على وقع الضجة الواسعة في العراق واحتدام الأزمة السياسية، حمل التسريب الصوتي الرابع المنسوب لرئيس الوزراء الأسبق زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، تفاصيل خطيرة تستدعي فتح تحقيق عاجل فيها واتخاذ خطوات قانونية، لاحتوائها على تحريض على الاقتتال الشيعي، وتسليح جماعات مرتبطة به، وتوجيه تهديدات لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر والهجوم على مقر المرجعية بالنجف.وفي التسريب الصوتي الجديد، الذي نشره الإعلامي العراقي المقيم بالولايات المتحدة علي فاضل وأكده ضمناً الصدر، قال المالكي، خلال اجتماع مع حزبه الدعوة الإسلامي وقيادات بفصيل «حزب الله العراق»، «المرحلة المقبلة قتال، وأخبرت الكاظمي بذلك، وكل واحد سيدافع عن نفسه، وأنا سأدافع عن نفسي، وقد تحدثت مع جماعة (لم يسمّها) بأن القضية قضية قتال، وأن مقتدى الصدر يريد الدم والذبح كما يتحدث هو بذلك».
وأضاف المالكي: «قلت للكاظمي إن الجيش والشرطة لا يُعتمد عليهما، ولن يفعلوا شيئاً، ولن أثق بك أو بجيشك، فرد (الكاظمي) بأن هناك جيشاً وشرطة، فقلت له لا يعتمد عليهما وسأُقاتل ولدينا دبابات ومدرعات ومُسيرات».
مهاجمة النجف
وتابع: «أنا أعلم أن مقتدى الصدر سيستهدفني أولاً، لأنني دمرته، ولن أبقي التشيع والعراق بيد مقتدى الصدر، وفي حال عجزت وزارة الداخلية فلن أعجز، ولدي الآن 10 – 15 تجمعا لأُسلِحهم، وأبقيهم مستعدين للمرحلة الحرجة، وسأهجم على النجف في حال هجم مقتدى الصدر، فهو رجل حاقد، ولديه ثلاث خصال سيئة، فهو يريد دماً، وهو جبان، ويريد الأموال وسرق البلاد كلها، ويريد أن يكون ربكم الأعلى، والإمام المهدي، كما تدّعي جماعته بذلك».وبحسب التسريب، قال المالكي إن «المرحلة المقبلة هي مرحلة قتال، وأنا أعمل لها، وهناك إحساس من قبل الناس، وأول عشيرة استعدت لذلك هي عشيرة بني مالك (قبيلة المالكي)، الذين سيعلنون في مؤتمر صحفي، بالبصرة وبغداد، أنه في حال التحرش بفلان (يقصد نفسه) فإننا سنتدخل، لذلك أتمنى على أمة الأخيار أن نكون مستعدين، فالمسألة ليست إعلاماً، وإنما استعداد نفسي وعملي بالسلاح، وتوفير الغطاء».أمة الجبناء
وتحدث المالكي للحاضرين (لم يتم التعرف عليهم) قائلاً: «علينا التفكير بآلية منح قواتكم غطاءً رسمياً، سواءً من الحشد. لكنني يائس من الحشد، لأن أمة الجبناء الآن من الحشد، ونحن نفكر بغطاء لحركة العشائر»، مضيفاً: «العراق مقبل على حرب طاحنة، لا يخرج منها أحد، إلا في حال إسقاط مشروع مقتدى الصدر، ومسعود بارزاني، ومحمد الحلبوسي، فإذا أسقطنا مشروعهم نجا العراق، وفي حال عدم استطاعتنا، فإن العراق سيدخل في الدائرة الحمراء».وفي الجزء الأول من التسجيل المسرب، اتهم المالكي بارزاني بـ»ضرب الشيعة» عبر احتضان السنة، واختراق الوضع الشيعي باستخدام مقتدى الصدر، وفق قوله. واعتبر أن ”مسعود بارزاني احتضن السنّة وصار ملجأ لهم، واتفقوا مع الصدر على اختراق الوضع الشيعي عبر تخطيط مسبق».وفي التسجيل الثاني، قال رئيس الوزراء الأسبق: «أنا أعرفهم (الصدريين). ضربتهم في كربلاء وفي البصرة وفي مدينة الصدر جبناء والآن صاروا أجبن لأن أيديهم صارت متروسة دهن وفلوس وحرام»، حسب تعبيره. وتابع: «هؤلاء أكلوا الحرام. فرهدوا أموال الناس وأموال الدولة وقتلوا واستباحوا الدماء. شكد (كم) قتل مقتدى الصدر من بغداد؟».أما في التسجيل الثالث، أشار المالكي إلى أن «منظمة بدر لديهم قوة ويأخذون رواتب لـ30 – 40 ألف مقاتل، كما أن لدى مقتدى الصدر ألفي جندي في سامراء، لكنه يتسلم رواتب لـ 12 ألفاً»، مطالباً خلال التسريب من شخص غير معروف اسمه «ميرزا» بالتصدي للمشروع.بداية العداء
وبدأ العداء بين الرجلين في مارس 2008، حين قاد المالكي عندما كان رئيسا للوزراء، آنذاك، عملية عسكرية ضارية سُمّيت «صولة الفرسان» استهدفت جيش المهدي بقيادة الصدر، وتحولت خلالها مدينة البصرة العراقية لساحة حرب حقيقية.ورغم معرفة الطيف العراقي بالعداء المستحكم بين الطرفين، لكن تسريبات المالكي أحدثت ضجة واسعة، لخطورة المعلومات الواردة بها، وطريقة تفكيره بالحرب وحماية نفسه، وتمويله الفصائل المسلحة، دون الاكتراث بالواقع.ونفى المالكي تحدثه بهذا الكلام، واتهم جهات بتلفيقها لإحداث فتنة باستخدام التقنيات الحديثة، لكن الصدر أكدها الخميس الماضي، وطالب أنصاره بعدم الاكتراث بها بقوله: «إنا لا نقيم له وزناً»، في إشارة إلى للمالكي.تحرك الشارع
وفي حين ركز المتابعون على سكوت قيادت الحشد الشعبي على هجوم المالكي ووصفه بـ»الجبان» رغم شن منصاته الإعلامية حملات تحريض كبيرة ضد أشخاص وناشطين بحجة الدفاع عن «حماة الأعراض» إثر انتقادات «لا ترقى إلى هذه الأوصاف، نشرت منصات مقاطع مصورة لإغلاق مقر لحزب الدعوة في منطقتي الزعفرانية والعلاوي وسط بغداد وآخر في النجف «من قبل عناصر الحشد»، رداً على حديث المالكي. وتناولت أخرى أنباءً عن اعتقال مسؤول حماية المالكي، وثلاثة من أفراده، وجميعهم من قضاء طويريج، بتهمة تسجيل وتسريب حديث سري للمالكي خلال اجتماع لقيادات حزب الدعوة، فيما أفادت قناة العربية باعتقبال اثنين من تحالف الفتح بقيادة هادي العامري بالتهمة ذاتها أحدهما يدعى أبو تراب والثاني أبو سلام.وطالب عضو التيار المدني أحمد حقي القضاء والادعاء العام بفتح تحقيق موسع بالتسريبات، معتبراً أن «القضاء مطالب إن كان قادراً باستدعاء المالكي وتشكيل لجنة فنية لفحص التسجيل الصوتي».وأضاف، لموقع» العربي الجديد، «رغم أن الجميع يعلم صحتها، لكن يجب على القضاء مغادرة دور المتفرج الصامت فالقضية فيها تهديد للأمن وتحريض على الاقتتال، ويجب على القضاء أن ينفي عن نفسه تهمة الضعف أو مجاملة القوى السياسية».وفي تصريح مماثل استغرب الباحث في الشأن السياسي العراقي، شاهو القرة داغي «الصمت إزاء إهانة المالكي للحشد»، وكتب في تغريدة: «ينتقدون كلام الصدر الذي طالب بتصفية الحشد الشعبي من العناصر غير المنضبطة، بينما يختارون الصمت ولا يردون بحرف على إهانة المالكي للحشد وقوله بأنهم أمة الجبناء!».رئيس الجمهورية
ويجري ذلك وسط ترقب الشارع عقد جلسة برلمانية لاختيار رئيس الجمهورية الأسبوع الجاري، بعد أن دعا تحالف «الإطار التنسيقي» الذي يتزعمه المالكي، ويضم قوى حليفة لإيران، رئاسة البرلمان لعقد الجلسة.ودعت رئاسة البرلمان، مساء أمس الأول، رؤساء الكتل السياسية إلى اجتماعٍ اليوم من دون أن تكشف عن فحواه، تلته مطالبة رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم القيادات الكردية إلى الاتفاق على مرشح رئاسة الجمهورية أو آلية الترشيح، ليحسم من أول جلسة، مؤكداً أن «الإطار التنسيقي جاد بسرعة ترشيح رئيس للحكومة القادمة».