درب الشوك
![حسن العيسى](https://www.aljarida.com/uploads/authors/25_1682522445.jpg)
كيف يمكن لأي رئيس مجلس وزراء يملك رؤية إصلاحية تقدّمية أن يخرج من دائرتين صعبتين جداً تضيّقان عليه حرية العمل وتسلبانه سلطة اتخاذ القرار من دون وجه حق؟ الأولى هي الدائرة الصغيرة المتمثلة في بيت الحكم، فهناك تطلعات ومنافسات وخلافات بين أهله للتصدّر فوق كرسي السلطة وإزاحة الآخر، وقد تستعمل في صراع المنافسة هذه أدوات غير سويّة وغير مشروعة، ولنا عبرة مُحزنة مع محاولة الراحل الشيخ ناصر صباح الأحمد للإصلاح، ولا يصحّ أن ننساها اليوم أو ننسى كيف حاول الشيخ ناصر أن يصارعها وكيف انتهت اليوم.الدائرة الثانية هي الدائرة الكبيرة للقوى النافذة والانتهازية التي ابتلعت ودمّرت دولة المؤسسات واستقلالها، فغاب عنها الحياد، وأضحت تابعة لمالك المال السياسي وصاحب السلطة غير الظاهرة، هي دائرة فساد متمدد من الأعلى إلى الأسفل، نواب فاسدون لا يمكن محاسبتهم، فهو منتخبون من قواعد شعبية، سلاحهم التهديد بالمساءلة السياسية ـ وكأنه توجد سياسة فعلية - إذا لم تمشِ معاملاتهم التي تتجاوز قواعد القانون، فهناك محسوبيات ووساطات وتنفيعات وغياب لمبدأي المساواة والعدالة في توزيع الفرص. وقد يجد الوزير في وزارته أو المسؤول المهموم بالعدل في دائرة عمله أن هناك بشراً لا يمكنه الاقتراب منهم، وقد تقادموا في مناصبهم وفسادهم لعقود ممتدة، هؤلاء يحجبون عن الوزير المعلومة الضرورية لأداء عمله أو يتلاعبون بها أو يسرّبونها لخصومه السياسيين عبر الإشاعات، ومن خلال «ذبابهم» التابعين في وسائل التواصل، في مجتمع يتآكل من الفراغ الفكري ويجتهد أفراده في الاستقصاء عن أي تفاهات سياسية واجتماعية... ما العمل مع كل هذا الكمّ المريض، ومن أين يبدأ رئيس الوزراء؟!