغا، سياوسي سوفاليني، إن افتتاح سفارة اميركية في بلاده

بأنه «محطة كبيرة، نحن سعداء جدا لأنه سيكون لدينا أخيرا وجود أميركي».

بدوره، رحّب الأمين العام للمنتدى، هنري بوما، باعلانات هاريس، وقال: «لدينا تاريخ طويل من التعاون والصداقة مع الولايات المتحدة لكن في السنوات الماضية اختفوا من المنطقة».

وشوهد مسؤول واحد على الأقل من السفارة الصينية بفيجي في القاعة قبيل كلمة هاريس، وطُلب منه مغادرة مكان مخصص للصحافيين، ما أثار ضجة.

وقالت هاريس إنها والرئيس الأميركي جو بايدن، يقرّان بأن منطقة المحيط الهادئ ربما لم تحظَ بالاهتمام الكافي

ووعدت: «سنغيّر ذلك»، مضيفة «نريد تعزيز وجودنا في منطقة المحيط الهادئ».

ويعكس هذا المسعى الأميركي الجديد، مدعوما بوعود لـ 10 سنوات بتقديم 60 مليون دولار سنويا لوكالة مصايد الأسماك، وإعادة إطلاق «فيلق السلام» رغبة في فتح فصل جديد وفق هاريس التي

شددت على أن واشنطن تريد التعاون في مشاريع البنى التحتية «التي لا تتسبب في ديون لا يمكن تحمُّل عبئها»، في انتقاد لسياسة الإقراض الصينية.