«ساكسو بنك»: السلع تنخفض مع تنامي المخاوف من الركود
الصين تواجه انتشاراً متسارعاً لإصابات «كوفيد 19» والمزيد من التحديات في «العقارات»
قال تقرير لـ «ساكسو بنك» إن التطورات السلبية تتوالى بسرعة، وتلقي بظلالها على قطاع السلع. ففي مطلع يونيو، سجلت السلع تراجعاً كبيراً بدءاً من قطاع المعادن الصناعية، الذي كان يخضع لتأثيرات سياسة الصين الصارمة وإغلاقاتها المستمرة للوصول إلى إصابات كوفيد-19 معدومة، حتى شملت جميع القطاعات الأخرى. وأتى ذلك نتيجة لارتفاع مستويات التضخم بشكل غير متوقع، ما دفع اللجنة الفدرالية للأسواق المفتوحة للتصدي لها برفع أسعار الفائدة بواقع 75 نقطة أساس، ما أدى بدوره إلى مزيد من التركيز على المخاوف من الركود، التي باتت سمة عامة لمعظم تحديثات السوق.وأضاف التقرير: ساهم الانخفاض العام في الإقبال على المخاطر، في ظل اضطرابات السوق وتحدياته، في تعزيز قيمة الدولار الأميركي إلى مستويات لم يصل إليها منذ عقود، وبشكل خاص مقابل اليورو والين الياباني. وتسبب ارتفاع قيمة الدولار بارتفاع أسعار السلع المقومة بالدولار، وبالتالي زيادة الضغوط على مستويات الطلب في مناطق مثل أوروبا، التي تواجه أسعاراً مرتفعة للغاز والطاقة.وبيّن التقرير ان الصين، المستهلك الأكبر لمعظم السلع في العالم، تواجه انتشاراً متسارعاً للإصابات بكوفيد-19، والمزيد من التحديات في قطاع العقارات، مما يؤدي إلى تأخر عملية التعافي والانتعاش، خصوصاً بالنسبة للمعادن الصناعية، التي تراجعت بمقدار الثلث منذ تسجيلها ذروة قياسية في مطلع شهر مارس.
وتمثل التحدي الذي يواجهه الاقتصاد الصيني في تراجع سنوي بنسبة 0.4 في المئة للناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الثاني من العام. وفي حين حافظت بعض السلع على أدائها القوي في ظل ظروف السوق الصعبة، إلا أن انسحاب المضاربين من القطاع، وعمليات البيع من الصناديق المركّزة على الاقتصاد الكلي يمكن أن يسبب مزيداً من الضغط السلبي، إلى أن تستقر مستويات الدولار الأميركي، ويبدأ التضخم في الانخفاض، ما يخفف الضغوط على البنوك المركزية للمحافظة على موقفها الصارم الحالي في تشديد السياسات النقدية.وشدد على أن جميع الأسواق تستمر بالتركيز على ارتفاع التضخم غير المسبوق منذ عقود، ومحاولة البنوك المركزية للسيطرة عليه. ومع انخفاض تكاليف المدخلات مصحوباً بانخفاض أسعار السلع، لايزال القلق مهيمناً على السوق من محاولات البنوك المركزية لإبطاء النشاط الاقتصادي من خلال تشديد الشروط النقدية، ما قد يحدث تدهوراً اقتصادياً يمكن أن يقود إلى الركود. وتتوجه الأنظار حالياً إلى أوروبا، حيث تعود أسعار الغاز المرتفعة بأضرار جسيمة على النشاط الاقتصادي، إلى جانب الولايات المتحدة، التي شهدت ارتفاعاً حاداً ومفاجئاً في مستويات التضخم بنسبة 9.1 في المئة في يونيو، سيؤدي بدوره إلى رفع أسعار الفائدة مجدداً بواقع 75 نقطة أساس في اجتماع اللجنة الفدرالية للأسواق المفتوحة في 27 يوليو. وسجل مؤشر بلومبرغ للسلع الفورية خسائر جديدة للأسبوع الخامس على التوالي، منذ تحقيقه ارتفاعاً قياسياً في مطلع يونيو، قبل رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، مما أدى إلى تعزيز قيمة الدولار الأميركي، وزيادة التركيز على المخاوف من الركود. ووصل مجموع الخسائر إلى نسبة 17 في المئة، في ظل تعرض جميع القطاعات لعمليات تصحيح عميقة وشاملة في الأسعار. وكانت الحصة الأكبر من نصيب قطاع المعادن الصناعية الذي تراجع بنسبة 23 في المئة، تلاه قطاع الطاقة بنسبة 20 في المئة، ثم قطاع الحبوب بنسبة 19 في المئة. كما طال الهبوط قطاع المعادن الثمينة، حيث انخفضت الفضة بنسبة 16 في المئة، والذهب بنسبة 9 في المئة في الفترة ذاتها.وتستمر تداولات النفط الخام (برنت) ضمن نطاق 100 دولار أميركي للبرميل، بعد انخفاضها دون مستوى الدعم الرئيسي عند 97.5 دولارا للبرميل، الذي يقابل 93.5 دولارا للبرميل من خام غرب تكساس الوسيط. وبشكل عام، لم يخسر السوق مكاسبه في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، نتيجة للتركيز على المخاوف من حدوث تباطؤ اقتصادي يؤثر سلباً على الطلب. ويساعد ذلك على تخفيف الشح في العرض، الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل حاد خلال الأشهر الأخيرة. ومن غير المتوقع أن تسفر زيارة الرئيس بايدن للمملكة العربية السعودية عن أي زيادة في الإنتاج، لاسيما في ضوء الانخفاض الأخير للأسعار. وسيواصل السوق تركيزه، على المدى القريب، على الدولار وانتشار كوفيد-19 في الصين، الذي يتسبب بتراجع وتيرة النمو الصيني إلى أدنى مستوياتها منذ تفشي المرض في مدينة ووهان في مطلع 2020.وتبرز العديد من التساؤلات حالياً عن قدرة قطاع الطاقة على الصمود أمام مزيد من عمليات البيع المدفوعة بالمخاوف من الركود. ومازلنا نخشى أن يتم التعامل مع المخاوف من هبوط مستويات الطلب بفرض مزيد من القيود على العرض. إذ ستواجه روسيا مزيداً من التحديات خلال الأشهر القادمة للحفاظ على مستويات الإنتاج الحالية. إضافة إلى ذلك، تقترب عدة دول أعضاء في «أوبك بلس» من طاقتها الإنتاجية القصوى، مع وجود عدد قليل من الدول المنتجة القادرة على رفع مستوى الإنتاج.وتوقع التقرير استمرار التضارب، على المدى القصير، بين المتداولين الذين يركزون على الاقتصاد الكلي ويبيعون النفط من خلال العقود الآجلة وباقي المنتجات المالية كأداة للتحوط ضد الركود، والسوق الفعلية التي تشهد استمرار التشديد الداعم للأسعار، وبشكل خاص بالنسبة إلى خام برنت، حيث يتكلف مشترو البراميل مبالغ طائلة وقياسية تقريباً لقاء التسليم الفوري. ومن جانب آخر، سيتحتم على الولايات المتحدة، في نهاية المطاف، التوقف عن ضخ نحو مليون برميل يومياً إلى السوق من احتياطاتها الاستراتيجية. وبناء عليه، نرجّح أن تستقر تداولات خام برنت بالقرب من مستوى الدعم. لكننا نتوقع، في ضوء التركيز الحالي على المخاوف من الركود، انخفاض التداولات خلال الربع الثالث من العام إلى نطاق 95-115 دولارا.