رفضت «الخارجية» الإيرانية تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن التي أطلقها خلال جولته الإقليمية، التي بدأها من إسرائيل واختتمها من السعودية، عقب حضوره القمة العربية - الخليجية - الأميركية للأمن والتنمية بمدينة جدة، أمس الأول، فيما هدد رئيس المجلس الاستراتيجي للسياسات الخارجية، كمال خرازي، باستهداف عمق إسرائيل، مؤكداً في الوقت ذاته أن بلاده تمدّ يدها للسعودية من أجل إصلاح العلاقات.وقال المتحدث باسم «الخارجية» الإيرانية، ناصر كنعاني، أمس: «إن المزاعم والاتهامات التي قالها بايدن خلال جولته الشرق أوسطية، ومنها تصريحاته في قمة جدة، مرفوضة ولا أساس لها، هذه المزاعم الفارغة تأتي في سياق استمرار السياسة الأميركية لخلق الفتن وبثّ التوتر في المنطقة»، في إشارة إلى تشديد الرئيس الأميركي على أن واشنطن لن تسمح لطهران بتطوير سلاح نووي مطلقاً، وأنها ستعمل بالتعاون مع حلفائها على مواجهة أنشطتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة.
وأضاف كنعاني: «أميركا تلجأ مجدداً إلى سياستها الفاشلة في التخويف من إيران لخلق التوتر وافتعال الأزمات»، لافتا إلى ما وصفه بـ «الدعم الأميركي الأعمى والمطلق والممتد للكيان الصهيوني الغاصب الذي يمتلك أكبر ترسانة للسلاح النووي بالمنطقة».وأكد المتحدث أن «السياسة الاستراتيجية لإيران في الاستفادة من الطاقة النووية السلمية في إطار القوانين والضوابط الدولية، والالتزام باستمرار التفاوض» من أجل إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 ورفع العقوبات الأميركية.وأشار إلى أن بلاده تنتهج سياسة «ترحب بالحوار البنّاء مع دول الجوار والمبادرات الإقليمية». ورأى كنعاني أن «المتوقع من دول المنطقة أن تستجيب للدعوات الإيرانية للحوار والتعاون الإقليمي، واتخاذ خطوات بنّاءة من أجل إرساء الأمن الجماعي والسلام والاستقرار والتنمية المشتركة».وجاء ذلك بعد أن أكد بايدن خلال قمة جدة مع قادة دول مجلس التعاون ومصر والأردن والعراق، والتي أتت قبل زيارة، مقررة غدا، يقوم بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لطهران، أن بلاده «لن تتخلى عن الشرق الأوسط، ولن نترك فراغاً تملؤه الصين أو روسيا أو إيران».
تهديد وتهدئة
في موازاة ذلك، زعم خرازي، في تصريحات أدلى بها أمس، أن بلاده لديها القدرات الفنية لصناعة قنبلة نووية، مؤكداً أن القوات الإيرانية أجرت مناورات موسعة بهدف ضرب العمق الإسرائيلي في حال «استهداف منشآتنا الحساسة». وقال خرازي إنه لا قرار في بلاده بتصنيع قنبلة ذريّة، «رغم وجود القدرات الفنية اللازمة لذلك».ورأى المسؤول الإيراني أن «إسرائيل في مرحلة ضعف، وأن دعم بايدن لن يعيدها إلى الصدارة»، مهدداً بأنه في حال تم استهداف أمن طهران انطلاقا من دول الجوار، فإنه سيقابل بـ «رد على هذه الدول وردّ مباشر على إسرائيل».واعتبر أن «إعلان القدس»، الذي تعهدت فيه واشنطن باستخدام كل قوتها لمنع الجمهورية الإسلامية من تطوير سلاح نووي، «مجرد بيان مكرر لن تكون له أي نتائج».وبشأن المفاوضات غير المباشرة بين بلاده والولايات المتحدة حول البرنامج الذرّي، قال إنه من الصعب إجراء حوار مباشر مع واشنطن في ظل جدار سميك من عدم الثقة، مشدداً على أن بلاده ترفض أي مباحثات بشأن برنامج تسلّحها الصاروخي ونفوذها الإقليمي «لأن ذلك يعني الاستسلام». وذكر أنه لا ضمانات أميركية بشأن الحفاظ على الاتفاق النووي، «وهذا يفخخ أي اتفاق ممكن».ورحب خرازي بتصريحات وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، التي أدلى بها في ختام قمة جدة حول مد المملكة «يد الصداقة لطهران» وإعلانه عدم وجود طرح لإنشاء «ناتو شرق أوسطي»، يضم الدول العربية إلى جانب إسرائيل، مؤكداً استعداد طهران للحوار وإعادة العلاقات مع الرياض إلى طبيعتها. ووصف إيران والسعودية بالدولتين المهمتين، وقال إن حل الخلافات بينهما سيؤدي إلى تحوّل إقليمي.ودعا إلى إطلاق حوار إقليمي بحضور دول مهمة، مثل السعودية وتركيا ومصر وقطر وغيرها.وكشف أن الدوحة قدّمت مقترحات مهمة بشأن الحوار الإقليمي، وأن طهران أبدت استعدادها الكامل لذلك، مشدداً على أن الحل الوحيد لأزمات الإقليم هو تشكيل مجمع حوار إقليمي لحلّ الخلافات سياسيا وأمنيا.حرية إسرائيلية
في المقابل، جدد رئيس الوزراء الإسرائيلي المؤقت، يائير لابيد، تأكيده أنه أوضح للرئيس الأميركي معارضته للاتفاق النووي الإيراني. وقال في مستهل جلسة الحكومة، أمس، إن إسرائيل تحتفظ بحريّة التصرف الكامل دبلوماسياً وعملياتياً ضد البرنامج النووي الإيراني. وهدد لابيد، أمس، بالرد بسرعة ومن دون تردّد على إطلاق أي قذيفة صاروخية أو بالون حارق من غزة، في أعقاب إطلاق 4 قذائف صاروخية من القطاع باتجاه مدينة عسقلان، في خطوة نظر إليها على أنها «رسالة إيرانية» تزامنت مع زيارة بايدن وردّت عليها إسرائيل بغارات محدودة. وتزامن ذلك مع وصول قائد القيادة الوسطى للجيش الأميركي (سنتكوم)، التي تتخذ من البحرين مقراً لها، مايكل كوريلا، إلى تل أبيب، في زيارة هي الثانية له منذ توليه منصبه، حيث بحث مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، منظومة الدفاع الجوي، والتحديات الأمنية المشتركة للجيشين وإمكانية خوض حرب مشتركة، ومناقشة الاستعدادات العسكرية لسيناريوهات تصعيد إقليمية. كما جاء ذلك في وقت يسود في إسرائيل قلق حيال القمة التي ستعقد في طهران، غداً، وتجمع رؤساء روسيا وتركيا وإيران، بعد أن أظهر انتهاء جولة بايدن مبالغة التوقعات الإسرائيلية الرسمية إزاء تشكيل «حلف دفاعي إقليمي» ضد الجمهورية الإسلامية وتطبيع العلاقات مع السعودية. وأعربت أوساط عبرية عن قلق متزايد من كشف واشنطن بيع إيران طائرات من دون طيار مسيّرة لروسيا، لاستخدامها في الحرب بأوكرانيا، وإمكانية تعزيز ذلك للعلاقات بين موسكو وطهران بما يضرّ بعمليات سلاح الجو الإسرائيلي في سورية ضد الوجود الإيراني.