في أوضح نقاط التغير في المشهد العالمي منذ قرون، أكد رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، أن حرب أوكرانيا أظهرت أن هيمنة الغرب تشهد نهايتها، في ظل صعود الصين لتكون قوة عظمى بالشراكة مع روسيا.وفي خطاب ألقاه خلال محاضرة بعنوان «بعد أوكرانيا، ما الدروس الحالية للقيادة الغربية؟» ونظمتها «مؤسسة ديتشلي» البريطانية ـ الأميركية في لندن، قال بلير، الذي شغل منصب رئيس وزراء بريطانيا في الفترة بين عامي 1997 و2007، إن «العالم في مرحلة تحوّل في التاريخ يمكن مقارنتها بنهاية الحرب العالمية الثانية أو انهيار الاتحاد السوفياتي، لكن هذه المرة وبوضوح، الغرب ليس في الكفة الراجحة».
وأضاف: «نحن نشهد نهاية الهيمنة السياسية والاقتصادية الغربية، وسيصبح العالم ثنائي القطب على الأقل أو متعدد الأقطاب».وتابع: «للمرة الأولى في التاريخ الحديث، يمكن للشرق أن يكون على قدم المساواة مع الغرب».ولفت إلى أن «التغيير الجيوسياسي الأكبر في هذا القرن سيأتي من الصين لا من روسيا، فالصين هي ثاني قوة عظمى في العالم وإمكاناتها الاقتصادية ودرجة مشاركتها في الاقتصاد العالمي أعلى من روسيا».واعتبر أن «الصين لحقت بالولايات المتحدة في العديد من المجالات التكنولوجية وتهدد بالتغلب على أميركا في بعضها».وأشار إلى أن «القيادة الصينية تتصرف بعدوانية أكثر فأكثر ولا تخفي أنها تتعامل مع الغرب بازدراء وتتقرب من روسيا وترغب في حل مشكلة تايوان أخيرا».وتابع: «لا تسيئوا فهمي، أنا لا أقول إن الصين ستحاول الاستيلاء على تايوان بالقوة في أي وقت قريب، ومع ذلك لم يعد بإمكاننا بناء سياستنا على اليقين بأنها لن تحاول».وأفاد بلير: «مكان الصين كقوة عظمى طبيعي ومبرر. إنها ليست الاتحاد السوفياتي، لكن على الغرب ألا يسمح للصين بالتفوّق عسكرياً». أضاف: «علينا أن نزيد من الإنفاق الدفاعي ونحافظ على التفوّق العسكري لمقاومة الصين في أي سيناريو مستقبلي، مع الحفاظ على العلاقات مع بكين والتصرف بطريقة براغماتية، وليس بعدوانية، وإظهار الاستعداد للاحترام المتبادل».وأشار إلى أن «حرب أوكرانيا أوضحت بما لا يدع مجالاً للشك أن الغرب لا يمكنه الاعتماد على الصين لتتصرف بطريقة نعتبرها عقلانية».ووصف الخلافات في مواقف دول مجموعة العشرين G20 بشأن القضية الأوكرانية بأنها «تحذير للغرب».
مجموعة العشرين
وكان عدد من دول العشرين دان في ختام اجتماع عُقِد على مدى يومين في جزيرة بالي الإندونيسية، الغزوَ الروسي لأوكرانيا، وفق بيان أصدرته الرئاسة الإندونيسية اليوم. وانتهى اجتماع كبار مسؤولي قطاع المال في دول «العشرين»، من دون تبنّي بيان مشترك، بسبب خلافات بين الدول حيال الهجوم الروسي.وبدلاً من البيان الختامي، أصدرت إندونيسيا، التي تحاول التوفيق بين حيادها في النزاع من جهة، واستضافتها قمة «العشرين» لهذا العام من جهة ثانية، بيانًا باسمها، ذكرت فيه هذه التناقضات.وجاء في البيان أنّ «الكثير من الأعضاء اتّفقوا على أنّ تعافي الاقتصاد العالمي قد تباطأ ويواجه انتكاسة كبيرة بسبب الحرب الروسية ضد أوكرانيا، التي تمت إدانتها بشدة، هؤلاء الأعضاء دعوا إلى إنهاء هذه الحرب».وذكر البيان أنّ «أحد الأعضاء عبّر عن رأي مفاده بأن العقوبات تُفاقم الصعوبات الحالية»، في إشارة على ما يبدو إلى روسيا.كما تحدّث البيان عن عدم وجود توافق في الآراء بشأن أزمة الغذاء العالمية التي تفاقمت بسبب غزو أوكرانيا، مضيفاً أن «أغلبية الأعضاء اتفقوا على أن هناك زيادةً مقلقة في انعدام أمن الغذاء والطاقة، وأعلن عدد كبير من الأعضاء استعدادهم للتحرك سريعاً».عقوبات أوروبية
في المقابل، يبحث وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اليوم، تشديد العقوبات على روسيا، بينها اقتراح للمفوضية الأوروبية يقضي بحظر مشتريات الذهب من روسيا، لمواءمة عقوبات الاتحاد الأوروبي مع تلك التابعة لشركائه في مجموعة السبع. ويهدف اقتراح آخر إلى وضع شخصيات روسية إضافية على اللائحة السوداء للاتحاد الأوروبي في وقت تُتهم موسكو باستخدام محطة زابوريجيا للطاقة النووية لنشر قاذفات وإطلاق صواريخ على المناطق المحيطة بالمنشأة في جنوب أوكرانيا.وسيتعين على وزراء الاتحاد الأوروبي النظر في أمور عدة، بينها اقتراح للمفوضية الأوروبية يقضي بحظر مشتريات الذهب من روسيا، لمواءمة عقوبات الاتحاد الأوروبي مع تلك التابعة لشركائه في مجموعة السبع. ويهدف اقتراح آخر إلى وضع شخصيات روسية إضافية على اللائحة السوداء للاتحاد الأوروبي.الوضع الميداني
ميدانياً، أعلن الناطق باسم الاستخبارات العسكرية الأوكرانية فاديم سكيبيتسكي، أن روسيا تستعد للمرحلة التالية من هجومها، بعد أن قالت موسكو، إن قواتها ستكثف عملياتها العسكرية في «جميع مناطق العمليات».وفي السياق ذاته، أفادت وزارة الدفاع البريطانية، اليوم، بأن روسيا تعزز مواقعها الدفاعية في المناطق التي تحتلها في جنوب أوكرانيا.