بدأ الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس، من إسرائيل جولة بالغة الحساسية إلى الشرق الأوسط، تشمل الأراضي الفلسطينية المحتلة والسعودية، وتنطوي على رهانات كبيرة، وتهيمن عليها جهود إقناع الحلفاء الخليجيين بزيادة إنتاج النفط.

وقبل أن تقوم الطائرة الرئاسية «إيرفورس وان»، برحلة مباشرة غير مسبوقة من الدولة العبرية إلى المملكة، حظي بايدن باستقبال حافل في إسرائيل، التي يسعى قادتها إلى تشديد العقوبات على إيران، المنخرطة معهم في «حرب ظل»، ونشرت الشرطة في أنحاء القدس وأغلقت الطرق الرئيسية ورفعت 1000 علَم للترحيب به.

Ad

وفور وصول طائرة بايدن إلى مطار بن غوريون في تل أبيب، تقدّم رئيس إسرائيل إسحاق هيرتسوغ ورئيس الحكومة يائير لابيد وسلفه مسؤول ملف إيران الحالي نفتالي بينيت، المراسم البروتوكولية لاستقبال بايدن قبل أن يعرض عليه قائد الجيش الإسرائيلي بيني غانتس نظام الدفاع الجوي «القبة الحديدية» الذي يستخدم تقنيات الليزر المضادة للطائرات المسيّرة والضرورية، لمواجهة أسطول إيران من تلك طائرات.

وقال بايدن، في كلمته بالمطار: «يشرّفني أن أقف بين الأصدقاء لأزور دولة إسرائيل اليهودية المستقلة»، مضيفاً: «علاقتنا أقوى وأعمق مما كانت عليه في السابق، وسنعمل معها على تعزيز منظومة إسرائيل الدفاعية، بما في ذلك القبّة الحديدية، وسنستمر بعملنا المشترك لمكافحة سموم معاداة السامية».

وأضاف بايدن: «سنناقش حل الدولتين ودعمنا المستمر من أجل إحلال السلام في المنطقة، مشيراً إلى أنه يريد السلام، ولا يريد لأخطاء الماضي أن تتكرر، لأن السلام مهم جداً لشعوب المنطقة. وتعهد بايدن بإعطاء دفع لعملية «اندماج» إسرائيل في المنطقة.

وقبله، أعلن الرئيس الإسرائيلي أنه ستتم مناقشة المخاطر الأمنية التي تفرضها إيران وأذرعها في المنطقة، مؤكداً أنّ «زيارة بايدن رحلة سلام تنطلق من إسرائيل إلى السعودية». وخاطب هيرتسوغ بايدن: «الشعب الإسرائيلي يرحب بك بأيادٍ مفتوحة، وزيارتك تمثّل عمق علاقاتنا».

بدوره، قال لابيد، الذي تولى مهامه قبل أقل من أسبوعين: «سنناقش مع بايدن مسائل الأمن القومي، وضرورة تجديد تحالف عالمي قوي يوقف برنامج إيران النووي، وسنبحث بناء هيكلية أمنية واقتصادية جديدة في الشرق الأوسط».

وعلى متن الطائرة الرئاسية، شدّد مستشار الأمن القومي جاك سوليفان على أن بايدن سيكون «صريحاً» مع إسرائيل بشأن الجهود الأميركية الرامية لإبرام الاتفاق النووي مع إيران.

إعلان وشراكة

وفي خضمّ الزيارة، وقّع بايدن مع لابيد مذكّرة تفاهم مشتركة تعد بمنزلة «مخطط» للعلاقات الثنائية على مدى السنوات القليلة المقبلة. ووفق مسؤولين إسرائيليين كبار، فإن «إعلان القدس»، الذي يمثّل شهادة حيّة على العلاقة الأميركية - الإسرائيلية الخاصة والفريدة، يسلّط الضوء على المجالات ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها إيران.

وقال المسؤولون إن الإعلان يتضمن تعهدًا أميركياً بأنه لن يُسمح لإيران أبدًا بامتلاك أسلحة نووية، كما يقرّ بدعم أمن إسرائيل منحها حرية التحرك في الدفاع عن نفسها بنفسها إذا لزم الأمر.

وستوضح الوثيقة أيضاً استعداد الولايات المتحدة لتعزيز المزيد من تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية. وأشار المسؤول إلى أن السعودية جزء لا يتجزأ من «تحوّل الشرق الأوسط».

وقالت الهيئة العامة للبث: «الإعلان يتضمّن رسالة موحّدة ضد إيران، وبرنامجها النووي، ونشاطها الإقليمي، وستتم الإشارة فيه إلى أنه تماشياً مع العلاقة الأمنية الطويلة الأمد والتزام الولايات المتحدة الراسخ بأمن إسرائيل، ولا سيما الحفاظ على ميزتها النوعية، أكد الرئيس بايدن الالتزام الصارم بالحفاظ على قدرات إسرائيل، وتعزيزها وردع أعدائها، والدفاع عن نفسها في مواجهة أي تهديد أو مجموعة من التهديدات».

وفي بيان مشترك، أعلنت الولايات المتحدة وإسرائيل دخولهما في شراكة تكنولوجية متطورة جديدة تشمل الصحة وتغيّر المناخ. وأفاد بيان مشترك لبايدن ولابيد بأنه «سيبدأ حوار استراتيجي رفيع المستوى بشأن التكنولوجيا بين مستشارَي الأمن الوطني في البلدين».

كما أضاف أن الحوار «سيتركز على التكنولوجيات الاستراتيجية في الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الكمّ والحلول للتحديات العالمية، مثل تغيّر المناخ وتحسين الجاهزية لمواجهة الأوبئة».

موسكو تأمل فشل واشنطن في «قلب» السعودية ضدها

انتقدت «دبلوماسية النفط» الأميركية

أبدت السلطات الروسية تخوفها من قدرة الدبلوماسية الأميركية على استمالة السعودية، المصدر الأكبر للنفط في العالم، لدعم الجهود الغربية الرامية إلى الاستغناء عن إمدادات الطاقة الروسية لخنق موسكو اقتصادياً وإرغامها على وقف عملياتها العسكرية في أوكرانيا.

وقال المتحدث الرسمي باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أمس، إن موسكو تأمل ألا تتخذ الرياض أي مواقف ضد المصالح الروسية.

وأضاف بيسكوف، رداً على ما إذا كان الكرملين يعتقد أن زيارة الرئيس الأميركي، جو بايدن للمملكة، والتي تبدأ غداً، و«الدبلوماسية النفطية» لواشنطن يمكن أن تشكلا تهديداً للمصالح الروسية: «موسكو تثمن عالياً العلاقات مع الرياض، وتعمل في إطار اتفاقيات أوبك، وتقدر بشدة التعاون المثمر مع الشركاء الرائدين مثل السعودية، ونأمل بالطبع ألا يكون بناء وتطوير علاقاتها مع عواصم العالم الأخرى موجهاً ضدنا بأي حال من الأحوال».

في المقابل، رأى مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، أن توقيت زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المقررة الثلاثاء المقبل للجمهورية الإسلامية مثير للاهتمام. وقال سوليفان إن «تعزيز روسيا تحالفها مع إيران لقتل الأوكرانيين أمر يجب على العالم كله أن ينظر إليه، ويعتبره تهديداً بالغاً».

وجاء التحذير الأميركي من خطورة تعزيز العلاقات بين موسكو وطهران بالتزامن مع رفض الكرملين التعليق على قضية شراء روسيا لطائرات مسيّرة عسكرية «درون» من إيران لاستخدامها في أوكرانيا، والتي كشفها سوليفان قبل يومين.

وبعد يوم من تأكيد مصدر مطلع لـ «الجريدة»، أن طهران سلّمت لروسيا دفعة أولى من المسيّرات وخصصت خط إنتاج لتلبية طلبية أخرى كبيرة، رفض وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان التأكيدات الأميركية بشأن صفقة «الدرون».

وجاء نفي عبداللهيان المساهمة في تأجيج الصراع بأوكرانيا؛ لتفادي إغضاب القوى الأوروبية، التي تتوسط لدفع المفاوضات غير المباشرة بين واشنطن وطهران بشأن برنامج الأخيرة النووي، ورفع العقوبات المفروضة عليها.

موقف إيران

في المقابل، اعتبر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أن زيارة الرئيس الأميركي لن تحقق الأمن لإسرائيل. وقال رئيسي: «إذا كانت زيارات المسؤولين الأميركيين الى دول المنطقة تهدف الى تعزيز موقع النظام الصهيوني وتطبيع علاقات هذا النظام مع بعض الدول، فهذه الجهود لن تحقق الأمن للصهاينة بأي طريقة كانت».

وشدد رئيسي على أن طهران لن تتراجع عن موقفها «الصائب والمنطقي» في المحادثات الرامية لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015، محذّراً من أنها تتابع «كل التطورات» في المنطقة، وقال: «لقد كررنا إبلاغ أولئك الذين ينقلون رسائل من الأميركيين بأن أي خطوة تستهدف وحدة أراضي إيران، سيتم الرد عليها بشكل حازم».

وفي مؤتمره الصحافي الأسبوعي، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، إن «المحاولات لتشكيل تحالفات أمنية ضد إيران سياسة فاشلة... الأمن في المنطقة موضوع شامل ولا يمكن تجزئته، وأي توتر في المنطقة سوف يضر بأمن جميع دول المنطقة».

ورأى أن «سياسة واشنطن في المنطقة تنص على تطبيع علاقات دول المنطقة مع الكيان الصهيوني، بينما هو كيان غير مشروع. الموقف الأميركي بشأن إسرائيل موقف واضح لا لبس ولا تغيير فيه دعم الكيان الصهيوني وضمان أمنه على حساب أمن دول المنطقة هي سياسة واشنطن في المنطقة، ونعتقد أنها ليست سياسة حكيمة»، مضيفاً: «تواجد الكيان الصهيوني في المنطقة لا يخدم أمنها واستقرارها، ومن يعتقد أن تواجده سيوفر لهم الأمن خاطئون، وننصح أشقاءنا وأصدقاءنا في المنطقة إعادة النظر في هذه السياسة».

نتنياهو وعباس

ومن المتوقع أن يعقد بايدن لقاء وجيزاً اليوم مع «صديقه القديم» رئيس الحكومة السابق وزعيم المعارضة حالياً بنيامين نتنياهو، الذي سيسعى للفوز في الانتخابات القادمة.

وسيلتقي بايدن الرئيس الفلسطيني محمود عباس في بيت لحم بالضفة الغربية المحتلة اليوم، لكن من غير المتوقع صدور إعلانات جريئة عن عملية سلام جديدة، أي أن الزيارة ستزيد فحسب من إحباط الفلسطينيين، رغم تحسّن علاقاتهم مع واشنطن، بعد أن تراجعت إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، الداعم القوي لإسرائيل.

وفيما يتطلّع الفلسطينيون إلى أن تكون القدس عاصمة لدولتهم المستقبلية، أكد سوليفان أن البيت الأبيض يريد قنصلية أميركية للفلسطينيين في القدس الشرقية، وأعاد تأكيد دعم حل الدولتين، كاشفاً عن توجيه وزير الخارجية أنتوني بلينكن دعوة لأسرة الصحافية القتيلة شيرين أبوعاقلة «ودعا الأسرة لزيارة الولايات المتحدة للتمكن من الجلوس والتعامل معهم بشكل مباشر».

واستبقت إسرائيل وصول بايدن بسلسلة من الخطوات لبناء الثقة مع السلطة الفلسطينية، شملت إصدار آلاف التأشيرات وتصاريح العمل للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.

زيارة السعودية

في موازاة ذلك، تتركز الأنظار على زيارة بايدن الجمعة إلى السعودية على أنها جزء من الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار في أسواق النفط التي هزّتها الحرب في أوكرانيا، من خلال إعادة التواصل مع هذه الدولة المورّد الرئيسي للنفط والحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة على مدى عقود. وأوضح سوليفان أن السعودية دعمت هدنة اليمن وأنقذت حياة الكثيرين، مشيراً إلى أن استثمار المملكة في هذه الهدنة انعكس إيجابا على ظروف المعيشة، وتثبيتها قد يكون أحد أهم إنجازات رحلة بايدن. ولفت إلى أن الرئيس الأميركي لن يعقد مؤتمرا صحافياً خلال زيارته للمملكة وحضوره قمة مجلس التعاون الخليجي في جدة، بمشاركة كل من مصر والعراق والأردن.

أكبر قفزة للتضخم الأميركي منذ 40 عاماً

ارتفع إلى 9.1% مع استمرار زيادة أسعار البنزين والمواد الغذائية

أعلنت وزارة العدل الأميركية، أمس، أن التضخم في الولايات المتحدة قفز خلال يونيو الماضي إلى 9.1 في المئة، ما يمثل أكبر ارتفاع له منذ نوفمبر 1981، وذلك عقب ارتفاعه في مايو بـ 8.6 في المئة.

وتسارعت أسعار المستهلكين بأميركا في يونيو، مع استمرار ارتفاع تكاليف البنزين والمواد الغذائية، مما أدى إلى أكبر زيادة سنوية في التضخم خلال أربعة عقود، وعزز موقف مجلس الاحتياطي الفدرالي برفع أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس في وقت لاحق من هذا الشهر.

وأشارت الوزارة إلى أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع بنسبة 1.3 في المئة الشهر الماضي بعد ارتفاعه 1.0 في المئة خلال مايو.

وظلت ضغوط التضخم الكامنة قوية في يونيو، باستثناء مكونات الغذاء والطاقة المتقلبة، وارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي (الذي يستبعد الوقود والغذاء المتقلبين) بـ 5.9 في المئة خلال 12 شهراً حتى يونيو، وجاء ذلك بعد ارتفاع بـ 6.0 في المئة خلال 12 شهراً حتى مايو.

وكان هناك أمل أن يساعد التحول في الإنفاق من السلع إلى الخدمات في تهدئة التضخم، لكن سوق العمل الضيق جداً يعزز الأجور، مما يساهم في صعود أسعار الخدمات، كما أدت الحرب المستمرة في أوكرانيا، والتي تسببت في ارتفاع أسعار الغذاء والوقود العالمية، إلى تفاقم الوضع.

وبلغت أسعار البنزين في الولايات المتحدة مستويات قياسية في يونيو، بمتوسط ​​يفوق 5 دولارات للغالون، وفقاً لبيانات من مجموعة الدفاع عن سائقي السيارات AAA، ومنذ ذلك الحين تراجعت عن ذروة الشهر الماضي وبلغ متوسطها 4.631 دولارات للغالون، أمس، مما قد يخفف بعض الضغوط عن المستهلكين.

وجاءت بيانات التضخم في أعقاب نمو أقوى من المتوقع للوظائف في يونيو، وذكرت الحكومة الجمعة الماضي، أن الاقتصاد خلق 372 ألف وظيفة خلال الشهر نفسه، مع انخفاض مقياس أوسع للبطالة إلى مستوى قياسي منخفض.

وتتوقع الأسواق المالية، بأغلبية ساحقة، أن يرفع البنك المركزي الأميركي سعر الفائدة ثلاثة أرباع نقطة مئوية أخرى في اجتماعه يومي 26 و27 الجاري، وقد رفع سعر الفائدة لليلة واحدة بمقدار 150 نقطة أساس منذ مارس.

ويؤجج التضخم المرتفع وتكاليف الاقتراض المتزايدة المخاوف من حدوث ركود بحلول أوائل العام المقبل.