«كافي تعبنا منكم»
لا يخلو أي مجلس برلماني في العالم من التافهين والفاسدين، ولا يمكن استثناء أي مجلس من هذه القاعدة، لكن في المقابل بمعظم البرلمانات في الدول المتقدمة ديموقراطياً فإن من يقود المشهدين السياسي والتنفيذي الخيرون منهم.ما شاهدناه خلال العقود الأربعة الماضية من انحدار على مستوى الأداء البرلماني والحكومي كان السبب في فقدان الثقة بالسلطتين وبإمكانية إجراء أي نوع من الإصلاحات السياسية والاجتماعية مما دفع بمكون ليس بالقليل من المواطنين إلى العزوف عن المشاركة في الانتخابات لقناعتهم بأن المجلس قد اختُطف من قبل المتنفذين والعنصريين والطائفيين والأحزاب، الذين اتخذوا المجلس ستاراً لتمرير أجنداتهم الشخصية على حساب الوطن.بطولات وهمية اشتركت فيها معظم القوى السياسية، مع أنها في الحقيقة لا تمثل جموع المجتمع الكويتي، بل مجموعة من الأفراد جمعتها المصالح استظلت بمظلة الطبقية والعنصرية والطائفية.
بعد خطاب سمو ولي العهد الاستثنائي يحاول البعض الظهور بصورة حامي حمى الدستور والوطن وأنه وراء كشف الفاسدين بينما الحقيقة في موقع آخر، ومن يقود مسيرة الإصلاح هو رأس الدولة سمو الأمير، وسمو ولي العهد حفظهما الله.حتمية حل مجلس الأمة هي البداية فقط ومن يعول على خمسين نائباً وطنياً شريفاً حالماً، وبالرغم من أن التغيير في المجلس المقبل قد يكون الأكبر في تاريخ البرلمان الكويتي، لكنه سيعود بالكثير من الأسماء، سواء من هذا المجلس أو من المجالس السابقة بمعنى «صبه حقنه لبن».بالنسبة لي لو أوصل الناخبون عشرة أعضاء من الوطنيين الشرفاء لكفى، وكثر الله خير الناخبين، ولكي يتحقق هذا الهدف على الإخوة العازفين والمقاطعين للانتخاب تشكيل جبهة وطنية لإيصال الكفاءات الوطنية بدلاً من تركهم في مواجهة مصيرهم والاكتفاء بالامتعاض من المجلس والديموقراطية. أرجع إلى الشبيحة «اللي مستذبحين هاليومين» في كشف مواقف النواب والوزراء السابقة، وبصراحة رغم قناعتي بأن هذه التصرفات لم تكن بدوافع وطنية وأنه ماكو شيء «ببلاش» ودون مقابل، فإن دورهم في إنعاش الذاكرة مهم في فضح سراق المال العام والمتسلقين على المناصب البراشوتية «نارهم تاكل حطبهم».أكثر ما يسعدني في الانتخابات القادمة غياب مشهد الفرعيات والتشاوريات، وهذا لا يعني أنني ضد المكون القبلي الذي نعتز به، ولكن بإعطاء الفرصة وتمكين أبناء القبائل من المشاركة بحرية سواء من خلال الترشح أو الانتخاب، ناهيك عن تراجع الطرح الطائفي عما كان عليه في الانتخابات الماضية «دَعُوها فإنَّها مُنتنةٌ».العدّ التنازلي بدأ والحرب مفتوحة على مصراعيها بحيث لم يترك أي طرف الفرصة للنيل من خصمه، لكن إن نظرنا إلى الحقيقة فسنجدها جعجعة بلا طحين، وبمعني آخر كلها تهويش فكلهم بالهوى سوا، ومع ذلك مسيرة الإصلاح السياسي والاجتماعي والإداري هذه المرة ستكون ساخنة بسخونة موسم الصيف، ومن يُرِد الظل فعليه المبادرة بترك الساحة بهدوء، فقطار التغيير قد ركب السكة، ولا أظنه سيستثني أحداً. متفائل بالعهد الجديد، وكلي أمل في رؤية الكويت بالمكان الذي تستحق، ومؤمن بأن الإصلاح طريقه سهل لا كما يصوره البعض بالمستحيل متى ما صدقت النيات واقترنت بالعمل الخالص لله وللوطن ومُكِّن المخلصون والكفاءات الوطنية دون تمييز أو تحيز بعيداً عن المحاصصة والبداية مع الوزراء. ودمتم سالمين.